شراكة إستراتيجية بين"الاحتياطي العام" و"كوفيديس" بـ200 مليون يورو

منتدى التعاون والشراكة بين عمان وإسبانيا ينطلق بمشاركة 90 شركة

- السنيدي يستعرض مجالات الاستثمار المطروحة في السلطنة

- وزير التجارة الإسباني يشيد بسرعة تطور الاقتصاد العماني

الرؤية - نجلاء عبد العال

انطلقت أمس أعمال منتدى التعاون والشراكة بين عمان وإسبانيا والذي تحتضنه مسقط على مدى يومين، بحضور ممثلين عن 40 شركة إسبانية وأكثر من 50 شركة عمانية . وشهد افتتاح أعمال الملتقى معالي الدكتور علي بن مسعود السنيدي وزير التجارة والصناعة، ومعالي رئيس الوفد الإسباني خايمي جارسيا وزير الدولة لشؤون التجارة الإسباني .

وفي كلمته الافتتاحية ثمن معالي الدكتور علي السنيدي الحضور الاستثنائي للوفد الإسباني والذي يضم ممثلين عن 40 شركة إسبانية، تمثل مختلف الأنشطة الاقتصادية، مؤكدا على تشجيعه للصناعيين والمؤسسات التجارية العمانية المشاركة في المنتدى للمشاركة في مناقشات العمل التي تهدف إلى تعزيز الاستثمار والتجارة بين البلدين، وأكد أن ترأس معالي الوزير خايمي جارسيا لهذا الوفد رفيع المستوى هو مؤشر واضح على اهتمام الحكومة الإسبانية لاكتشاف مزيد من فرص العمل للعلاقة الاقتصادية الثنائية القوية بين البلدين الصديقين.

واستعرض معاليه بشكل تفصيلي فرص الاستثمار المتوفرة في السلطنة قائلا إن لدى السلطنة خططا طموحة لتحقيق تنوع اقتصادي عبر التركيز على عدد من القطاعات، مضيفاً أنّ بين البلدين بالفعل مثال جيدًا على التعاون في مجال الاستثمار في قطاع النفط والغاز عبر شركة النفط العمانية في إسبانيا والاستثمار في خط أنابيب النفط صحار-مسقط، كما أنه يمكن توسيع نطاق هذا التعاون من خلال المبادرة الاستثمارية الجديدة لصندوق الاحتياطي العام للدولة نحو إنشاء صندوق مشترك للاستثمار في الشركات الإسبانية التي تهتم بالنمو والخوض في الفرص المتاحة في عمان والمنطقة.

وقال معالي وزير التجارة والصناعة إن عمان تزخر حاليا بالعديد من الفرص في شتى المجالات، ومن بينها الخدمات اللوجستية، الصناعة، وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والتطوير العقاري والسياحة.

وأوضح أنّ الفرص في مجال الخدمات اللوجستية سواء على المدى القصير أو المتوسط أو الطويل متاحة وبوفرة قائلا "نقوم حاليا بعمليات توسعة للمطارات الموجودة في مسقط وصلالة واستحداث ثلاثة مطارات تجارية تتواجد في كل من صحار، والدقم، ورأس الحد وجميعها يحوي العدد من الأنشطة الاقتصادية التي يحتاجها العمل سواء الشحن والتفريغ أو النقل وغيرها، كما يوجد ميناء صناعي جديد ومنطقة تجارة حرة في الدقم وحوض جاف بمستوى عالمي ويحتاج كل منها إلى العديد من الشركات مختلفة الأحجام والأنشطة، وكذلك فإنّ السلطنة تعيد حالياً تهيئة ميناء السلطان قابوس للاستخدام في مجال سياحة وإعادة تجهيز ميناء صحار للمجال الصناعي والعمل في هذه الموانئ جميعا وفيما بينها يحتاج الكثير من الاستثمارات والخبرات التي تمتلك إسبانيا الكثير منها.

كما أشار معالي السنيدي إلى العمل الجاري في إنشاء نظام السكك الحديدية الوطنية، والتي بدورها ستكون متصلة بدول مجلس التعاون الخليجي وهو أيضاً من المجالات التي تمتلك الشركات الإسبانية خبرة ممتازة فيها، وكذلك في القطاع اللوجستي فإن ما تقوم به عمان حالياً في إنشاء مدينة لوجستية جديدة بجنوب الباطنة ووجود ميناء جاف في جنوب الباطنة يجتذب كثيرا من شركات الخدمات.

أما في مجال الصناعة فقال معاليه هناك حاجة للكثير في مجال توسيع وتجهيز مجال صناعة الأغذية وفقا لمتطلبات الاستهلاك الغذائي ليس فقط داخل السلطنة وإنما للتصدير إلى الأسواق المحيطة، وكذلك هناك فرصا استثمارية في مجال معدات البناء والبتروكيماويات وتكرير النفط، وإصلاح وتركيب الآلات، وأيضا يمكن البحث في إنتاج قطع غيار السيارات والسكك الحديدية المرتبطة بقطع الغيار (سواء كانت معدنية أو بلاستيكية) وكذلك الصناعات التحويلية من الألومنيوم والصلب والبتروكيماويات، مشيرا إلى أن السلطنة اصبحت لديها قوة انتاجية في مجال الصناعات التعدينية لكنها مازالت تقف عند مرحلة التصنيع الوسيط ولم تصل بعد لمرحلة وجود مصانع كافية لانتاج المنتجات المعدنية النهائية، معتبرا أن هذه الميزة في وجود الخام من حديد وألمنيوم جاهز للتصنيع يعتبر مغريا للشركات الإسبانية التي لديها تاريخ في الصناعات المعدنية.

وتطرق معاليه إلى الفرص في مجال التطوير العقاري والسياحة، موضحا أن هذه القطاعات تشمل فرص التطوير العقاري المتكاملة بما في ذلك الترفيهية، كما ان تحويل ميناء السلطان قابوس إلى وجهة للسفن السياحية يحتاج إلى شركات سياحية لديها معرفة بنظم سياحة الموانئ وهي متوفرة كثيرا في إسبانيا، وكذلك مازال القطاع يحتاج إلى شركات تدير مسألة تحويل القلاع والمناطق الأسرية لتصبح وجهة سياحية يستفاد منها، وفي مجال السياحة أيضاً عرض معاليه على الوفد الإسباني المساهمة في إدخال مفهوم الفنادق الصغيرة (الموتيل) وفنادق البوتيك خاصة وأنه يمكن أن تكون فرصة لعمل الشركات الصغيرة والمتوسطة العمانية بالتعاون مع الشركات الإسبانية أو بشكل متكامل، إضافة إلى إمكانية التعاون في مجال محلات الهدايا التي يشتريها السياح وآليات جعلها أكثر جذبا للسائح من ناحية وأكثر ربحية لأصحاب المحلات من ناحية أخرى.

وفي مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات قال معالي الوزير إن زيادة النشاط التجاري والعمليات في القطاعين العام والخاص في سلطنة عمان توجد زيادة في الحاجة لأمن الإنترنت خاصة مع تعاظم حجم العمليات التجارية التي تتم عبر الإنترنت، كما أن هذا يرفع من حجم الطلب على حلول لتكنولوجيا المعلومات والخدمات الاستشارية، ويفتح ذلك الفرصة أمام الخبرات الإسبانية العاملة في مجال تكنولوجيا المعلومات وخدمات الدعم مثل مراكز الاتصال، وتجهيز البيانات والأنشطة ذات الصلة، وذلك بالشراكة مع المؤسسات العمانية، ومن أجل تطوير المحتوى عن طريق خريجي الجامعات الموهوبين فإن هناك إمكانية لنقل الخبرات والتدريب من قبل شركات ومؤسسات إسبانية، مشيرا إلى أن هناك تجارب سابقة في إيفاد عدد من العمانيين للتدريب في إسبانيا.

ومن جانبه أشاد معالي وزير الدولة لشؤون التجارة إسبانيا ورئيس ICEX إسبانيا للتجارة والاستثمار، خايمي غارسيا ليجاز بالإنجازات الاقتصادية التي تحققها سلطنة عمان بقيادة حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد - أيده الله- الذي قاد البلاد نحو نهضة تنموية في وقت قصير وبخطوات متسارعة، وقال إنّ هذا المنتدى يعد خطوة كبيرة أخرى في الطريق نحو توطيد العلاقات بين البلدين.

وأضاف أنّ الشركات المشاركة في المنتدى يمكنها معا أن تدرس تفصيليا سبل تقديم خدماتها في تحقيق هذا الهدف وذلك من خلال اجتماعات متخصصة في القطاعات المحددة والتي وضعت وفقًا للقطاعات التي يحتاجها التنويع الاقتصادي المستهدف في السلطنة وما يناسبه من تخصصات في الشركات الإسبانية.

وأضاف وزير الدولة لشؤون التجارة الإسباني "نأتي هنا اليوم مع أفضل تمثيل للخبرة النوعية الرفيعة التي اكتسبتها إسبانيا خلال العقود الثلاثة الماضية حيث واجهنا نفس التحديات التي تواجه عمان في الوقت الحاضر ومنها : الحاجة لربط بلد بأكمله وفي الوقت نفسه تسهيل المزايا النسبية من خلال الاستثمار في البنية التحتية والنقل، والحاجة إلى تطوير شبكة من الشركات المؤهلة وتنافسية قادرة على الاستجابة للتحديات الجديدة استراتيجية التنويع والتصنيع مطالب الحكومة".

وأوضح أن العقد الماضي شهد نموا مطردا وتوطيدا للعلاقات التجارية بين عمان وإسبانيا والتي من المتوقع أن تستمر خلال السنوات المقبلة، فمن حيث الواردات، مذكرا بأن إسبانيا تعد العميل الأوروبي الرئيسي للنفط والغاز العماني في السنوات الأخيرة، وكذلك هي أكبر مستورد أوربي للمنتجات البتروكيماوية شبه المنتجة من عمان. حيث يزداد الطلب على الطاقة في إسبانيا، كما هناك خطط لتطوير صناعة البتروكيماويات في عمان وهما معا من العوامل التي تؤدي إلى تطور الواردات الإسبانية من المنتجات العمانية.

وأشار إلى أنه في ظل الزيادة في عدد السكان والقوة الشرائية في السطنة وكذلك مع نمو القطاعات الاقتصادية فمن المتوقع أن تتزايد الواردات العمانية من السلع والخدمات من إسبانيا في السنوات المقبلة. موضحا أنّه في السنوات العشر الأخيرة تضاعفت الصادرات الإسبانية إلى السلطنة نحو 7 أضعاف، وعلى وجه الخصوص السلع الرأسمالية، وتوقع أن يظل هذا التعاون الأكثر ديناميكية بعد توقيع عدد من الشركات الإسبانية عقودا لتنفيذ مشاريع متعددة في السنوات الأخيرة، وقال "ومع ذلك، لوحظ أيضاً زيادة مستمرة في الصادرات من المنتجات نصف المصنعة. وقد تضاعفت أربعة مرات الصادرات الإسبانية من المواد الغذائية، ويتوقع أنه مع تطوير وتحديث قطاع التجزئة في المنتجات المصنعة سوف تزيد أيضا في المستقبل".

وأضاف نأمل أن تزداد الشراكة المتنامية في مشاريع البنية التحتية والطاقة والمياه والنقل والبناء والتي تستهدفها السلطنة في خططها المستقبلية، مذكرا أنه عند تأسيس المكتب الاقتصادي والتجاري في عام 2008، لم يكن هناك سوى شركتين إسبانيتين فقط تعمل في سلطنة عمان، أما الآن فهناك بالفعل أكثر من 25 يشاركون في مشاريع البنية التحتية للنقل وتحلية المياه ومعالجة المياه، وتكنولوجيا المعلومات والسياحة والطاقة والنفط و الغاز والدفاع، والهندسة، والمواد الغذائية، وغيرها، وأعرب عن سعادته بأن تتعاون إسبانيا بشكل مكثف مع المؤسسات الحكومية العمانية وتقاسم المعرفة في مجالات البنية التحتية والنقل، والمرافق العامة مثل تحلية المياه والطاقات المتجددة (حيث تعد إسبانيا هي الرائدة في العالم في كل من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح) أو إدارة النفايات والسياحة، و كل من هذه القطاعات يمكن أن تقدم إسبانيا فيها خدمات كبيرة وذات جودة عالية استنادا إلى خبرتها الواسعة.

وقال "في نفس الوقت، فإن إسبانيا تتعاون مع السلطات العمانية لتعزيز الاستثمارات الإسبانية في القطاعات الأخرى التي قد تشمل صيد الأسماك، ومواد البناء أو تجهيز الأغذية".

ويضم الوفد الاقتصادي الإسباني 41 شركة تمثل أعلى مستوى الشركات العاملة في مجالات التعمير والبناء والطاقة والبنى التحتية لقطاعات والنقل والهندسة والاستشارات والنفط والغاز، وأنظمة التكنولوجية، ومعالجة المياه والنفايات، إضافة إلى شركات توليد الطاقة من الرياح والشمس، كما يحضر المنتدى عدد من الشركات العاملة في مجالات التجارة الخارجية، والقطاع المالي والخدمات السياحية.

ويشمل المنتدى عددا من الجلسات الحوارية وعروض الفرص الاستثمارية حيث عقدت أمس جلستان حول الفرص المتاحة في السلطنة كما يفسح المجال اليوم للقاءات الثنائية بين أصحاب الأعمال في البلدين.

شراكة إستراتيجية

وعلى هامش المنتدى، وقع صندوق الاحتياطي العام للدولة أمس مذكرة تفاهم مع مؤسسة كومبانيا إسبانيولا دي فينانسياسيون دل ديسارولو (كوفيديس) - المؤسسة الإسبانية الداعمة للاستثمارات الإسبانية حول العالم، لتأسيس صندوق مشترك برأس مال مبدئي يبلغ 200 مليون يورو يهدف إلى تمويل الشركات الإسبانية الراغبة في توسع أعمالها التجارية وتوطين صناعاتها في السلطنة. وقع المذكرة نيابة عن صندوق الاحتياطي العام للدولة سعادة عبدالسلام بن محمد المرشدي الرئيس التنفيذي للصندوق فيما وقع عن مؤسسة (كوفيديس) سلفادور مارين الرئيس والمدير التنفيذي .وسوف يعمل الصندوق -الذي تساهم كل من السلطنة وإسبانيا في رأسماله مناصفة- على تمويل الشركات الإسبانية التي تخطط للتوسع على المستوى الدولي وسيعمل على جذب هذه الشركات إلى السلطنة حيث من المتوقع أن يتم تدشين عمليات الصندوق الجديد بنهاية الربع الثاني من العام الجاري، بهدف إتاحة الفرصة لاستقطاب أولى الاستثمارات مع نهاية العام الجاري 2015. وسيتيح الصندوق المشترك للسلطنة فرصة الاستفادة من الخبرات والمعرفة التقنية التي تتمتع بها الشركات الإسبانية من خلال إيجاد فرص عمل لأبناء السلطنة، والحرص على نقل المعرفة وتوطينها محليا، وتحقيق عوائد جيدة على الاستثمار وتصدير منتجات تلك المشاريع للأسواق الخليجية، وشرق افريقيا، وجنوب آسيا، وجنوب شرق آسيا من خلال التركيز على عدد من القطاعات المهمة كالبنية الأساسية ومواد البناء، والطاقة، والسياحة، والصناعات الغذائية.

وقال سعادة عبد السلام بن محمد المرشدي الرئيس التنفيذي لصندوق الاحتياطي العام للدولة إن هذه الشراكة تعكس عمق العلاقات بين السلطنة ومملكة إسبانيا حيث يأتي التوقيع على مذكرة التفاهم انطلاقا من الاهتمام المشترك لكلا الدولتين لخوض غمار استثمارات استراتيجية جديدة وواعدة تعود بالنفع على كلتا الدولتين. وأضاف أن الصندوق سيعمل على المواءمة بين التقنيات التي تزخر بها الصناعات الإسبانية، والبيئة الاستثمارية المحفزة في السلطنة الأمر الذي من شأنه أن يعزز من جهود تنويع الاقتصاد العماني، والاستفادة من المواد الخام العمانية، والاقتراب من الأسواق العالمية من جهة، ومضاعفة القدرة التنافسية للصناعات الإسبانية في الأسواق العالمية من جهة أخرى.

من جانبه، أعرب سلفادور مارين الرئيس والمدير التنفيذي لـ "كوفيديس" عن سعادته بهذه الشراكة الإستراتيجية بين البلدين وقال إن توقيع المذكرة تؤسس لعلاقة خاصة ومستدامة بين الدولتين الصديقتين كما أنها تعد فرصة لا تفوت للشركات الإسبانية الراغبة في الاستثمار في أسواق إستراتيجية جديدة؛ بما يعمل على تعزيز مركزها المالي.

تعليق عبر الفيس بوك