احتفالية الفيلم الوثائقي, ما بعد الحدث

هيثم سليمان

سيناريست سينمائي وتلفزيوني

Careless7@hotmail.com

تكاد تفصلنا أيام قلائل على انتهاء واحد من أهم واضخم الأحداث السينمائية على أرض السلطنة, احتفالية الفيلم الوثائقي التي تتبناها وتشرف عليها وزارة التراث والثقافة ممثلة في اللجنة الفنية للتظاهرة الإسلامية الكبيرة "نزوى عاصمة الثقافة الإسلامية". وحيث إنني كنت أحد المشاركين وشاهد عيان على جميع مراحل هذه الاحتفالية المهمة ابتداء من خلق الأفكار وصولا إلى تسليم الأعمال إلى للجنة المنظمة, تكاد مشاعر مختلطة تعصف بداخلي وترادوني ألف فكرة ولكن يبقى السؤال الملح الذي يفترض أن يتمخض من وراء هذه الفعالية السينمائية الفنية, ماذا بعد الحدث؟ أجل ماذا بعد انتهاء احتفالية الفيلم الوثائقي؟

وكإجابة لابد أن تحضر على هذا التساؤل, لسان حالي يقول هنا إن هذه الاحتفالية تعتبر بمثابة المشروع صفر أو حجر الزاوية لمشاريع سينمائية وثائقية قادمة. إذ أنّ العصارة المعرفية السينمائية التي توغلت في مخيخ العقول العمانية الشابة المشاركة في هذه الاحتفالية كافية إلى حد بعيد لقيام قاعدة خبراتية مصغرة ينطلق من خلالها صناع الأفلام العمانيون لصنع المزيد والمزيد من الأفلام الوثائقية مستقبلا. ولم تكن الخطة المدروسة والنهج المتكامل اللذين اتبعتهما اللجنة الفنية لنزوى عاصمة للثقافة الإسلامية محض تفكير في الآن واللحظة. فمن خلال العملية التعليمية والتطبيقية الممنهجة التي سارت عليها الاحتفالية منذ انطلاقها وحتى الأن, نستشف وبشكل جلي رغبة الحكومة الملحة في تكوين جسد سينمائي وثائقي على أرض عُمان. جسدٌ قوامه شباب عمان رجالا ونساء لاسيما وهم يرتعون في وطن يرتبط اسمه بالثقافة والفن والموروث العريق أفلا يتوجب حينها أن يكون هؤلاء هم حارسو هذا القالب الحضاري وناشروه في شتى بقاع الأرض؟ ولكن بقاء هذا الجسد السينمائي الوثائقي واستمرار شموخه مرهونٌ بعزائم صناع الأفلام المشاركين في هذه الاحتفالية, إذ يعول عليهم نشر ما تعلموه من خلال احتكاكهم بخبرات عالمية أعطتهم من المعين ما لا ينضب ومن الحب ما لا يتسع لأي قلب حمله. ولقد قالها أجدادنا العمانيون سابقا" يد واحدة لا تصفق", أي نعم المرحلة الجديدة القادمة من عمر السينما الوثائقية في عمان مرهونة بعقول وأرواح الشباب وتقع عليهم المطرقة كما يقع عليهم السندان ولهم فن إدارة الرحى حسب تطلعاتهم وشغفهم وعشقهم للفن السينمائي وليست عمان في مسيرتها الوثائقية بطفل يحبو على قدميه وإنما مسيرة فنية حفلت بالكثير من الأفلام الوثائقية والتسجيلية. ما نرغب به الآن هو إكمال مسيرة العطاء. إكمال الدرب الذي عاهدنا أنفسنا فيه أن نكون على قدر المسؤولية وعظم الأمانة في ظل الركب السامي لأبينا وولي نعمتنا صاحب الجلالة السلطان قابوس المعظم.

وختاما, في نفسي شيء من حتى, وخلف ظهري أحمل الزاد لغدي وعيناي على بوابات وطني ورائحة ترابه تخلق أفكاري لهب. إن كان الممات سجلا حافلا بالعطاء, فليكن سجلي أبيض الكفن ثقيل الحمل لا أورثه إلا لولدي إلا لابنتي إلا لأخي في المجد والترب. هم معيني قبل غياب الشمس وهم عيني حينما تنحل الوعود وتودع الكلمات في أمهات الكتب. فليذكروا في سجلي أنني أعطيت وقتي وفكري لأمّي القلعة وأبي الفلج وجدي العلم في أعلى الرتب. أنا العماني الذي جادت يده الكثير، مبدئي جودة عملي، لا تعرفني الإنجازات بالحسب ولا النسب. خذ مني ما شئت يا وطني, خذ ما استطيع وما لا أستطيع ولكن, ابق لي مكانا بجوارك حيث الشهب.

تعليق عبر الفيس بوك