كانت عاصفة ولم تكن حزما

بدر الشيدي

 

يحكى أنّ في بلادي. بلاد العرب هبّت عاصفة في جنح الليل.. عاصفة مفاجئة لم تتوقعها أجهزة رصد المناخ والتغيرات المناخية.. قال بعضهم إن العاصفة تأخرت وقال بعضهم لكنّها جاءت. لكنّ العاصفة ظلت تدوي وترعد، أمسكت على السماء والبحر.. اقتلعت الأرض والفضاء، العاصفة أمطرت زهورا ولكنّها لما وصلت إلى الأرض كانت ليست كالورد التي وعدوا بها .

في قراءة سريعة وكشف بسيط جدًا لما أحدثته العاصفة ..

القائمون عليها صرحوا بأن المهمة استكملت ونجحت في تحقيق أهدافها مئة بالمئة. وكلنا يتذكر بأن العاصفة يوم انطلقت وضعت أهدافا تسعى لتحقيقها، كلنا يتذكر هذه الأهداف المعلنة في بداية العاصفة، وكان منها إعادة الشرعية المتمثّلة في الرئيس هادي، تخليص الشعب اليمني من ميليشيا الحوثيين الذين انقلبوا على الشرعيّة بالتحالف مع القوات الموالية للرئيس المخلوع علي عبدالله صالح.

ينظر الكثير من المراقبين إلى العاصفة بأنّها لم تحقق أهدافها.. لا الحوثيين توقفوا ولا تراجعوا إلى أوكارهم؛ بل تمددوا أكثر وراحت المدن تتساقط أمامهم حتى وصلوا إلى عقر دار هادي في عدن في أوج أيام العاصفة، كذلك لم ينسحب الحوثيون من مؤسسات الدولة التي استولوا عليها ولم يسلموا الأسلحة. وهادي لا يزال في الخارج يستقبل بعض الضيوف، برتوكولياً على الأقل موجود .في المقابل زادت معاناة اليمنيين ودُمرت البنى التحتية وانقطعت المياه والكهرباء. وقبل هذا وذاك سقط العديد من الضحايا المدنيين كوقود للحرب. كما كانت العاصفة مفاجأة في إطلاقها. كانت أيضاً صادمة عندما أعلن عن توقفها. وعلى عكس الحروب الحديثة التي شنت؛ هذه العاصفة توقفت ولاذ مسؤولوها بالصمت.

ظلّ المراقبون والمهتمون يتخبّطون في سبب التوقف. هل من مبادرة أوقفت العاصفة؟ هل من تدخلات لدول معينة مارست ضغوطًا للأجل ذلك؟

الكثير من المراقبين ذكروا أنّ الأهداف لم تتحقق والمهمة لم تنجز

إن "البيت الأبيض علق على قرار وقف عملية عاصفة الحزم وقال

اليمن مازال يعاني انعداما للاستقرار، وإن المنطقة تحتاج إلى عمل

وقالت جين ساكي، مديرة الاتصالات بالبيت الأبيض: " المسألة أكبر بكثير.. من الواضح أنّ المهمة لم تنجز" سي.إن.إن "الكثير يحمل العاصفة السبب في زيادة تدهور الأوضاع المعيشية والاقتصادية للإنسان اليمني.." هل استطاعت العاصفة فعلا تحقيق ما كان يصبو إليه الشعب اليمني؟

عندما انطلقت العاصفة هلل القوميون الذين وجدوا فيها استعادة للتضامن العربي وانسجامًا كاملا مع مبادئ العروبة الآفلة في الدفاع عن التراب العربي. ظنوا أن قوميتهم بعثت من جديد..

الأمّة المنهكة أصلا والتي أعيتها الحروب التي أصبحت تهدد وجودها. يأتي هذا التهديد من أعداء اختلف العرب نفسهم في تصنيفهم؛ أصدقاء جوار أم أعداء طامعون.. الإسلاميون والعلمانيون والمذهبيون والقطريون والمناطقيون، جميعهم وجد في العاصفة شاردة وواردة لهم. وحده الشعب اليمني ظل يترقب المدد من إخوانه العرب القريبين أو من العرب البعيدين الذين لا يعرف أو يعرفوا عنه شيئا إلا لقاءات عابرة في قمم أو اجتماعات سريعة. وحده الشعب اليمني يعرف ماذا يريد من إخوانه، كان يتمنى أن يأتيه العون منذ زمن طويل، ولكن عندما وصل العون كان مختلفاً.. لم يكن كيفما توقعوه .

يقول قائل. هل العاصفة كانت حازمة؟

الحوثيون يتحركون بكل حرية مدججين بالعتاد والأسلحة الثقيلة.. الشرعية لم تعد ولازالت في الخارج.. الإيرانيون لم يتوقفوا من الخوض في الشأن اليمني.. العملية السياسية لم تعد ولازالت بعيدة المنال..الاوضاع لم تستقر .ولكن في المقابل: ارتفع عدد القتلى وخصوصا من المدنين، دمرت البنى التحتية الضعيفة أصلا، ازدادت حاجة اليمنيين للغذاء والدواء، سقطت عدن في أيدي الحوثيين، الحوثيون لم ينسحبوا من المؤسسات التي استولوا عليها.

العاصفة يلفها الغموض سواء توقفت أم لم تتوقف، من توقف؟ هل العاصفة أو المتحدث باسم العاصفة؟

هل ما تمّ هو تغيير مسمى من عاصفة الحزم إلى إعادة الأمل.. اعتقد أن هناك عاصفة أخرى من الغموض والاستفسارات انطلقت مباشرة.

ويحق لنا أن نتساءل أي صفقة كانت وراء ذلك؟ أو بالأحرى ما الذي استشعر منه؟ أي مبادرة تلك التي أريد لها الكتمان .

عاصفة الحزم.. لعل الاسم كان فخا، أو كما قيل اسم ليس له من الأمر إلا الورطة.

هل من أطلق تلك التسمية كان يتوقع الحزم بسرعة خاطفة؟ نقطة أخري مهمة، هل تدخل اليمن ضمن نظام الحروب والفتن المؤجل الحسم فيها تلك الحروب التي تتوالد وتتناسخ في عالمنا العربي؟

من الخطورة بمكان أن يبقى الوضع كما هو عليه وعلى الشعوب أن ترفع أيديها متظلمة للباري عز وجل، هل يأتي يوم ويردد اليمنيون ونحن معهم ما استشعر به أبوبكر سالم بالفقيه وهو يصيح بأعلى صوته: "كل شيء معقول.. كل شيء مقبول إلا فراقك ياعدن، وهل

يطول فراق عدن..؟

وفي المقابل: هل يطول السفر ولا نصل إلى صنعاء؟

تعليق عبر الفيس بوك