الصوت الانتخابي وسيطرة القبيلة

سالم الكثيري
مع إعلان وزارة الداخلية خبر التسجيل للراغبين في الترشح لانتخابات مجلس الشورى للفترة الثامنة أخذت التجمّعات الانتخابية تتحرك فيما بينها سعيا لضمان أكثر عدد من الأصوات لمرشحيها. وعلى الرغم من أن مؤسسات المجتمع المدني والوسط المتعلم والمثقفين والحقوقيين وغيرهم من النخب يدعون لأن تقوم التكتلات على أساس الكفاءة إلا أن تركيبة المجتمع واقع يفرض نفسه في هذا الجانب بلا منازع.
ورغم أننا لا نتفق مع التوجه الذي يجعل من القبيلة هي الآمرة الناهية والمتحكمة في الصوت الانتخابي إلا أننا من ناحية أخرى لابد وأن نتعامل معه بواقعية تمكننا من استثماره بما يحقق القيمة الفعلية لأصواتنا، أقول بما إنّ الساحة تخلو من أي مسارات أخرى كالأحزاب والدوائر الانتخابية والمهنية وبما إننا لم نستطع كمجتمع حتى اللحظة الفكاك من الإرث العشائري الجاثم على صدورنا حالنا كحال بقيّة المجتمعات العربية فإننا ندعو ألا تنكفئ قبيلة ما على نفسها، وإذا كان ولابد من التكتل لإيصال المرشح وهو حق مشروع فعلى هذه التكتلات أن تكون بمثابة الوعاء الذي يضم كل أطياف المجتمع بعيدًا عن فكرة الإقصاء والأنا، وحقيقة الأمر أنّ هناك كثيرا من النماذج الفعلية التي استطاعت أن تتعامل مع هذا الأمر بإيجابية من خلال وضع آلية واضحة للترشح تمكن الكل من حق المشاركة.

على صعيد آخر لم يبرز المجلس كجهة تشريعية ورقابية ذات شخصية اعتبارية قوية إلا بعد الصلاحيات التي منحت له في العام 2011. والتي أسست للمرحلة الثالثة منه ومتّنت قاعدته لمواجهة المتغيرات المستقبلية. ومما لا شك فيه أنّ مرحلتنا الحالية تختلف عن سابقاتها بكل المقاييس وذلك لما يلازمها من تعقيد على مختلف الصعد الاجتماعية والاقتصادية والسياسية وغيرها؛ الأمر الذي يتوجب على عضو المجلس أن يكون على قدر المسؤولية وعلى دراية تامة واطلاع واسع بمجريات الأمور داخليًا وخارجيًا بحيث يسهم إسهامًا حقيقيًا في معالجة القضايا التي تشكل هاجسًا للحكومة والمواطن معًا، فهو صوتنا الذي يمكنه إيصال أفكارنا وطموحاتنا وآمالانا وأن يشرع لها لتصبح حقيقة على أرض الواقع.

لا بد في النهاية أن نشير إلى ضرورة وعي المجتمع بأنّ دور مجلس الشوري هو دور برلماني، تشريعي ورقابي يقترح القوانين ويؤطر لها ويدفع بها للموافقة من السلطة التنفذية، ولذا فإنّه من الأهمية بمكان أن نعمل جميعًا على تعزيز هذا الدور بعيدًا عن مفهوم الخدمات التي التصقت بالمجلس لضرورات المراحل السابقة المتمثلة في الاحتياجات التنمويّة للولايات والمحافظات وخاصة قبل إنشاء المجالس البلدية التي يفترض أن تقوم بهذه المهمة التي تعتبر من صميم عملها وتخفف من حملها على المجلس، كما يتوجب على وسائل الإعلام أن تتواكب مع مقتضيات الحال وتكرس جهدها لتوضيح المهام الرئيسية المنوط بها المجلس. ومع أنّ هناك لوما موجها إلى هذه الوسائل باختلاف مسمياتها إلا أنّ هناك بعض النماذج التي أظهرت نجاحًا جيدًا في هذا الجانب كالرؤية والزمن من بين الصحف الورقية والبلد الإلكترونية على سبيل المثال لا الحصر، من حيث تسليط الضوء على العمل البرلماني وتناوله من كل زواياه.
في الختام نحن بحاجة إلى مزيد من الطرح والنقاش والحوار حول هذه القضية الوطنية لتحقيق أكبر قدر من النتائج العملية ولعلّ ندوة "مجلس الشورى الواقع والتحديات" التي عقدت الأربعاء 15 أبريل بصلالة تحت رعاية سعادة رئيس مجلس الشورى، وبحضور أعضاء المجلس من محافظة ظفار ومختصين في القانون وغيرهم من المهتمين تمثل النموذج المتميز الذي من شأنه إحداث الأثر الطيب لدى الجميع. فالشكر لمركز الشرق الأوسط للاستشارات والدراسات الاجتماعية على تنظيمه لهذه الندوة ونتمنى أن تحذو المراكز والمؤسسات القانونية والفكرية الأخرى مثل هذا الحذو وذلك لأهمية تعزيز الوعي بكل ما يتعلق بمجلس الشورى من حقوق وواجبات سعيًا لتحقيق أكبر قدر من المشاركة الإيجابية بين كافة أطراف المعادلة.

تعليق عبر الفيس بوك