حيَّ على الفلاح

مريم العدوي

لكلِّ زمن خُطاه التي لا تحيدُ عن خطِّ سير خطى البشرية بالعموم، وفي ظل هذا الزمن المشحون بضيق الوقت ومُتطلبات العصر، بات من الضروري شحذ الهمم من أجل حاضر سعيد ومستقبل واعد، ولم يعد القطاع الحكومي المنفذ الوحيد لأبناء الوطن بل وإيماناً من الحكومة بالشعب كان القطاع الخاص من الركائز الأساسية في اقتصاد البلاد.

فبعد توجيهات جلالته التي صبَّت جلَّ الاهتمام على القطاع الخاص وسلطت الأضواء عليه ظهرت على الساحة الاقتصادية العُمانية الكثير من المشاريع التي تثلج الصدر لأبناء هذا الوطن المبدعين، بل ومن الرائع أن نرى هذه المشاريع في تزايد.

ولقد كان للمؤسسات الكبيرة بعد الحكومة دَوْر كبير فيما قدَّمته من رعاية وحضانة لهذه المشاريع؛ فالجوائز التي تشحذ همم المشاركين نحو إبداع وجودة من شأنها فتح الآفاق لمشاريع أخرى، كما أنَّها تمثل ساحة مضاءة للمشاريع فتظهرها للعلن على النحو المطلوب.

والآن، جاء دَوْر المواطن ليثق بأخيه المواطن، ويتوجه إليه بالاختيار أولاً. إنَّ الوعي الاقتصادي ذو أهمية كبيرة حيثُ يشكل حاجزاً ضد المشكلات التي سرعان ما تتفاقم على الوطن بمجرد حدوث أي مشكلة عالمية، فلا ريب أنَّ مظلة العولمة طالت الاقتصاد وباتت لقمة عيش المواطن رهينة الكثير من التحديات في الخارج والداخل على حد سواء.

لقد كان نداء جلالة السلطان قابوس بن سعيد -حفظه الله ورعاه- بالتوجه نحو القطاع الخاص منذ بواكير العام 1991م حكيماً وواعياً ومتنبئا بما ها هو المستقبل قد جاء به. إن القطاع الخاص والتعمين وخصخصة المشاريع من القواعد الأساسية التي بات الأمن المستقبلي مرتكزا عليها. ومن جانب آخر، بات على المواطن أن يبحث بدوره عن فرصة في الإبداع وتأمين مستقبله من جهة وخدمة وطنه من جهة أخرى وفق ما يمتلكه من مهارات لاستغلال خيرات هذا البلد المعطاء؛ فالمشاريع الصغيرة والمتوسطة أو حتى تلك التي توضع تحت قائمة الأسر المنتجة ذات خير كبير على أصحابها، بل وتشكل نفقاً يفضي بصاحبه إلى نور ورغد عيش، حتى غدت صورة العمل المكتبي والحكومي ليست الوحيدة في خيارات الطالب الجامعي أو صاحب شهادة الدبلوم العام؛ حيثُ إنَّ صورة العمل الحر وما يمنح صاحبه من حرية في الإبداع واستقلال في الإنتاج ووفرة في الربح صورة مطروحة في الخيارات وبقوة. ومن هُنا نقول: "حيَّ على الفلاح" يا أبناء عُمان؛ ففي كل زاوية ستجدون فرصة بانتظاركم فاقتنصوا الفرص وإياكم والبحث عن أريح السبل، فإنَّ في الدعة والراحة حرمان من خير وفير. واليوم بات باب العمل الحر مفتوحا على مصراعيه ولا يحتاج سوى إلى نية وثقة وتخطيط، فلم يعد المكان ولا الإمكانيات هي المشكلة، وذلك بفضل وسائل التواصل الاجتماعي التي جعلت من البعض -بل والكثيرين- يسوِّقون لمنتجاتهم وأفكارهم لأبعد مما كان من الممكن تصوره.

يقول جلال الدين الروميّ: "ابدأ كما أنت، وكن كما تبدو"، وهذا أيضا ما نقوله لمن ينشد بداية عمل حر جديد؛ فالبدايات البسيطة هي التي تقود للخطوات المتسعة، ومن ثم للقمم الشمَّاء، فلست بحاجة إلى مكتب فخم ولا إلى إمكانيات تناطح السحب لتنجح فيما تصبو إليه؛ فالنجاح لا يتعلق بالأمكنة ولا الأزمنة ولا حتى بالإمكانيات مثلما هو مربوط بالثقة والتخطيط والعزم والإرادة.

لكم يفرح القلب الشباب الذين اتخذوا من خيرات هذا الوطن سبيلاً لرزقهم، وفي كل ناحية من هذا الوطن خير وفير؛ فمن السياحة التي هي حقاً تُثري لمن جدّ في رزقه بواسطتها إلى الزراعة وهلم جرا من المجالات التي من الممكن أن تستغل فيها الطاقات لتصبح فرصة عمل ومصدر دخل لصاحبها. ومن زاوية أخرى، فإنَّ الحكومة -متمثلة بالكثير من الفرص التي تمنحها للمواطنين- تدعم وبقوة هذه المشاريع، فمن مشاريع سند إلى بنك الرفد والعديد من السُبل التي ترحب بالمواطن متى ما عزم على فتح مشروعه الخاص، إيماناً من الحكومة بالمواطن أولاً وبأهمية القطاع الخاص ثانياً.

لقد وصل الإنسان العُماني إلى الهند والسند منذُ عصور قديمة في رحلة بحثه عن حياة أفضل ومصدر رزق ولم يتوانَ أو يتخاذل أو يتقاعس باسم الفرص التي لم تأتِ أو بعذر الإمكانيات غير الكافية أو المتوفرة، ولنا به خير قدوة ومثال.

تعليق عبر الفيس بوك