عقاريون ومختصون: استغلال 38% فقط من الأراضي المخصصة للاستثمار السياحي بمحافظة مسقط لا يتسق مع توجه تطوير السياحة بالسلطنة

برهام: معظم المواقع السياحية المميزة عليها عقود استثمار "غير حقيقية"

سنجور: تجميد الأراضي يتسبب في شح الخدمات السياحية

اللواتي: يجب أن تكون هناك خارطة للاستثمار السياحي على طاولة كل مستثمر

الرؤية- أحمد الجهوري

استغرب عدد من العقاريين والمختصين بالتطوير العقاري والسياحي أن تكون نسبة استغلال الأراضي المخصصة للاستثمار السياحي بمحافظة مسقط 38% فقط .. وقالوا إنّ هذه النسبة الضعيفة لا تتسق مع توجه الحكومة نحو تطوير وصناعة السياحة بالسلطنة في ظل الحاجة إلى تنويع مصادر الدخل..

وطالبوا في معرض تعليقهم على ضعف استغلال أراضي الاستثمار السياحي، بتحديد ورسم خارطة للفرص الاستثمارية السياحية بالسلطنة والوقوف مع الجهات المعنية على التحديات والمعوقات التي تؤدي إلى انخفاض نسبة استثمار هذه الأراضي، والخروج بتصور واضح للكيفية المثلى للاستثمار والتطوير السياحي في المرحلة المقبلة.

وأشاروا إلى أنّ بعض المواقع السياحية المميزة عليها عقود استثمار غير حقيقية حيث يضطر المستثمر الحقيقي إلى إدخال المالك الأصلي للأرض (والذي هو في الواقع غير مستثمر) كشريك وذلك لأنه يملك الأرض فقط، لافتين إلى ضرورة وضع حلول لمثل هذه الإشكاليات التي تعوق تطور القطاع السياحي.

حيث قال المهندس عبد الرحمنعوضبرهام الرئيس التنفيذي لشركة المدينة العقارية: في حقيقة الأمر لا ندري أين الخلل في القطاع السياحي، هل في المستثمرين أم في القطاع الخاص بسبب تحفظه عن الاستثمار وتجنب المغامرة، حيث إنّ مُعظم الشركات العالمية عندما تتنافس على الدخول إلى السوق فإنها تقيس جدوى القطاع إذا كان مغرياً للاستثمار أو غير ذلك، ولا يوجد مستثمر في العالم يقوم بمخاطرة غير محسوبة، وذلك في إطار السعي لحقه المشروع للحصول على الربحية، كما أنه لا يستثمر لأهداف تنموية، والحكومة هي الوحيدة التي تستثمر لأهداف تنموية بحتة..

وأضاف: ينبغي أن يكون هذا هو المقياس فيما يتعلق بأن القطاع السياحي بالسلطنة مجدٍ للاستثمار وله عوائد مجزية، وإذا كانت الإجابة لا فهذه دلالة على أن هناك مشكلة، يجب التوقف عندها وتذليلها لتحويل القطاع إلى ناجح استثماريًا وإلا لن نجد مستثمرين لا داخليًا ولا خارجيًا، كما أنّ هناك أسبابًا أخرى للمشاريع غير المربحة وهي التكاليف الباهظة.

وزاد المهندس عبد الرحمنعوضبرهام: إن الأراضي إذا كانت في مواقع جيدة ولكنها محجوزة لأشخاص معينين، فإن الأمر يستوجب دفع مبلغ قيمة لاستئجار الأرض وهذا بدوره سوف يرفع من كلفة المشروع، وهذا هو الحاصل على أرض الواقع حيث إنّ معظم المواقع السياحية المميزة عليها عقود استثمار غير حقيقية مما يضطر المستثمر الحقيقي إلى إدخال المالك الأصلي للأرض (والذي هو في الواقع غير مستثمر) كشريك وذلك لأنه يملك الأرض فقط، وهذه الأمور تعتبر من القضايا المهمة والتي يجب معالجتها بشفافية من أجل تطوير القطاع.

وتابع برهام: أن الوزارة المعنية لا تستطيع سحب الأراضي لوجود عقود قانونية والتي يؤيدها القضاء، كما أن هناك أحيانًا إشكاليات أخرى بسبب سوء إدارة القطاع من الأساس والذي بني على أسس غير صحيحة، واليوم نعايش الخلل الذي أصاب القطاع بسبب إجراءات الاستثمار في الأيام الأولى لإنشاء الوزارة المعنية وإعطاء فرص الاستثمار على أسس غير صحيحة، ولم تكن وفق عقود صارمة بتحديد وقت زمني كان سنة أو سنتين أو أكثر وفي حالة لم تستغل الأرض في تلك الفترة تسحب الأرض بغض النظر عن حجم الاستثمار الذي قام به من دراسات على أرض الواقع، وفي ظل غياب كل هذا، نتج واقع تدني وانخفاض نسبة الأراضي السياحية المستغلة بمحافظة مسقط.

خريطة هيكلية للسياحة

واستطرد برهام: كما أنه وللأسف لا توجد لدينا خريطة هيكلية لقطاع السياحة على مستوى السلطنة وتحديد المواقع السياحية بكل منطقة أو مدينة رئيسية أو ولاية والذي كان من المفروض أن يتم تحديدها لمدة 30 سنة مقبلة مثلا على أن يتم العمل فيها بالتكامل مع بناء البنى الأساسية وإنجازها بحيث تخدم القطاعات الاقتصادية المختلفة وأن يشكل كل مشروع في موقعه قيمة مضافة، وهذا من الواجبات المستعجلة التي ينبغي أن توليها وزارة السياحة اهتمامها.

ومضى برهام قائلاً: وفيما يتعلق بمنح الأراضي فإن هناك تعقيدا لسببين أولهما: عدم جدية بعض المستثمرين الذين تم تخصيص الأراضي السياحية لهم، والشيء الآخر عدم تمكن المستثمرين الجدد الجادين من الحصول على الأراضي وبذلك أضاع من حصل على الأرض في البداية وهو غير جاد الفرصة على الشخص الجاد والذي يسعى للاستثمار..

وقال: ونحن في شركة المدينة العقارية تقدمنا لأكثر من جهة لديها أراضٍ ولكن لم نحصل على فرصة، وأحيانا تحدث مزايدات ولكن على أراضٍ ذات مساحات صغيرة تتراوح بين 2000 إلى 5000 آلاف متر، وهذا غير مجد للاستثمار لأن مثل هذه المساحات من الممكن الحصول عليها عن طريق الشراء وامتلاكها ولا داعي لأن نقوم باستئجارها.

وأضاف: لقد حبانا الله ببلد جميل ومتنوع، حيث الشواطئ الجميلة والجبال الباردة ومنها مصيف الجبل الأخضر والذي يبعد 100 كيلومتر عن محافظة مسقط، وفي أقصى الجنوب نجد خريف صلالة بفصل الصيف، كما لدينا تنوع بيئي عجيب ولدينا تاريخ وتراث عريق، وقلاع وحصون والكثير من العوامل التي بالإمكان أن تكون عامل جذب كبير للسلطنة.

تجميد الأراضي

من جانبه قال الدكتور سعود بن عبد الكريم بن سنجور البلوشي رئيس المعهد الدولي لعلوم السفر والسياحة: لقد ترقبنا منذ فترة توزيع الأراضي السياحية لغرض التطوير السياحي وإقامة المنشآت والمرافق السياحية إلا أنني تعجبت من تجميد بعض هذه الأراضي وكما يبدو فإنّ بعض السماسرة قد استخدموا شتى الطرق للاحتفاظ بأكبر عدد من الأراضي البيضاء لغرض المتاجرة بها بغض النظر عن نوعية وأهمية هذه الأراضي من ناحية التطوير السياحي والعمراني.

وأضاف: وكما هو سائد الآن فإن المرافق السياحية التي أتت بعد تلك الفترة من التوزيع التشجيعي من قبل الحكومة لهذه الأراضي وكان الغرض منها إقامة مرافق سياحية بقصد سد النقص الشديد في بيوت الإيواء بالنسبة للسياح إضافة إلى إقامة المتنزهات والمرافق الخدمية السياحية الأخرى، إلا أن قرار وزارة السياحة أتى في وقت مبكر نوعاً ما - حيث إنّ تجميد هذه الأراضي تسبب في تأخر التقدم السياحي وشح الكثير من الخدمات السياحية كبيوت الإيواء التي يجب أن تكون في متناول السائح ناهيك عن استخدام فئة من الناس لهذه الأراضي فقط للمضاربة بأسعارها للبيع والشراء، وكنت قد تمنيت وتطرقت في الماضي إلى أن جميع أنواع الأراضي الخدمية (غير الأراضي السكنية) يجب ألا تملك لأفراد أو أشخاص وإنما يجب أن توضع فقط للاستثمار ولمدد معينة من السنوات مع وضع اشتراطات لطريقة استخدام هذه الأراضي، فعلى سبيل المثال إذا كانت الأرض سياحية فعلى الحكومة أن تحدد أن هذه الأرض مخصصة لفندق وتحدد درجته وعلى ضوء الشروط تعطى للمستثمر وإذا تخلف عن الوفاء بأحد الشروط يكون من حق الدولة استرداد هذه الأرض وإعطائها لمن هم على استعداد لتطويرها، وهنا أيضاً يجب أن يكون مطابقا للأراضي الصناعية والتجارية والزراعية، حيث إننا في السلطنة لدينا مقومات متعددة وإمكانيات متاحة وسوق شديدة الخصوبة وبها شح شديد من ناحية الخدمات ومن أهمها الاكتفاء الغذائي ثم سد العجز في بيوت الإيواء والمرافق السياحية فإذا أردنا أن نستهدف السياح فيجب أن نرتقي بخدماتنا وفنادقنا ومرافق الإيواء لهؤلاء السياح لكي نكون وجهة سياحية عالمية رابحة.. خاصة في ظل حقيقة أن السياحة في بعض دول العالم أصبحت من مصادر الدخل القومي المهمة ..

ورأى سنجور ضرورة سحب الأراضي التي لم تستغل وإعطاء الفرصة للمستعدين لاستثمارها.

خارطة سياحية

من جهته قال علي مال الله حبيب اللواتي رئيس مجموعة الحبيب: أرى أن يقام مؤتمر تعرض فيه الأراضي السياحية ليتعرف من خلالها المستثمرون على فرص الاستثمار فيها، وإن كان غير ذلك يجب على الجهة المعنية أن تبادر بزيارة الشركات الكبرى التي تعمل على الاستثمارات لعرض ما لديها من فرص للاستثمار الحقيقي، والتي من خلالها سوف يتعرف المستثمرون على الجدوى الاقتصادية قبل الشروع بإقامة مشاريعهم بتلك الأراضي، واستغرب تحديد المواقع السياحية بـ 61 أرضا سياحية، حيث إن هناك فرصاً أخرى مثل الأسواق القديمة أو البنايات القابلة للاستثمار والتأهيل السياحي.

وتابع: إن استغلال 38% فقط من إجمالي الأراضي المخصصة للاستثمار السياحي بمسقط، نسبة قليلة خاصة في بلد مثل السلطنة تسعى إلى تطوير وصناعة السياحة، ولعل البيروقراطية هي أحد الأسباب الرئيسية في تأخر القطاع السياحي أو غيره وليس من الإنصاف أن نعتبر وجود المستثمرين ورأس المال هو السبب الرئيسي.

واختتم بأنه يجب أن تكون هناك خارطة سياحية من وزراة السياحة موجودة على طاولة كل مستثمر بالسلطنة، حيث إن معظم المستثمرين يعانون من غياب تلك الخارطة والتي يمكن أن تسهم في تعريف المستثمرين بالمشاريع الاستثمارية.

تعليق عبر الفيس بوك