المجتمع يساهم في زيادة ذوي الاحتياجات الخاصة بإصراره على ظاهرة زواج الأقارب

رَصَدت التجربة - مدرين المكتوميَّة

لأنَّ فقدان القدرة على السمع والنطق يحرم الإنسان من أهمِّ حُقوقه في التعبير عن نفسه واحتياجاته، والتواصل مع مَنْ حوله في مُختلف المواقف، تُعدُّ فئة الصم من أكثر فئات ذوي الاحتياجات الخاصة معاناة، خصوصا إذا كان المجتمع المحيط بهم لا يهتم لتعلم لغة الإشارة، فضلا عن إصرار بعض المجتمعات المنغلقة على التمسك ببعض العادات التي تزيد من معدلات انتشار تلك الإعاقات بين الأجيال الجديدة، وفي مقدِّمتها زواج الأقارب؛ حيث أثبتت الكثير من الدراسات الطبية دَوْره في انتشار تلك الإعاقات وزيادة معاناة الأجيال الجديدة.

ويقول "س.ع": إنَّ الكثيرَ من الأمراض والإعاقات ترجع لأسباب وراثية في ظلِّ انتشار ظاهرة زواج الأقارب في المجتمعات العربية على وجه خاص، ضاربا المثل بأسرة تربطه بها صلة قرابة في إحدى القرى التابعة لصحار، والتي لا تزوج فتياتها من خارج القرية، وهو ما ساهم في انتشار الكثير من الأمراض بين عائلات كاملة.. ويُؤكد أنَّ تلك الأسرة تتكوَّن من 7 أفراد بينهم 2 فقط من الأصحاء، والخمسة الباقون يعانون أمراضا مختلفة، بينها الاضطراب العقلي وفقدان القدرة على النطق أو السمع؛ مما حرم أبناء الأسرة القدرة على التواصل فيما بينهم أو الاندماج في مجتمعهم المحيط، فضلا عن صعوبة إلحاق الأبناء بأي مراكز متخصصة للتعامل مع إعاقتهم؛ نظرا لأنهم يقطنون قرية بعيدة عن العمران.

ويوضِّح "س.ع" أنَّ مُستقبل الأسرة بتلك الإعاقات صار غامضا؛ حيث إنَّ الأطفال لا يتعلمون أي وسيلة للتواصل، ولم يلتحقوا بأي جهة دراسية حكومية أو خاصة؛ مما يُفقدهم أيَّ فرصة لضمان حياة كريمة في المستقبل في ظل انفصالهم عن المجتمع المحيط، خاصة وأنهم يعيشون في مجتمع منغلق على نفسه، وينتمون لوالدين غير مُتعلمين، ومن ثمَّ لا يُدركون ما يجب عليهم فعله لإنقاذ مستقبل أبنائهم الذين باتوا مثارا للشفقة بين أبناء القرية؛ حيث إنَّهم يتجولون في شوارع القرية بشعر أشعث وملابس مهترئة وأجساد أعياها المرض.

ويُشير "س.ع" إلى أنه على الرغم من تكرار تلك النماذج في العديد من القرى التي تصرُّ على زواج الأقارب، إلا أنَّ كبار العائلات يتمسَّكون بتلك العادات، مُتجاهلين ما ينتج عنها من أمراض أكثرها انتشارا فقدان القدرة على السمع والنطق.. لافتا إلى أهمية أن تقوم الجهات الحكومية والخاصة بتنظيم حملات توعوية في تلك القرى البعيدة لتبصير العائلات بالآثار الطبية لتلك العادات، ودَوْرها في إصابة الأجيال الجديدة بأمراض كثيرة تزيد من معاناتهم مستقبلا.

وعن أشد المشاهد قسوة في مأساة تلك الأسرة، يقول "س.ع" إنه أحيانا ما يرصد مواقف استهزاء البعض بإعاقة هؤلاء الأبناء؛ ومنها طلب أحد أبناء القرية من المضطرب عقليا أن يجلب له شيئا من صندوق القمامة، فضلا عن أنه يُناديه بـ"المجنون"، وهو ما دفعه إلى ضرب من فعل ذلك حتى لا يكرر فعلته.

ويضيف "س. ع" إن هذه الفئة من الأطفال أو المراهقين الذين يعانون من الإعاقة ويحرمون من القدرة على التعبير عن أنفسهم واحتياجاتهم وآلامهم يحتاجون إلى دعم مجتمعي يتمثَّل في توفير فرص تعليمية وصحية، والبحث عن حلول سريعة لتأهيلهم ومساعدتهم على الاندماج في المجتمع وتعليمهم لغة الإشارات وإلحاقهم بالمدارس، وتوفير فرص العمل لهم لتوفير حياة كريمة لهم ولأسرهم.

تعليق عبر الفيس بوك