كم خبيرا فنيا نحتاج لأسواقنا؟

سيف بن سالم المعمري

saif5900@gmail.com

ساهمت الهيئة العامة لحماية المستهلك بجهود ملموسة في رفع مستوى وعي المجتمع بحقوقه وحمايته من السلع المقلدة والمغشوشة منذ إنشائها بموجب المرسوم السلطاني (26/2011م) الصادر في فبراير 2011م، والذي توج بإصدار قانون حماية المستهلك بموجب المرسوم السلطاني رقم (66/2014م) الصادر في نوفمبر 2014م والمتضمن 6 أبواب و49 مادة قانونية، وبدأ العمل بأحكامه في الأول من مارس الماضي.

ولقد كان وعي المجتمع بحقوقه ومعرفته بكل ما يتعلق بالسلعة أو الخدمة التي يحصل عليها من المزود وإثبات حقه أكبر التحديات التي واجهت المعنيين بالهيئة خلال الأعوام الأربعة الماضية، إلا أن الرؤية الواضحة للهيئة وتكثيف الجهود من خلال البرامج المتنوعة كالتوعية عبر وسائل الإعلام المختلفة والمنشورات والمطويات والندوات والمحاضرات والمعارض التوعوية والتطبيق الخاص بالهيئة في الهواتف الذكية ونحوها، كلها عوامل عززت من دور الهيئة في حماية حقوق المستهلك ووضع حد للتجاوزات التي تصدر من المؤسسات المزودة للخدمة.

وفي الجانب الآخر بدأ بعض مزودي السلع أو الخدمات يستشعرون هذا الوعي المجتمعي وسعوا لتكون الربحية غايتهم المثلى دون الاكتراث لحقوق المستهلك والمسؤولية المجتمعية، وكان الالتفاف على القوانين والأنظمة المنظمة لحقوق المستهلك نهجهم المستمر.

ولدي نماذج عملية كثيرة على التفاف مزودي السلع أو الخدمات في أسواق السلطنة على حقوق المستهلك إلا أنني سأكتفي بذكر موقف حدث لي خلال الأيام القليلة الماضية بعد أن أقدمت على إحدى الوكالات لبيع السيارات والإطارات الجديدة بالبريمي، حيث قمت باستبدال إطارات مركبتي القديمة بأخرى جديدة من تلك الوكالة وهي تبيع إحدى أفضل الماركات العالمية المعروفة للإطارات، حيث استبدلت 4 إطارات جديدة في التاسع من ديسمبر الماضي وتعهد لي مزود السلعة بالضمان لمدة خمسة أعوام تتضمن تحمل المزود انفجار الإطار أو أي تلف ناتج عن عيوب في التصنيع، مع عدم تحمله للصدمات أو سوء الاستخدام.

وبعد مضي أربعة أشهر فقط اكتشفت انتفاخًا في الجبهة الخارجية للإطار في الخامس من الشهر الحالي، وقمت بمراجعة مزود السلع حاملا معي الضمان، وفي بداية الأمر قال لي: إنّ هذا ليس عيبًا فنيًا بل سوء استخدام، ومن ثم قال: لا بأس يمكنك نقل الإطار من أمام السيارة إلى الخلف، ومن ثم قام بفحص الإطار والتقط عدة صور، وطلب مني مراجعته في اليوم التالي لاستلام التقرير والذي جاء فيه أن الإطار غير صالح للاستخدام وإن الانتفاخ ناتج عن سوء استخدام وليس خلل فني معللا سوء الاستخدام بالصدمة والتي رفضتها جملة وتفصيلاً وقال لي: ربما تكون الصدمة بسيطة وقد تكون لم تشعر بها إلا إنها تؤثر في الإطار وتتسبب في الانتفاخ.

فتوجهت إلى إدارة حماية المستهلك بالبريمي وأبلغتهم بعزمي تقديم شكوى ضد مزود الإطارات، لكن ما أدهشني قول الموظف المختص: إنّ التقرير الصادر عن مزود السلعة (الإطار) هو المعتد به وليس لدينا ما ينفي صحة تقريره إلا إذا كان لديك المجال لعرض الإطار التالف على فني متخصص معتمد بالسلطنة ويثبت لك أن الإطار فيه عيب فني فستضمن لك الهيئة إلزام مزود الإطار باستبداله وفق الأنظمة المتبعة، أو تقديم طلب الاستعانة بالخبير الفني للهيئة والذي لا يوجد إلا في مقر الهيئة بمسقط ويتطلب حضوره دفع رسوم تتكفل بها أنت في حال عدم إثبات الخلل الفني في الإطار ويتكفل بها مزود الإطار في حال تم إثبات الخلل الفني ولا يوجد غير ذلك.

فسألته وكم تساوي رسوم الخبير الفني؟ قال لي: المبالغ متفاوتة وربما تصل إلى 300 ريال، فتعجبت من هذا الإجراء والذي لا يضمن الحق إلا لمزود السلع فكيف يمكن أن أدفع 300 ريال للتأكد من أحقيتي في استبدال إطار تبلغ قيمته (44.5) ريال فقط، علمًا بأنه لو ثبتت أحقيتي في الاستبدال سيقوم مزود الإطار باحتساب درجة الاستعمال، بمعنى آخر سيتم اعتماد ما يسمى بنظام مقياس العمق الباقي من مطاط الإطار، ورسوم التركيب والميزانية وبقية الخدمات ستكون على عاتق المستهلك، وفي حال كان التقرير الفني ضد مزود السلعة (الإطار) سيجري المزود عملية الاحتساب ولن تصل قيمة ما يستحقه المستهلك من هذا الإطار سوى اليسير بمعنى آخر لو نقص من قيمة الإطار 20 ريالا فيتطلب من المستهلك دفع مبلغ 22.5 ريال لاستبدال الإطار الجديد وبالتالي استطاع المزود الالتفاف على القانون وتغلب على حقوق المستهلك!

وهل يعقل أن يكون الإطار وهو من أكثر قطع السيارة ملامسة للأخطار ومفاجآت الطريق من الحفر والمطبات والحرارة والرطوبة والضغط والحمولة وغيرها أن تكون صدمة- حتى لو لم تشعر بها حسب إفادة مزود الإطار- بسيطة تؤثر في تلف الإطار المضمون 5 أعوام وما حقيقة أعوام الضمان الخمسة؟ ففي حال انفجار الإطار بعد أربعة أعوام ونصف مثلاً هل سيدعي مزود السلعة بأن الإطار تأثر بالحرارة وطول الاستخدام فانفجر؟!!

ترى هل نحن بحاجة إلى إطارات ناعمة لتمتص الصدمات، أم لأرصفة ناعمة لتمتص خشونة الإطارات؟ وهل نحن بحاجة لهيئة مستقلة يتوفر فيها خبراء فنيون يكونون محايدين بين مزود السلعة أو الخدمة وبين المستهلك، وكم خبيراً فنياً نحتاج لأسواقنا؟.

تعليق عبر الفيس بوك