مسقط - الرؤية
قالت كريستسن لاجارد، مدير عام صندوق النقد الدولي، في الكلمة التي ألقتها أمام المجلس الأطلنطي أنّه ينبغي لصناع السياسات العمل معًا لتسريع وتيرة التعافي وتحقيق مزيد من النمو الآن وفي المستقبل للحيلولة دون ازدياد رسوخ الفترة المطولة من النمو المنخفض، وأكدت لاجارد أنّها "حذرت منذ ستة أشهر من خطر الانزلاق إلى أداء "باهت جديد" - أي استمرار النمو المنخفض لفترة طويلة. واليوم، يجب أن نمنع هذا الأداء الباهت الجديد من أن يصبح هو "الواقع الجديد".
وأضافت لاجارد في الكلمة التي ألقتها قبل انعقاد اجتماعات الربيع المشتركة للصندوق والبنك الدولي في واشنطن خلال الفترة من 17 وحتى 19 أبريل، إنّه في غضون الفترة منذ انعقاد الاجتماعات السنوية في شهر أكتوبر الماضي استفاد - خلال الفترة من الاقتصاد العالمي انخفاض أسعار النفط ومن قوة الأداء في أكبر اقتصاد على مستوى العالم، وهو اقتصاد الولايات المتحدة. وهكذا تستمر مسيرة التعافي العالمي، ولكنه تعافٍ محدود وغير متوازن".
وقالت إن "التحدي الذي يواجه صناع السياسات على مستوى العالم يتمثل في الجمع بين السياسات اللازمة لإعطاء دفعة للنمو اليوم مع السياسات التي تعزز آفاق الغد". وأكدت المدير العام أنه على الرغم من أن النمو الكلي ليس سيئا - إذ بلغ 3.4 % في العام الماضي، وهو مستوى مقارب لمتوسط الثلاثة عقود الماضية - فإنه لم يصل إلى مستوى جيد بالقدر الكافي". وحثت صناع السياسات على المضي قدما في الإصلاحات اللازمة.
لاجارد: التحدي الذي يواجه صناع السياسات على مستوى العالم يتمثل في الجمع بين السياسات اللازمة لإعطاء دفعة للنمو اليوم مع السياسات التي تعزز آفاق الغد).
وعن مخاطر عدم بذل الجهد اللازم، استشهدت لاجارد بالرئيس جون كنيدي وحذرت قائلة إن "ما يجب تجنبه هو المناخ المريح الذي يتيحه اللافعل". وقالت لاجارد إن النمو لا يزال محدودا - بمعدلات تقارب معدلات العام الماضي. وتحقق الاقتصادات المتقدمة أداء أفضل بقليل من العام الماضي وهناك تحسن في الآفاق المتوقعة لمنطقة اليورو. لكن التنبؤات لمعظم الاقتصادات الصاعدة والنامية أسوأ بقليل من العام الماضي، مما يرجع أساسًا لانخفاض أسعار السلع الأولية. غير أنّ لاجارد ذكرت أنّ "هناك تنوعا كبيرا في حالات البلدان ضمن هذه المجموعة".
ومع النمو الكلي المحدود، لا يزال الاقتصاد العالمي يواجه عددا من التحديات الجسيمة؛ منها المخاطر الاقتصادية الكلية، حيث يظل عدد من الاقتصادات المتقدمة معرضا لمخاطر انخفاض النمو والتضخم وارتفاع الدين والبطالة. وينبغي لهذه البلدان استخدام سياسات الطلب لرفع معدلات النمو اليوم. وثمة حاجة لاستمرار التيسير النقدي- وخاصة في منطقة اليورو واليابان- وينبغي تحسين ضبط سياسة المالية العامة تبعا لقوة التعافي . أما عن المخاطر المالية المحيطة بالاستقرار المالي العالمي فإنها في ارتفاع مستمر وتنتقل في نفس الوقت إلى مواضع أخرى - كأن تنتقل من البنوك إلى المؤسسات غير المصرفية، ومن الاقتصادات المتقدمة باتجاه الأسواق الصاعدة بدرجة أكبر. وللتصدي لهذه المخاطر، على المستوى الدولي، فإن هذا يعني ضمان سيولة السوق في فترات الضغوط، وتحسين سياسات السلامة الاحترازية الكلية والجزئية للمؤسسات غير المصرفية، وإنجاز جدول أعمال الإصلاحات التنظيمية. وعلى المستوى القُطْري، يعني الحد من الإفراط في المخاطرة وإدارة مواطن الضعف القائمة.
وأشارت لاجارد إلى استمرار تراجع النمو الممكن في كل من الاقتصادات المتقدمة والصاعدة، ويُعزى هذا التراجع في الأساس إلى الآثار المتبقية منذ الأزمة المالية. ويعني هذا أيضًا ضرورة أن تسير الإصلاحات الهيكلية بالتوازي مع السياسات المالية والاقتصادية الكلية حتى يتسنى تعزيز الثقة وتوليد الاستثمارات.
وذكرت لاجارد أنّ بعض الإصلاحات الهيكلية يستغرق وقتا أطول حتى يؤتي ثماره، بينما بعضها الآخر تأثيره أسرع على الطلب. وأضافت قائلة إن "بحوثنا تشير إلى أن إعطاء دفعة للاستثمار الكفء في البنية التحتية يمكن أن يشكل زخما قويا للنمو على المديين القصير والطويل".
وعن أبحاث الصندوق الأخيرة التي تصف مختلف الأولويات والمنافع المتوقعة في مجالات نمو الإنتاجية، والمشاركة في سوق العمل، والتجارة. قالت: أولا، يتطلب التصدي لتراجع نمو الإنتاجية في الاقتصادات المتقدمة تخفيض الحواجز أمام دخول أسواق المنتجات والخدمات. ثانيا، إزالة الحواجز أمام مشاركة القوى العاملة هي مسألة أساسية لمعالجة عدم المساواة وضمان النمو واسع النطاق. ثالثا، هناك مكاسب عالمية هائلة يمكن تحقيقها من زيادة الإصلاح والتكامل في المجال التجاري.
وأكدت كريستين لاجارد الحاجة إلى نظام متعدد الأطراف يتسم بالانفتاح والمرونة للاستفادة من المزايا الوطنية والمساهمة في تجنب عدم الاتساق الذي يمكن أن يولد تداعيات سلبية. وأشارت إلى ضرورة إعطاء بلدان الأسواق الصاعدة والبلدان النامية وزنا أكبر وصوتا أعلى في المؤسسات الاقتصادية العالمية - بما يعكس الواقع الجديد لمساهماتها ومسؤولياتها تجاه الاقتصاد العالمي. ودعت لاجارد الكونجرس الأمريكي للمصادقة على الموافقة على إصلاحات عام 2010 لنظام الحصص والحوكمة في الصندوق حتى تدخل هذه التدابير حيز التنفيذ.
وقالت لاجارد إنّ هناك إصلاحًا آخر لتعزيز البنيان المالي الدولي يتمثل في زيادة دور حقوق السحب الخاصة كأصل احتياطي عالمي وتيسير اندماج الأسواق الصاعدة الديناميكية في الاقتصاد العالمي. وشددت كذلك على أهمية تعزيز نظام التنمية الدولي. وفي هذا الشأن، أبرزت ثلاث قضايا حيوية على جدول الأعمال - هي التمويل من أجل التنمية، و"أهداف التنمية المستدامة" الجديدة (SDGs)، وتغير المناخ - وذكرت أنّ الصندوق شريك ملتزم في هذه الجهود. فالصندوق يمكنه المساهمة بالعمل في مجالات مثل التمويل، والمشورة بشأن السياسات وتحليل السياسات، وبناء القدارت والمساعدة الفنية. واختتمت بقولها: 2015 تمثل لحظة خاصة: فرصة لتحقيق فرق ملموس في حياة عدد كبير من الناس حول العالم - وخاصة أفقر الناس".