"الرؤية" تتفوق في التحليل وتتميز بالمقالات ومواد الرأي في التغطية الإعلامية لعودة جلالة السلطان

"عمان" تتفوق إعلانيا في نشر التهاني والتبريكات

التليفزيون العماني يواكب الفعاليات بالنقل المباشر

"أثير الإلكترونية" تنفرد بالسبق الصحفي وسرعة نشر الخبر

"إذاعة الوصال" تنقل مشاعر المواطنين على الهواء مباشرةً

نـاصر أبو عون*

تصدّر خبر عودة حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم - حفظه الله ورعاه - إلى السلطنة مكللاً بفضل الله ومشيئته بتمام الصحة والعافية بعد استكمال البرنامج الطبي بجمهورية ألمانيا الاتحادية، عناوين الصحف ووسائل الإعلام المحلية والعالمية وكان استحواذ الموضوع على اهتمامات المواطنين والمهتمين بالشأن العُماني والاختصاصيين في الدراسات الإعلامية دافعًا لتحليل مضمون عينة من وسائل الإعلام المحلية والعالمية بهدف إعطاء وصف كمي وموضوعي مُنظم ومُنسق للمضمون الظاهر للتغطية الإخبارية للموضوع في وسائل الإعلام اعتمادًا على المنهج المسحي والاستعانة بالمنهج المقارن وإستراتيجية تحليل الخطاب وتأتي أهمية هذه الدراسة من حيث قدرتها على رصد المعالجة الإخبارية لخبر عودة السلطان قابوس من ألمانيا في شكلها الخبري والاستقصائي، ومحاولة منِّا للوقوف على الصورة الذهنية التي رسمتها وسائل الإعلام للسلطان قابوس المفدّى ومواقفه الوطنية والسياسية، وتأثيرات هذه المواقف على الأوضاع الدولية. وتنبع أهمية هذه الدراسة من كونها رصد علمي لحجم اهتمام وسائل الإعلام بعودة السلطان قابوس إلى أرض الوطن وحديثها عن شخصية السلطان قابوس ودوره التاريخي والسياسي في بناء الدولة الحديثة والعصرية في سلطنة عمان، وكذلك دوره الاستراتيجي كراعٍٍ لعملية السلام في منطقة الخليج العربي والعالم. وكان الموضوع فرصة لإعادة تنشيط الصورة الذهنية والإعلامية لسلطنة عمان وتنبيه الرأي العام العربي وتعريفه بدور سلطنة عمان في المنطقة والعالم ودورها الاستراتيجي في نزع فتيل التوترات في المنطقة وبناء الدولة الحديثة.

وحاولت هذه الدراسة أيضاً من خلال تحليل عينة قصدية من وسائل الإعلام المحلية ومعرفة مضامينها والقضايا المطروحة فيها وهو ما يُفيد صانع القرار الإعلامي والمشتغلين بالإعلام من جانبين؛ أولهما: الإحاطة بحجم الاهتمام الذي توليه الصحافة المحلية لهذه القضية، وثانيهما: حث الإعلاميين العُمانيين، ومسؤولي السياسة الإعلامية في السلطنة على القيام بمراجعات تاريخية، وسياسية، واقتصادية للاهتمام بالصورة الإعلامية والذهنية لسلطنة عُمان شكلاً ومضموناً، وكذلك الدفع باتجاه تشكيل رأي عام عُماني وعربي وإسلامي يتبنى سياسة السلطان قابوس المفدّى الخارجية في مواجهة القضايا العالمية، وانتهاج رؤيته في بناء الدولة العصرية، واعتماد الشورى منهجا إسلاميا وعصريا يوازن بين الحداثة والأصالة وهو المنهج الذي كان بمنزلة السد المنيع أمام كل الأخطار التي واجهتها سلطنة عُمان شعباً وأرضاً وتاريخا. وتأتي هذه الدراسة في وجهها الإيجابي لتقدم قراءة علمية للتغطية الإعلامية لعودة السلطان قابوس ولا تقدّم انتقادًا لأية وسيلة إعلامية فقد اتضح أن الجميع تسابقوا في تغطية الحدث كلٌ في ضوء إمكانياته المادية والبشرية ومن أهم النتائج التي توصلت إليها:

أولاً - على صعيد وسائل الإعلام المطبوعة تصدرت صحيفتا الرؤية وعمان القائمة في الحصول على أعلى نسبة تغطية للحدث بنسبة متساوية لكل منهما بلغت 37% للتغطية الإخبارية، بينما تفوقت صحيفة الرؤية على جميع الصحف المحلية في نشر مواد الرأي وخاصةً المقالات والأعمدة الصحفية. وعلى صعيد التغطية المباشرة وهي الأكثرة كلفة مالياً استحوذ التليفزيون العماني على نصيب الأسد من التغطية بنسبة 30% متفردا في الاتجاه وحاصلا على المركز الثاني بعد صحيفتي عمان والرؤية. واقتنصت صحيفة أثير ما نسبته 8% من مساحة التغطية الإعلامية للخبر، وانفردت عن بقية الوسائل بتحقيق السبق الصحفي وسرعة نشر الخبر والتغطية التمهيدية للحدث وتميزت إذاعة الوصال في تغطية اللقاءات الجماهيرية ونقل مشاعر المواطنين والمقيمين على الهواء مباشرةً حاصلة على نصيب أكبر من حجم التغطية الإعلامية بنسبة 30%.

ثانيا- جاءت الأخبار الصحفية عن عودة السلطان قابوس من ألمانيا في المرتبة الثانية في جميع الوسائل وبنسـبة بلغـت (34.6%). وفيما يخص كل نوع من وسائل الإعلام على حدة، فقد جاءت الأخبار في المرتبة الثانية في "وسائل الإعلام المرئية والمسموعة" وبنسبة بلغت (37.9%) أما في وسائل الإعلام المقروءة فقد بلغت (32.5%). أما المقابلات الإعلامية، فقد جاءت في المرتبة الثالثة في وسائل إعلام الدراسة وبنسبة بلغت (10%). وفيما يتعلق بكل وسيلة إعلام على حدة، فقد جاءت المقالات في المرتبة الثالثة في كل من "وسائل الإعلام المرئية والمسموعة" " وبنسبة بلغت (10.3%) أما في وسائل الإعلام المقروءة فقد بلغت (9.9%). أما بقية الفنون الصحفية الأخرى، فتشير بيانات الجدول إلى أنها جاءت بنسبة متدنية جداً تراوحت ما بين (0.4% - 1.7%)، وبنسبة مجموعها (3.1%) من مجمل الفنون الصحفية المختلفة التي تناولتها صحف الدراسة.

ثالثا- إن الأخبار والتقارير الإخبارية جاءت في المرتبة الأولى وبنسبة بلغت (86.8%) من مجمل الفنون الصحفية الأخرى التي تناولت عودة السلطان قابوس من ألمانيا. وبذلك يمكننا القول بأن وسائل الإعلام العمانية على تنوع أشكالها تركز على الجانب الإعلامي في التغطية أكثر من تركيزها على الجانـب التحليلي أو التفسيري. وربما يعود السبب في ذلك إلى طبيعة الحدث وعامل الوقت الذي لا يسمح للمندوبين والمراسلين بالذهاب كثيراً إلى ماوراء الحدث لإجراء التحقيقات والتحليلات مثلاً.

رابعًا - إنّ المقالات الصحفية جاءت في المرتبة الثانية بعد الأخبار والتقارير الإخبارية وبنسبة بلغت (10%) من مجمل الفنون الصحفية الأخرى، وهذا يعكس اهتمام وسائل الإعلام المدروسة بعودة السلطان قابوس من خلال إعطاء المجال للكتاب والمواطنين لإبداء الرأي فيما يدور من حراك احتفالي في الشارع العماني.

خامسًا - إنّ الأنماط الصحفية الأخرى كالمقابلات الصحفية والتحقيقات والتحليلات والرسومات بأنواعها وبريد القراء لم تحظ بالاهتمام المطلوب من قبل القائمين على وسائل الإعلام مما يفقد هذه التغطية التنوع في الرؤى والأنماط التي يمكن أن تثري المعالجة الصحفية لموضوع عودة السلطان قابوس إلى عمان.

سادسا - فيما يتعلق بأنواع التغطية الصحفية لموضوع عودة السلطان قابوس في وسائل الإعلام المدروسة، تشير بيانات الجدول إلى أنّ التغطية التسجيلية جاءت في المرتبة الأولى في وسائل الإعلام المدروسة وبنسبة بلغت (88.1%), أما بالنسبة لكل وسيلة إعلامية على حدة، فقد جاءت التغطية التسجيلية في المرتبة الأولى في "وسائل الإعلام المرئية والمسموعة" بنسبة (82.3%) وفي وسائل الإعلام المقروءة بلغت (89.8%) أما المرتبة الثانية من التغطية في كل وسائل الإعلام المدروسة فقد احتلتها التغطية التمهيدية وبنسبة (11.9%). وبالنسبة لكل وسيلة إعلام على حدة فقد احتلت التغطية التمهيدية المرتبة الثانية في "وسائل الإعلام المرئية والمسموعة" وبنسبة (17.7%) وفي"وسائل الإعلام المقروءة " (10.2%).

وسائل الإعلام المرئية والمسموعة

وسائل الإعلام المقروءة

سابعا- احتلت المواد الاستقصائية المركز الثاني، حيث اهتمت وسائل الإعلام المحلية بنشر استطلاعات للرأي عن انطباعات المواطنين والمقيمين حول خبر عودة السلطان قابوس من ألمانيا، وقد استعانت العديد من وسائل الإعلام بمصادر متعددة منها النخبوية والإبداعية، وكبار موظفي الدولة والمواطنين في مختلف الولايات كما نشرت الصحف وغطت الفضائيات والإذاعات العديد من التقارير عن التغطية الإعلامية لأصداء عودة السلطان قابوس إلى أرض السلطنة، وكذلك أجرت مجموعة مختلفة من الحوارات الصحفية والتليفزيونية مع عدد من الشخصيات العامة.

ثامنا- أمكن حصر الأفكار التي طرحتها وسائل الإعلام المحلية والعالمية في أطروحة واحدة مفادها أنّ فكر السلطان قابوس وسياسات حكومته الخارجية، وحكمته في إدارة شؤون بلاده يمثل حجر الزاوية في استقرار المنطقة، وتنامي مشاريع التنمية، ويعزز من دور عمان الإقليمي والدولي. وقد جاءت هذه الأطروحة بتكرار38 مرة وبرهن الكتّاب على صحة ذلك من خلال عدد من الحجج والبراهين المنطقية والمادية.

تاسعا- حدد الخطاب الإعلامي القوى الفاعلة في القضية، حيث أشارت جميع وسائل الإعلام المحلية إلى الدور الإيجابي للسلطان قابوس المفدّى في استقرار منطقة الخليج، ودعم عملية السلام والاهتمام بالمواطن العماني (علاجا وتعليما وتدريبا، ومشاركة في صنع القرار . كما نسبت إليه وسائل الإعلام الأجنبية والكتّاب العرب والأجانب الذين يتواصلون مع وسائل الإعلام العمانية المحلية أنّه أتاح للمرأة العمانية حرية المنافسة‏ في انتخابات المجالس البلدية ومجلس الشورى وترشيح من يمثلونها‏، وهو حق ليس متاحا في البلاد المجاورة.

عاشرًا- أوضح كتاب جميع وسائل الإعلام المحلية العديد من الظواهر الإيجابية التي صاحبت مجيء السلطان قابوس إلى سُدّة الحكم في سلطنة عمان وأبرزها السماح للمرأة العمانية بالمشاركة في الحياة الفكرية والسياسية وتمكين المرأة وبناء دولة المؤسسات، وإنشاء الدولة العصرية وإخراج وطنه ومواطنيه من أسوار العزلة إلى العالم، واهتمامه ببناء دولة القانون. وذلك من خلال المرجعية السياسية مؤكدين دوره الأساسي في بناء الدولة وما اتخذه من خطوات ديمقراطية انتهت بالوصول إلى بناء مؤسسة الشورى على نموذج يجمع بين الأصالة والمعاصرة واعتماده مبدأ التدريج في البناء السياسي والديمقراطي للدولة وصولاً إلى تحقيق مبدأ استقلالية القضاء وتحقيق العدالة الناجزة وعدم التدخل في شؤون القضاء والقضاة وضرورة المشاركة الجماهيرية وخاصة للمرأة العمانية في الانتخابات، وإتاحة فرص متساوية لجميع المرشحين.

الحادي عشر- بتحليل نتائج الدراسة تبين أنّ مراسلي ومندوبي وسائل الإعلام المحلية يمثلون المصدر الإخباري الأساسي لوسائل الإعلام العُمانية والخارجية خلال فترة الاحتفال بعودة السلطان قابوس من ألمانيا وإن اعتماد هذه الوسائل على مصادرها الذاتية في جمع الأخبار يعكس اهتماماً أكبر من قبل الوسائل المدروسة بموضوع عودة السلطان قابوس نظرًا للاهتمام المجتمعي بها. وعن موقع موضوع من صفحات وسائل الإعلام المقروءة فتشير البيانات إلى أنّ الصفحات الداخلية جاءت في المرتبة الأولى وبنسبة مقدارها (79.5%) من مجمل الموضوعات المنشورة في وسائل إعلام الدراسة ككل، في حين جاءت الصفحة الأولى في المركز الثاني وبنسبة مقدارها (18.8%)، وجاءت الصفحة الأخيرة في المركز الثالث وبنسبة مقدارها (1.7%).

الثاني عشر - تشير تطبيقات هذه الدراسة إلى أن معظم التغطيات الخبرية والتقريرية والمقالية تنضوي تحت مظلة الإتجاهات الإيجابية نحو القطاعات الخدمية في المجتمع، وقد وصلت هذه النسبة إلى حوالي 65%. وهذا يعكس موقفا متوقعا كون الصحافة تسعى إلى تبني مواقف إيجابية نحو السلطة التي تمثلها القطاعات والدوائر المختلفة في الدولة. وهذا الموقف ينتظم مع فكرة الإعلام الموجّه.

الثالث عشر - لاحظت الدراسة أنّ الصحافة العمانية ووسائل الإعلام بشكل عام أتاحت الفرصة للمواطنين ليعبروا عن آرائهم ومواقفهم من السلطان قابوس، وحكومته، وقد وصلت هذه النسبة إلى أكثر من 40% في المائة من مقالات ورسائل المواطنين وهذه النسبة تعكس جانبين، أولهما: أن معظم التغطيات الإيجابية التي نشرتها وسائل الإعلام أتت من المواطنين ولم تأتِ بمبادرات من وسائل الإعلام في تغطياتها الإخبارية، وهذه الإسهامات تصب في إطار فكرة سلطة الصحافة في المجتمع.

*باحث بمركز الدراسات والبحوث

Nasser_oon@yahoo. Com

تعليق عبر الفيس بوك