الانتماء الاحترافي.. بين الولاء والأهواء!

حسين بن علي الغافري

يقول جيسي فينتورا الشخصية الإعلامية الأمريكية المثيرة للجدل وحاكم مدينة مينيسوتا السابق في الولايات المتحدة: "أعتقد أنّ الوطنية تأتي من القلب. الوطنية أمر اختياري، إنّها شعور بالولاء والإخلاص الذي ينتج عن المعرفة والإيمان". حقيقة، لم يكن لوصف الاحتراف سابقاً صدى بسيط في عقلية بعض المحترفين من نجوم الكرة، كاليوم!. حيث نشاهد بوضوح فكرة أن يضع اللاعب المال أولوية يظهرها في هرم أهدافه من دوافع ممارسته كرة القدم الاحترافية.. على عكس هذا التفكير لو عُدنا عقد من الزمن إلى الوراء. ولم تكن الجماهير تقبل أن يُغادر نجمها المحبوب عند أول عقد مغري يطرق بابه. وكانت تشكك في عشقه للفريق الذي ينتمي إليه!. أمّا اليوم فقد تغيّر الوضع، واللعبة أضحت بمفهوم آخر، وشعارات أُخرى بعدما غابت تلك الرؤى وبرزت عناوين الفوز والخسارة قبل كل هذا وذاك. غابت كثير من شعارات الولاء والتفاني والتضحية في الذود عن شعار الفريق والنادي وسمعته ومكانته وانتماءاته.. وأصبحت الأعصاب باردة لدرجة يمكن أن يتلقى فيها الفريق هزيمة ظُهراً تسقطهُ إلى الدرجة الأدنى، ويحتفل أحد اللاعبين بعيد ميلاده عصراً.. وكأنّ شيئاً لم يكن!.

وعلى ذات المنوال؛ فمنذ أسبوعين لم تكن لقمة مانشستر يونايتد وليفربول تأثير في نفوس لاعبي الفريق الخاسر، والتي تمكن فيها مانشستر يونايتد من كسب اللقاء بسهولة مُطلقة أمام خصمه المباشر والمنافس له لأحد مقاعد دوري أبطال أوروبا الموسم المقبل ضمن خضام مباريات الدوري الإنكليزي الممتاز. فاز مانشستر وخسر ليفربول.. انتهت المباراة والسلام عليكم.. هكذا كان بالنسبة لبعض اللاعبين.. أما الجمهور فلا أبالغ إن قلت إنّ تحسرهم لا زال حتى اللحظة، لعدة اعتبارات بين الفريقين في ظل صراعهم الأزلي وتنافسهم الشديد المستمر والمنعكس .. بدون تعصب طبعاً! ذهب اللاعبون إلى منازلهم وعادوا إلى ما يودون عمله.. وها هو الفرنسي "ساخو" مدافع ليفربول يلتقط صورة جماعية بعد نهاية اللقاء هو وزملاءه المحترفين الآخرين الإيطالي ماريو بالوتيلي والألماني إيمري تشان "للذكرى" وينشرها في حسابه عبر "تويتر" متناسياً أنّ الجمهور يعيش لحظات صعبة قد تقلل من حظوظ ناديهم في حجز مقعد أوروبي العام المقبل، ضارباً بمشاعرهم المتحسرة على اللقاء والمستفيضة غضباً على نقاط "ذهبية" في هذه الرحلة التي يُمني فيها الجميع أن تتحقق لنادي عظيم لطالما أحبوه، ولطالما كان يغرد في الأفق! لا يمكنني وصف اللاعب بأنه هو من تسبب بالهزيمة، ولا تعني تلك التغريدة أهمية بعد مباراة انتهت أحداثها وذهبت لأن تكون في أدراج التاريخ، بقدر الأهمية الملموسة من مشاعر اللامبالاة، وعدم الإحساس بمشاعر الحسرة والندم والولاء للفريق الذي هو يمثله، والاندفاع والقتالية وإعطاء القميص حقه الكامل والتضحية في الفوز حتى الرمق الأخير!

وفي الصعيد نفسه لم يذهب الإفريقي الآخر ونجم ميلان الإيطالي "مونتاري" بعيداً عن تلك القصص، عندما طلب منذ أقل من أسبوع وبصراحة واضحة عدم إدراج اسمه في تشكيلة الفريق بأي من لقاءات الدوري المتبقية طالما أنه لم يعد ضمن خطط الفريق للموسم المقبل!. مونتاري تناسى أنه يقدم مباريات سيئة للغاية مع فريقه ميلان طيلة الموسم الحالي وكيف أنّ مستواه هبط بشكل واضح عما كنا نعرفه عليه. ذلك الطلب يعيد في الأذهان حال الفريق الإيطالي سابقاً وكيف كان اللاعب يعطي كل ما يملك حتى آخر لحظة في المباراة وحتى آخر لحظات عقده، وكأنه آخر لقاء سيلعبه في حياته وكيف أن النجوم الحقيقية كانت مقدرة للقميص وجمهوره قبل تقديرها للمال والكسب ونسى كيف كان "مالديني" يلعب في ميلان وتوتي وروسي في روما وزانتي في إنتر!. فهل يمكننا القول إن العطاء والتضحية من أجل الفريق قد ولّى، وأصبح اللاعب كالآلة يتحرك دون أن تحركه مشاعر الجمهور ووضعية الفريق؟ كرأي شخصي، لا أرى ذلك بغض النظر عن الاحتراف وضمان مستقبل اللاعب في فريقه؛ إلا أنّ عيش جو الجمهور والإحساس بهم والولاء للقميص تبقى حاضرة مهما كان ولنا في نجوم عالمية خير أمثلة!.

Hussain Al-Ghafri

Twitter: Hussain_Ghafri

تعليق عبر الفيس بوك