بين (عمل) الموظف و(أمل) المتقاعد (2)

 

مسعود الحمداني

 

 

 

استكمالا لمقال الأسبوع قبل الماضي حول التقاعد والمتقاعدين، أطرح هنا مجموعة من الأفكار البسيطة والتي يمكن أن تساهم في الحد من زيادة الضغط المالي والنفسي اللذين يتعرض لهما المتقاعد، وأعني بها تلك الخدمات التي يمكن أن توفرها الحكومة لهم ولبقية الموظفين المدنيين، من أجل الموازنة بين (زمنين)، ومواجهة التحديات الاقتصادية التي تواجه كل متقاعد، ومن بين تلك الأفكار:

أولا: إنشاء صندوق استثماريّ (اختياري) لموظفي الخدمة المدنيّة، يساهم فيه كل من يرغب في الادخار والاستثمار من الموظفين، من خلال اقتطاع جزء من راتب الموظف يتم استثماره في الصندوق، إلى أن يحين وقت التقاعد حيث يمكنه سحب مبلغه مع الفوائد، أو مبالغ الاستثمار التي حصل عليها طوال فترة عمله، وهذا الأمر سيخفف عن كاهل المتقاعد الكثير من الأعباء الماليّة والاجتماعيّة التي لم يحسب لها حساب.

ثانيا: إنشاء نادٍ أو أندية للمتقاعدين، وموظفي الخدمة المدنية بشكل عام، في المحافظات الرئيسيّة، أندية يلتقي فيها الموظفون السابقون والحاليون، يناقشون قضاياهم، ويواصلون حياتهم بشكل طبيعي، ويتبادلون فيها مصالحهم الحياتية، ويقضون وقتا مع أسرهم، ولا ينقطعون عن الحياة العامة.

ثالثا: إنشاء مؤسسة استهلاكيّة مدعومة من الدولة، على غرار المؤسسات الاستهلاكية الموجودة في القطاعات العسكرية، وهذا سيخفف من العبء المادي والنفسي الذي يتعرّض له (صغار) المتقاعدين، وهو حل مناسب ـ كما أرى ـ لمواجهة تلك الالتزامات التي تثقل كاهلَ موظفٍ ترك وظيفته وهو في أوج ضغوطاته الحياتية المختلفة.

رابعا: إقامة يوم سنويّ للمتقاعدين، يتم فيه تكريمهم، والالتفات لجهودهم التي بذلوها طوال سنوات في خدمة هذا البلد، لأنّ ذلك يعزز من روح المواطَنَة، ويؤسس لعلاقة (إنسانيّة)، بين الدولة وبين المواطن قوامها تقدير العطاء، والوفاء لمن قدم ولو جهد بسيط من أجل وطنه، فكلمة (شكرا) لا تعني الكثير لمن يقولها، ولكنّها تعني الكثير الكثير لمن قيلت له.

خامسا: وقبل كل ذلك مراجعة، وإعادة النظر في قانون التقاعد مرة أخرى، بما يساهم في ردم فجوة كبيرة بين واقعين: واقع الموظف وهو على رأس عمله، وامتيازاته، وواقعه بعد الوظيفة وراتبه التقاعدي الذي لن يرتفع بقية حياته، بل قد ينقص ذات يوم من خلال زيادة الأعباء والمتغيرات المعيشية حوله.

إنّ على المواطن واجبًا تجاه وطنه، يؤديه في كل حين، وخاصة وهو على رأس عمله، كما أنّ على الدولة واجبًا تجاه موظفيها، وهذا ما تقوم به السلطنة، وعلى رأسها صاحب الجلالة السلطان المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ والذي يرى الأمور من زواياها الإنسانية، وينظر من خلالها لأبنائه المواطنين نظرة حنوٍ ورأفة، وقد يحقق نظام التقاعد الكثير من المزايا للحكومة ماليًا، إلا أنّه في المقابل لا يحقق ما يأمله الموظف/ المواطن والذي كدح جلّ حياته من أجل لقمة العيش الكريم، وينتظر بعد هذا العمر أن يتم تكريمه في ظل منظومة اجتماعيّة متكاملة، ونظام تقاعدي يستطيع من خلاله أن ينظر إلى ما قدّمه، وما سيقدّمه لوطنه بعين الرضا، ودون أن يشكّل التقاعد بعبعًا مخيفا ينتظر الموظف دون أن يملك إزاءه غير التسليم بالأسوأ.

 

Samawat2004@live.com

 

تعليق عبر الفيس بوك