في عنق الزجاجة

محمد بن رضا اللواتي

أمام مرأى ومسمع بلدية مسقط الموقرة؛ وأمام مبناها الرئيس الذي يجثم على صدر ذلك الزقاق؛ تنعطف كل صباح ألوف من السيّارات القادمة من كل اتجاه، من الوادي الكبير ومن روي باتجاهاتها المتنوعة، لتلتقي كلها في عنق زقاق "دارسيت"، هذه المنطقة الساحلية الجميلة، والتي تقبع فيها مجموعة من المدارس ذات كثافة طلابية تفوق مجموع 3 كليات كبيرة.

عشرة آلاف وثلاثمائة طالب في الفرع القديم للمدرسة الهندية، وحوالي ثلاثة آلاف في الفرع الجديد، ومدرسة عمانية خاصة بحوالي خمسمائة طالب، كل أؤلئك ينبغي أن يصلوا إلى مدارسهم عبر الشارع الضيّق، والمنفرد لتلك المنطقة الساحلية الجميلة والتي تنتهي بشاطئ خلاب لم تصله أيادي التطوير والتجميل رغم أنّ كل مقومات المنتجعات الناجحة تتجلى فيها.

ناهيك عن العدد الكبير من القاطنين في المنطقة وحواليها من العمانيين والوافدين، ولا يزال الطلب على أراضيها ومبانيها كبير في سوق العقار، لا سيما وأنّ التخطيط قد جلب هايبر ماركت هائل عند مدخلها، ومستشفى خاص على طرفها، بينما تنتهي أطراف الشارع الرئيس والمتصل بذلك الزقاق بمعبد وكنيسة، ومعنى هذا أنّ السكنى لأغلب الوافدين ستكون مفضلة في هذه المنطقة دائمًا.

لا بأس بكل هذا، إن تلطفت أيادي بلدية مسقط ببعض التحسينات العاجلة لإخراج كل تلك السيارات من عنق الزجاجة الضيّق، عبر تحويل الشارع الضيق إلى مزودج، وإضفاء بعض الجماليات على أطراف الشارع تتمثل في ردم مجرى المياه التي تتحول سريعا إلى آسنة، وإزالة الحشائش وغيرها من الجماليات.

يواجه طلبة المدارس اليوم في دارسيت أزمة حقيقية، وعندما ضاقت المنطقة الصغيرة بما رحبت، لجأت المدرسة الهندية - تحديدا - إلى اتخاذ قرار منع سيارات الآباء الدخول فيها، وعوضا عن ذلك، فعلى جميع السيّارات الشخصية أن تركن في المواقف التابعة لهايبر ماركت عند مدخل دارسيت، ثم تقوم الحافلات بنقل هذا العدد الكبير من الطلاب إلى المدارس.

هذا الحل خفف من العبور عبر عنق الزجاحة، وأتاح للقاطنين في المنطقة بلوغ الشارع الرئيس خلال 30 دقيقة بدلا عن ساعة كاملة؛ إلا أنه أوجد اكتظاظًا مروريا كثيفًا عند جسر دارسيت - القرم، مما أثر على السيارات القادمة من الوادي الكبير، ومن روي باتجاهيها، ومن مطرح كذلك، كما عمل على زيادة فرص حوادث السير لا سيما وأنّ المواقف التي أضحت هدفًا لأعداد هائلة من السيارات لا يمكن الوصول إليها إلا عبر منعطف مزدحم للغاية.

هذه الأزمة ليست حديثة الظهور، بل هي قديمة بقدم تلك المدارس الموجودة في المنطقة، إلا أنّها في ازدياد مستمر، نسبة للنمو السكاني في دارسيت وللمنشآت الخدمية الضخمة الموجودة فيها، والتي لا تزال في ازدياد.

والسؤال هو: لماذا هذا التأجيل في اتخاذ الحلول اللازمة؟

يتناقل بعض أعضاء مجلس الشورى الموقر حديثًا عن وعود بلدية مسقط في الماضي القريب عن مباشرتها العمل على تطوير شارع دارسيت حالما تنتهي أعمال الصرف الصحي، في حين أنّ هذه الأعمال التي باتت في خبر كان، ولكن لا ثمة بوادر تشير إلى تنفيذ الوعود المقطوعة إلى هذه اللحظة.

الأمر في الواقع يتعدّى توسعة عنق الزجاجة ذاك، إلى تطوير "عينت" ذلك المنتجع المهجور، وشاطئ دارسيت الجميل، إلا أنّ ما لا يُدرك كله، لا يترك جله.

حاجة السكان في تزويد بلدية مسقط لمنطقتهم بشارع مزدوج باتت ملحة، وحقهم في الوصول إلى مقر عملهم بشكل مريح وفي وقت منطقي مشروع، كما وأنّ وصول طلبة المدارس إلى مدارسهم ومن ثم ّإلى منازلهم ضروري بنحو يخلو من العرقلة كالتي هي الآن؛ حيث يستغرق بقاؤهم في السيارات لأجل قطع مسافة لا تزيد عن 10 كيلومترات من منازلهم ساعة أحيانًا، هذا أمر ينبغي إيجاد الحلول العاجلة له.

الجميع يأمل أن يجدوا ذات صباح وقد ارتفعت لوحة لبلدية مسقط الموقرة تشير إلى أنها وأخيرًا بصدد مشروع تطوير دارسيت، وتطوير عنق الزجاجة إلى شارع مزدوج؛ وأنا على يقين تام أنّ تلك اللوحة ستكون محل حفاوة كل القاطنين هناك.

mohammed@alroya.net

تعليق عبر الفيس بوك