ندوة تطور العلوم الفقهية تستعرض 57 ورقة عمل حول "فقه العصر ومناهج التجديد الديني"

◄ الخروصي: اللجنة المنظمة خاطبت كافة الحقول العلمية النظيرة للمشاركة في أعمال الندوة

◄ استحداث خدمة الترجمة الفورية باللغة الإنجليزية في الدورة الجديدة لـ"ندوة العلوم الفقهية"

◄ تطبيق نظام المتابعة الفورية عبر النافذة الإلكترونية لوزارة الأوقاف للرد على أسئلة المتابعين

الرُّؤية - مدرين المكتوميَّة

كشفَ سالم بن هلال الخروصي مُستشار الوعظ بمكتب وزير الأوقاف والشؤون الدينية نائب رئيس اللجنة المنظمة لندوة تطور العلوم الفقهية -في مُؤتمر صحفي بديوان الوزارة، أمس- أنَّ الندوة التي تحمل هذا العام عنوان "فقه العصر..التجديد الديني والفقهي"، خلال الفترة من 5 وحتى 8 أبريل، تستعرض 57 ورقة عمل، وتُفتتح جلساتها برعاية معالي الشيخ محمد بن أحمد الحارثي مستشار الدولة.

وقال الخروصي إنَّ الندوة تستضيفُ سماحة الشيخ الدكتور أرجان ماميروف من كازاخستان، وسماحة الشيخ ايلدر محمد سن مفتي أستونيا، وسماحة الشيخ الدكتور عزيز حسانوفيتش من كرواتيا، وسماحة الشيخ بوتا باكولين نائب المفتي من روسيا، وسماحة الشيخ رمضان يعقوب من ليتوانيا، وسماحة الأستاذ الدكتور إبراهيم أبو محمد من أستراليا، إلى جانب وزراء أوقاف بعض الدول؛ ومنهم: معالي الشيخ الدكتور محمد روكا خلفان من بروندي، معالي الأستاذ الدكتور سردار محمد يوسف باكستان، ومعالي الأستاذ الدكتور عبدالسلام محمد أبو سعد (وزير الأوقاف سابقا) من ليبيا، إلى جانب معالي الشيخ الدكتور هائل عبدالحفيظ من الأردن، ومعالي الأستاذ الدكتور محمد مصطفى الياقوتي من السودان.

7 محاور للنقاش

وأوْضَح الخروصي أنَّ محاور الندوة تُبرز أهمَّ ما يتصلُ بجوانب عنوان الندوة، ويحمل المحور الأول عنوان "الأصول النظرية لفقه العصر"، والذي يشملُ دراسة الإجماع والاختلاف والاجتهاد والقياس، ومفهوم تطبيـق الشريعة والتقليد الفقهي، ومناهج الأصوليين ومسارات الإصلاح في الفقه مُراجعة وتجديدا. أما المحور الثاني، فيتناول النظريات الفقهية والمسار الجديد، ويشتمل على أهم النظريات الأصولية، خصوصا تلك التي تحتاج إلى تأطير حديث كنظرية السنة النبوية ونظرية العُرف والعمل والاستصحاب والمصلحة والاستحسان والحكم الوضعي، كلُّ ذلك في المذاهب الإسلامية استعراضا ومراجعة، في حين يأتي المحور الثالث ليناقش فقه العصر ومناهج الاجتهاد المعاصر؛ فيتناول الاجتهاد الإنشائي عند فقهاء العصر الحديث كالمحقق الخليلي والإمام السالمي والعلامة ناصر بن أبي نبهان الخروصي، والعلامة عبدالله بن محمد الخزرجي من عمان، والعلامة الشيخ بيوض من الجزائر، والعلامة الطاهر بن عاشور من تونس، والعلامة محمد بن الحسن الحجوي من المغرب، والشيخ محمود شلتوت والإمام المراغي والإمام محمد عبده من مصر، والعلامة باقر الصدر من العراق، ومجد الدين المؤيدي من اليمن، والعلامة مصطفى الزرقاء وأبو اليسر عابدين من الشام.

وأضاف الخروصي بأنَّ المحور الرابع يتناول فقه العدالة في الإسلام؛ من حيث إدارته في "مؤسساته ونظمه ومحاكمه"، أو من حيث مضمونه في "مقاصده وشموليته الدولية وطرق إثباته والعلاقات بين الأفراد ومؤسسة القضاء"، كما يجيء المحور الخامس ليناقش "فقه العصر في المجال الدولي"؛ متناولا الموضوع من حيث رؤيته الفلسفية وقواعده الفقهية أو موضوعاته؛ مثل: "الردة والسلم المدني والعلاقات بين الديانات والثقافات وجرائم الإبادة والاتجار بالبشر". أما المحور السادس، فيأتي بعنوان "فقه العصر في مجال الأسرة"، ويتناول الزواج المدني والتعويض عن الخطبة والطلاق وبنوك الأجنة وفقه المغتربين في الأحوال الشخصية والكشف الطبي لراغبي الزواج والحقوق السياسية للمرأة. أما المحور السابع فيحمل عنوان "فقه العصر في المجالات الجديدة"، ويتناول العلاقة بين الفقه والقانون واستئجار الأرحام والتبرع بالأعضاء والتجارة الإلكترونية وزواج المسيار والسفر.

ترجمة فورية

وقال الخروصي إنَّه ونظرا لأنَّ الندوة ستزخر بكلمات وأوراق عمل يقدمها أصحاب المعالي وزراء الأوقاف والشؤون الإسلامية وأصحاب السماحة مفتيي الدول العربية والإسلامية وعلماء من دول مجلس التعاون والدول العربية والإسلامية ورؤساء بعض الجامعات العربية، مع ما يتبعها من زخم إعلامي مُمثلا في مراسلي الصحف العمانية وغير العمانية والقنوات الفضائية الخليجية والعربية، فقد خاطبت اللجنة المنظمة كافة الحقول العلمية النظيرة للمشاركة في الندوة، كما تستحدثُ خدمة الترجمة الفورية باللغة الإنجليزية بعد تجربتها بنجاح في مؤتمر الأكاديمية اللاتينية، الذي استضافته الوزارة في العام المنصرم تحت عنوان "القيم المشتركة في عالم التعددية الثقافية". كما استحدثتْ الوزارة نظام المتابعة الفورية عبر نافذتها الإلكترونية؛ حيث سيتم تلقي الأسئلة والاستفسارات من المشاهدين عبر العالم، والرد عليها فورا؛ حرصا من الوزارة على أن تكون الندوة عالمية تراعي كلَّ متابعيها ومحبيها.. آملين أن تخرج الندوة بالتوصيات التي ستسهم في فتح آفاق جديدة في الاجتهاد الفقهي المتواصل، وتنمية مدارك الباحثين والدارسين وطلاب الجامعات والمثقفين وعامة المواطنين، وستؤثر في قرارات مجامعنا الفقهية المختلفة، عاضدة المؤتمرات والندوات النظيرة.

التشريع روح الحياة

وأشار الخروصي -في المؤتمر الصحفي- إلى أنَّ التشريعَ الإسلاميَّ في مُجمله يُعدُّ روحَ الحياة لدى المسلم؛ إذ يُوجه سلوكه ويحدِّد خيارات رؤيته المستقبلية وفق واقع حياته ومعطيات المجتمع من حوله، ولما كان عقل الإنسان متجددا وطموحه لا يقف عند حد كانت أدوات العصر المختلفة تتطوَّر معه وفق التغيرات الاجتماعية والسياسية "المحلية والعالمية" ووفق معارف العصر وعلومه ومكتشفاته، وكذلك ضرورات العصر وحاجياته؛ لذا كان التشريع الإسلامي مرنا مُتجددا مع بقاء القرآن الكريم والسنة المطهرة المنبع الصافي اللذين يردهما المسلم في كل آن والثوابت التي يستقي منهما الأحكام في كل مستجد ونازل، وما وضعه فقهاء الإسلام عبر مختلف الأزمنة من أصول لها دلالاتها لتعتبِّر أيضا قواعد تنظم حركة الفقه والاجتهاد فيه، وعلى ذلك ظهر ما يُسمَّى بالاجتهاد الإنشائي، واليوم ونحن في القرن الحادي والعشرين لنستعرض مسيرة الاجتهاد الإنشائي في العصر الحديث من خلال ندوتنا السنوية "تطور العلوم الفقهية" في نسختها الرابعة عشرة بعنوانها الدقيق "فقه العصر: مناهج التجديد الديني والفقهي"، كما نبحث فيها منهجَ الاجتهاد المعاصر الذي نجدِّد به الدين الحنيف، ونضع رؤيتنا الفقهية المستقبلية مُوائمة بين الماضي والحاضر؛ لنقعد على أثرها فقهنا المستقبلي ونسابق التطور المتسارع.

وأضاف الخروصي بأنَّ جُهود علماء الإسلام في استنباط الأحكام الشرعية من أدلتها التفصيلية عبر العصور في مدوناتهم وموسوعاتهم وما استحدثه الفكر الإسلامي منذ مجلة "الأحكام العدلية" التي صدرت في القرن الثالث عشر الهجري، وبالتحديد في العام 1292هـ، والتي جمعت نتاج الفقهاء في مستجدات العصر من مختلف المذاهب، كما أنَّ ظهور قضايا جديدة تحتاج إلى إعمال العقل الفقهي في القرن الحالي الخامس عشر الهجري الحادي والعشرين الميلادي نتيجة التسارع الفكري والتقني والاجتماعي المحيط بالإنسانية، مع الرغبة المستأنسة لجمع هذا النتاج في إطار إحياء التراث الفقهي ومُراجعة الآلية الاستنباطية لتحفيز الهمم وإثارة العقل الفقهي، كان كله دافعا إلى وضع هذا العنوان الدقيق "فقه العصر: مناهج التجديد الديني والفقهي" لندوتنا هذا العام. سائلين العلي القدير التوفيق والسداد، متمنين للجميع الاستفادة في ظل هذه النهضة العلمية المباركة التي تشهدها السلطنة تحت قيادة مولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم حفظه الله ورعاه ومتعه بالصحة والعافية والعمر المديد وأيده بنصره وألهمه خير وطننا.

تطوُّر ندوة العلوم الفقهية

ويُشار إلى أنَّ الندوة الأولى من سلسلة ندوات تطور العلوم الفقهية بدأت في العام 2002م تحت عنوان "تطور العلوم الفقهية في عُمان" خلال القرن الثالث الهجري-الإمام محمد بن محبوب أنموذجا"، وناقشت دور العلماء العمانيين في تطور العلوم الفقهية في القرن الثالث الهجري والتأليف التي ظهرتْ في هذا الفترة، وما تمتَّعت به من مزايا ومحاسن، وجعلت ما أُثر عن العلامة ابن محبوب -وهو من كبار علماء القرن الثالث- أنموذجا للدراسة والبحث.

وجاءتْ الندوة الثانية 2003م حاملة عنوان "الخطاب الديني في شعر أبي مسلم البهلاني الرواحي"؛ وأبرزت دور الخطاب الديني وأثره في المجتمعات الإسلامية والمراحل التي مر بها على مر العصور وأهم العناصر والمقومات التي ينبغي أن ينتبه لها الخطاب الديني في العصر الحديث، وعرَّجت على دور الشعر العماني خاصة والإسلامي عامة في حمل رسالة الإسلام وأثره، مُتخذة من شعر أبي مسلم الرواحي أنموذجا للدراسة.

وناقشتْ الندوة الثالثة 2004م "تطور العلوم الفقهية في عُمان خلال القرن الرابع الهجري-القواعد الشرعية نموذجا"، نشأة القواعد الفقهية والتأليف التي كتبت فيها، وبينت أهميتها في ضبط الفقه والفتوى، كما أظهرتْ مؤلفات العلماء العمانيين خاصة أبي سعيد الكدمي وابن بركة البهلوي في القرن الرابع، وما حوته من قواعد وضوابط فقهية يقوم عليها الفقه الإباضي.

وفي الندوة الرابعة 2005م "تطوُّر العلوم الفقهية في عُمان خلال القرن السادس الهجري-التأليف الموسوعي والفقه المقارن"؛ بحث المشاركون نشأة الموسوعات الفقهية في العالم الإسلامي، وطبيعة تأليفها، وهدف العلماء منها. كما أجريت دراسات على بعض الموسوعات العمانية كبيان الشرع والمصنف والضياء ظهر فيها فكر مؤلفيها ومدى سماحتهم في ذكر آراء مخالفيهم وطبيعة الفقه المقارن عند العمانيين. وفي الندوة الخامسة 2006م "الفقه العُماني والمقاصد الشرعية"؛ درس العلماء مقاصد الشريعة وخصائصها وتأصيلها وأثرها في الفقه والفتوى، وضرورة الاعتناء بهذا العلم لمعرفة مدى تأثيره في استنباط الحكم الشرعي، وتغيير الاجتهاد باختلاف البيئة والزمان، كما أبرزتْ الندوة معالمَ مقاصد الشريعة في الفقه العماني من خلال قواعدهم وفتاواهم وتطبيقاتهم الفقهية.

وناقشتْ الندوة السادسة 2007م "فقه النوازل وتجديد الفتوى" مكانة الفتوى ودورها وضرورتها والضوابط التي تجب مراعاتها في الإفتاء والمراحل التي مرَّت بالفتوى والمشكلات التي تواجه الإفتاء في العالم الإسلامي اليوم، وكيفية مُواكبتها للتطور العلمي كما تعرَّضت للأمور التي ينبغي الانتباه لها في النوازل والمستجدات التي تطرأ في الحياة وكيفية معالجتها. وعالجت الندوة السابعة 2008م "التقنين والتجديد في الفقه الإسلامي" ضوابط الاجتهاد وضرورة استمراره وتجديد الفتوى لاختلاف بيئات العالم الإسلامي وتجددها وتغيرها بتطور العلوم التطبيقية، كما نوقش فيها ظاهرة التقنين في الفقه الإسلامي ونشأتها ومزاياها ومشكلاتها والجهود المبذولة لتطويرها وتفعيلها في القضاء.

مواكبة الأحداث

وتناولتْ الندوة الثامنة 2009 "الفقه الإسلامي والمستقبل، الأصول المقاصدية وفقه التوقع" معالم التفكير الفقهي عند المذاهب وموقفها من الفقه الافتراضي والأصول التي يقوم عليها فقه المستقبل مع بيان دور الفقيه وآليات عمله، كما بحث فيها نماذج من فقه التوقع عند العلماء العمانيين ومقارنتها بغيرهم من علماء المذاهب، وكان جزء كبير من هذه الندوة في مناقشة القضايا الفقهية المستجدة في العالم اليوم، ومدى استعداد الفقه ودوره لمواجهة ما يتوقعه من نوازل.

واستعرضتْ الندوة التاسعة 2010م "الفقه الحضاري فقه العمران" جوانبَ التراث العلمي لدى المسلمين في مختلف علوم الدين، وما جادت به قرائح علماء المسلمين في مضامين البيئة والفقه العمراني، وفقه الأسواق، والموارد البشرية، والمنشئات والمرافق، والكون والكائنات، والحقوق المتبادلة، والنقد، وآداب الطريق...إلى غير ذلك مما اجتهد فيه علماء الإسلام. وفي الندوة العاشرة 2011م "الفقه الإسلامي في عالم متغير" كان الفقه في عهد الرسول -صلى الله عليه وسلم- مُقتصرا على ما يحتاجه الناس في ذلك الزمن، بل ورد النهي منه -صلى الله عليه وسلم- عن كثرة السؤال: "ذروني ما تركتكم، فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم، فإذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم، وإذا نهيتكم عن شيء فدعوه".

وناقشتْ الندوة الحادية عشرة 2012م النظرية الفقه والنظام الفقهي القضايا الفكرية والتراثية الإسلامية والمتغيرات التاريخية في أنحاء العالم الإسلامي، والدراسات الفقهية الإسلامية في رؤيته التنظيرية كقانون تأسيسي، والاهتمام بالدراسات النظرية في الأصول والعلل والمقاصد؛ وذلك لما تمثله من نزوع للمراجعة والنقد والتصحيح، واتجاه لصنع الجديد عن طريق العمل الدؤوب في البحث الجاد والتطوير، ودور المسلمين أن يستعيدوا الثقة في فكرهم وتراثهم ومشروعهم الحضاري.

وتناولتْ الندوة الثانية عشرة 2013م "فقه رؤية العالم والعيش فيه المذاهب الفقهية والتجارب المعاصرة"، عدداً من المحاور التي كان لها الدور الفعال والإيجابي في خدمة الأمة الإسلامية، تتمثَّل في المصطلحات والمفاهيم والخطاب التشريعي وفقه التعايش والمدارس الفقهية وفقه العيش في العالم (الفقه الإباضي)، والمدارس الفقهية وفقه العيش في العالم رؤية مقارنة (المذاهب الفقهية الإسلامية)، وفقه العيش المشترك وعيش ألخصوصية وحقوق المخالف دينيا، وأصل العلاقة مع غير المسلمين في المنظور الإسلامي، وفقه الملاءمة والمجتمع الدولي.

وفي نسختها الثالثة عشرة لعام 2014م، حلمت الندوة عنوان "الفقه الإسلامي المشترك الإنساني والمصالح"؛ وتناولت عددا من مفاهيم الاشتراك في الحياة بين المسلمين أنفسهم ومع غيرهم، في الوطن الواحد والعالم من خلال الدراسات الفقهية المعمقة والاجتماعية المكتسبة والتربوية النظرية والآراء المذهبية المقارنة.

تعليق عبر الفيس بوك