قابوس... الوطن

مدرين المكتومية

بعد انتظار طويل عاشه المواطن العماني بين الجبل والصحراء، والبحر والمدينة حانت اللحظة التي انتظرها العمانيون منذ ثمانية أشهر مرّت على العمانيين وكأنّها ثمانية أعوام متثاقلة تمشي الهوينا، اللحظة التي عانق فيها العمانيون قائدهم وباني نهضة عمان الحديثة صاحب الجلالة المعظم -حفظه الله ورعاه-، فهاهي عمان تتزين وتفرح وتصدح بالأهازيج فرحاً بقدومه، وجبال عمان تكسوها الفرحة، وسهولها فرشت ورداً وزهوراًً وزادت نوراً مُقتبسة من نور محياكم يا جلالة السلطان، وكل عُماني في كل شبر من عمان يستيقظ صباحًا بأمل جديد وحياة كريمة، وكأنّهم ولدوا من جديد، كل المشاعر المرتبكة والمخنوقة بدواخلنا خرجت على شكل دموع من عينين حمراوين عند رؤيتك يا سيدي جلالة السلطان المعظم وأنت تنزل من سلم الطائرة بكل قوة وثبات وكأنك تقول لكل عماني عاش ساعات الانتظار بأمل مطمئناً: "ها أنا أعود لأكمل مشوار بناء هذه الدولة".

قابوس بن سعيد رجل عمان الأول، الرجل الذي يحبه ويكن له كل الولاء والعرفان الكبير قبل الصغير، تختنق الكلمات ولا تقوى على الخروج لتُعبِّر عمّا يختلج في النفوس تجاه الموقف، السلطان قابوس باني عمان، وصانع مجدها، عاد ليُعيد البسمة إلى الشفاه المطبقة، عاد ليخبرنا أنّ الأمل بالله دائمًا كبير، وأنّ هناك ما نعيش لأجله وأن عمان تحتاج لكل ساعد من سواعدنا، والحمد الله هاهي عمان تزهو بألوان الفرح من جديد، وتعم الفرحة مدنها وقراها وشواطئها، بل وتتعدى الفرحة حدودها لتعم دول الجوار العربي والإقليمي وكل من امتدت له يد قابوس الحانية بالخير، وما أطولها من يدٍ لا تكفُّ عن إغاثة الملهوف أينما كان، وهي كذلك ممتدة لكل عمل يؤدي إلى جمع شتات القلوب ورأب التصدعات وحل النزاعات أينما كانت، وليس أدل على ذلك من جلسات المفاوضات التي تجرى وتكون عمان حاضرةً بفضل حكمة وحنكة جلالته -أعزه الله- هو قد اتِّخذ من سياسة الحياد الإيجابي منهجاً وطريقة فالجميع يفرح ويهنئ عمان بعودة قائدها حفظه الله ورعاه.

الأمر الذي كان صعبًا بالنسبة لنا هو فترة الانتظار الطويلة التي قضيناها بين إشاعات العودة وبارقة المقدم السامي، فقد كانت فترة عصيبة على كل عماني أخذ الانتظار ينهش في جسده قبل وقته دون أيّ أخبار مطمئنة، وإن جاءت فإنه ليس من رأى كمن سمع، وأخذت الإشاعات تأخذ مسارها الذي جعلنا في حالة من التوتر والانتظار، كل تلك المشاعر التي اجتاحتنا للحظة انتهت وتلاشت عند رؤية طائرك الميمون يحط رحاله بأرض مطار مسقط الدولي، قادمًا لأبناء شعبك.

سيدي سلطان عمان، على الرغم من أنّ الشائعات أخذت حيزا كبيرا في غيابك لكنه كان شغفا وشوقا لرؤيتك وعودتك، فمختلف القطاعات عملت للتحضير لعودتك الكريمة، فالجميع يود أن يرصد ويبلغ رسالة العودة لكل بقعة من بقاع عمان، ويود أن يشارك ولو بوضع بصمة بسيطة فرحًا بعودتك أيها الغالي، عمان تتنفس الآن بأريحية بعيدًا عن جهاز الأكسجين، الذي ضيق عليها النفس، واختنقت قليلا، ها هي تسير مسيرات الفرح التي يؤمها الصغار والكبار قد خرجوا من أماكن العمل والدراسة ومن دورهم يعبرون عن ما في صدورهم من محبة وولاء، وعادت عُمان لتُغني بكل حب وفرح " أبشري ... قابوس جاء، فلتباركه السماء..." .

 

madreen@alroya.info

تعليق عبر الفيس بوك