عمان أولا

غازي الخالدي

منذ بزوغ فجر النهضة المباركة كان ولا يزال الإنسان العماني هو أساس التنمية وغايتها، وهو الباني لحاضر الوطن والمستشرف لمستقبله المشرق، وهو المشيد للصروح والمنجزات بكل تفان ومسؤولية .. والوطن يبنى بسواعد أبنائه، الذين يشمرون عن سواعد الجد والعزم ويتسلحون بالصبر والثبات من أجل عمان الأم التي تتنظر من أبنائها أن يبروا بها ويعمروها.

إنّ الأنسان العماني هو الرهان الحقيقي وهو العمود الأساسي الذي اتكأت عليه النهضة العمانية منذ انطلاقتها وإلى اليوم وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، وعلى امتداد سنوات قد خلت جعل الإنسان العماني من بلده خيارًا أوليًا على مدى عمره لا يلتفت إلى صغار الأمور بل ينظر بالعين الكبيرة إلى عمان ومصلحتها فوق أيّ اعتبار.

نعيش على أرض عمان الغالية وبها إنجازات شامخة لا أحد ينكرها تروي لنا قصة من سبقونا في العمل ومن ضحوا من أجل عمان عندما جعلوها أولاً فلا مصالح شخصية ولا رغبة في الحصول على منصب أو أرض أو أسهم في شركة أو انتفاع من مشروع معين. عملوا بجد واجتهاد كل شخص في مجاله، فالطبيب يعالج مرضاه بتفاني وإخلاص، والمعلم يشرح درسه لتلاميذه ويخٌرج الأجيال التي تواصل مسيرة البناء، والمهندس يخطط ويصمم وينفذ المشاريع والمسؤول قريب من المواطن يسمع لمتطلباته وينفذها وغيرهم الكثير ممن عملوا كلٌ حسب اختصاصه وقدراته، نستلهم من ماضيهم معنى العزيمة والإصرار ونأخذ بتجارب من سبقونا ونبني عليها مستقبلنا.

عمان أولاً هو الشعار الذي ينبغي أن نعمل من أجله، من أجل حاضرنا ومستقبلنا ومن أجل الأجيال القادمة، عمان أولاً في انتخابات مجلس الشورى القادمة فنختار ذوي الكفاءة بيننا ممن يستطيع أن يحقق تطلعاتنا في وطننا الغالي ويساهم في إيصال صوت المواطن للجهات ذات الاختصاص، عمان أولاً في مؤسساتنا الحكومية ننبذ المصالح الشخصية التي أرهقتنا، وان نركن المحسوبية ونطمسها ولا نلتفت لها، وأن نجعل مؤسساتنا ذات جودة عالية من حيث الخدمات والأنظمة المعمول بها، أن نتسابق في العمل والعطاء والتفاني وأن نتنافس بيننا بالعمل والعطاء، عمان أولاً نشحذ الهمم والطاقات والقدرات وكل الإمكانيات البشرية من أجلها ومن أجل من يعيش عليها، عمان أولا في حديثنا مع ذاتنا وبيننا فلا أطماع ولا تسلط ولا إقصاء لرأي مخالف وتخوينه وتجريده من وطنيته ولا تمسك برأي مخطئ، عمان أولا في مشاريعنا التنموية المقامة حاليا والمستقبلية ومدى الاستفادة القصوى منها لتخدم المواطنين لا أن تخدم الشركة فحسب، عمان أولا في الاتفاقيات الخارجية المبرمة أياً كان نوعها نضع مصلحة البلد أولا وفوق كل اعتبار، عمان أولا في الخطط التنموية الخمسية والرؤى طويلة المدى والقصيرة، نراعي كافة الأطراف ونعمل بالبصيرة وبضمانات النجاح ونجعل من الإنسان والوطن الخيار الأول بها، عمان أولا في مؤسسات القطاع الخاص فتقوم بدورها على أكمل وجه، تدرب وتوظف وتساهم في القيمة المضافة للاقتصاد الوطني وتشارك في مسؤوليتها الاجتماعية. عمان أولاً نعترف بالخطأ من أجلها فلا عمل بدون أخطاء ونكتسب من خطئنا الإرادة للتصحيح والمضي قدما في مسارات مضيئة بالنجاح.

ماذا نحتاج في هذه المرحلة الهامة جدا من عمر النهضة المباركة؟

نحتاج أن نجعل عمان هي شغلنا الشاغل وهي حديثنا في الصباح والمساء، نحتاج أن نعمل بمزيد من الجد والاجتهاد والصبر والمثابرة وأن نجعل عمان تقارع كافة الدول في مختلف المجالات، نحتاج أن نجعل عمان هي حديثنا في المجالس، نتناقش بيننا في ما يخدمها ويعمرها، نسخر وقتنا للبحث عن الحلول ومناقشتها، بحاجة إلى أن نكون أكثر صدقا مع أنفسنا ومع إخواننا في الوطن وأن نثق في بعضنا وفي قدرتنا على العطاء فلا تشكيك بأحد ولا انتقاص من أحد ولا اتهامات بالفساد لأحد فالقضاء يفصل فيمن سولت له نفسه الفساد، نحتاج أن نثق في مؤسساتنا الحكومية ومسؤوليها وأن نعطيهم الفرصة من أجل إحداث الأفضل وليس أن نلقي عليهم اللوم ليلا ونهارا ويجب أن نترك المعادلة التي تقول بأن كل مسؤول فاسد حتى تثبت براءته.

حقيقةً نحن بحاجة إلى أن تكون مؤسساتنا أكثر نضجا وأكثر إنتاجيه وأن نعين ونعاون كل ما من شأنه أن يرتقي بالإنسان العماني وقدراته وتنميتها، نحن بحاجة إلى أن تقوم المؤسسات الحكومية والخاصة بدورها على أكمل وجه وفق ما تنشده تطلعات أبناء الوطن الأعزاء، تٌسرع من إجراءاتها وتتغلب على البيروقراطية وتعمل بوتيرة متسارعة لا بوتيرة روتينية قاتلة. نحن بحاجه إلى أن تقوم مؤسسات المجتمع المدني بدورها المنشود فلا رغبة في شهرة تأتي على حساب ترؤس مجلس إدارة أو مصالح شخصية، فمؤسسات المجتمع المدني تغذي المجتمع ببرامجها وفعاليتها ومساهماتها المثرية الفعالة، نحن بحاجة إلى أن نبني صفا ثانيا قادرا على تبني المسؤولية والإدارة، نصقلهم بالمهارات والمعارف الضرورية ليستطيعوا أن يكملوا مشوار البناء والتعمير وأن يتخذوا القرارات الصائبة التي تلقي بظلالها على الوطن الغالي، نحن بحاجة إلى تمكين الشباب وإتاحة الفرصة لهم واحتوائهم في مختلف المجالات التي تمكنهم من العطاء وبذل أقصى ما عندهم مناجل عمان، نحن بحاجه إلى تعليم عالٍ قادر أن يواكب متطلبات تكنولوجيا العصر وتقنياته الجديدة وما تفرضه عليه تطورات الأحداث في العالم، نحن بحاجة إلى التكاتف من أجل أن نكافح الظواهر الدخيلة على المجتمع، نوعي أنفسنا وأقرباؤنا فلا نريد أن نرى شاباً وقد أصيب بآفة المخدرات ولا نريد أن نسمع حوادث مرورية نتيجة التهور والسرعة الزائدة، نحن بحاجة أن نثق في مشروعات الشباب ومؤسساتهم الصغيرة والمتوسطة وأن نكافح التجارة المستترة وأن نشجع شبابنا على فتح مشاريعهم ونحفزهم، علينا أن نكون يدًا واحدة حكومة ومواطنين نمضي في مركب واحد في بحر من التحديات أمواجه ليست بالهينة، علينا أن ننبذ التشاؤم ونتفاءل بغدٍ أفضل، علينا أن نوقف حالة التذمر المستمر فنحن نستطيع أن نفعل الكثير والكثير. وفي خضم ما يحدث في المنطقة العربية من صراعات وأحداث دموية علينا نحن العمانيين أن نكون صفاً واحدًا أمام الفتن ما ظهر منها وما بطن وأن نظل كما نحن مثالاً يحتذى به وقصة تسامح وانسجام يروي القاصي والداني تفاصيلها، علينا أن نكون أكثر يقظة لمن يحاول النيل من السلطنة عبر مختلف الوسائل والأصعدة، فنحن في بلد آمن مطمئن يسوده الأمن والأمان ينعم بالخيرات يتمناه الكثيرون.

إنّ المنجزات التي تحققت على أرض السلطنة بحاجة لمن يرعاها حق رعايتها وأن يوليها كل اهتمامه وأن يحافظ عليها ويعمل على تطويرها فالإنجازات لم تأت على طريق مفروش بالورود بل نتاج عمل دؤوب ومتواصل عنوانه التضحية والجهد الجاد والشاق من أجل ما نحن عليه اليوم وعطفًا على ذلك فالمسؤولية ملقاة على عاتقنا في الحفاظ على منجزاتنا وأن نفتخر بها ونفاخر.

هدفنا واحد وغايتنا واحدة وهي عمان الإنسان والوطن، طموحنا مشترك وهمومنا واحدة، ونحن قادرون على أن نحقق ما نريد فقط نحتاج إلى العمل والإيمان بقدراتنا فالوطن يستحق منّا كل غالٍ ونفيس لأجله ويبقى الشعار دائمًا وأبدًا عمان أولاً.

 

Ghazi3226@hotmail.com

 

 

 

تعليق عبر الفيس بوك