سارة بنت علي البريكية
منذ أن تفتحت عيناي على الوجود، ألفيت كبارنا وهم يسارعون في الخيرات ونجدة الملهوف وإعانة الناس بالرأي والمال.. نعم كانوا كبارا في كل شيء؛ في أدبهم وأخلاقهم وأفهامهم وحبهم للوطن.. ولن يكون غريبا أن تجد في عمان بالمنتديات الأدبيّة والفكرية أصحاب مبادرات مجتمعيّة وإنسانية هم أدباء ومفكرون ومثقفون بطبعهم.. حازوا فضل الخير وحب الوطن وفضل العلم والأدب مما أهلهم ليكونوا نواة خير ونموذجا صالحا يقتدى به، وينبوعًا يُنهل منه.
نعم، تاريخنا الضارب في العراقة والقدم زاخر بالأمجاد والبطولات والإنجازات، التي تقف صروحنا ومعالمنا الحضارية شاهدة عليها.. فنحن نسل علماء من لدن الفراهيدي وأبو مسلم البهلاني وغيره من جهابذة العلم والفكر.. وستظل مشاعل المعرفة والعلم متقدة بيننا، تتناقل بين أجيالنا كلما تعاقبت السنين والفصول وغرد في الأيك طائر.
وعطفًا على ماسبق أقول إنّ من باب حسن الخلق نسب الفضل لأهله، وإنزال الناس منازلهم والتحدث بنعمة الله أن جعل بيننا نماذج مشرقة من أبناء الوطن، وأود في هذه العجالة أن أقدم عظيم شكري وخالص تقديري لأحد أبناء الوطن الكرام البررة بعمان وأهلها وكل مقيم على أرض السلطنة الغالية، والذي ما فتئ يقدم كل غالٍ ورخيص من أجلها؛ ألا وهو الأستاذ حاتم الطائي رئيس تحرير "جريدة الرؤية" الغراء، والذي حمل على عاتقه عبر انتهاج إعلام المبادرات مهمة جعل المسؤولية الاجتماعية للقطاع الخاص واقعا معاشا يمشي بين الناس وينفعهم، فقد ظلت جريدة الرؤية بفضل ربانها الماهر وطاقم عملها المجتهد تقدم المبادرات الاقتصادية والرياضية والثقافية الواحدة تلو الأخرى، بل وسعت عبر نهج إعلام المبادرات لأن يكون للقطاع الخاص دور في تطوير المجتمع والأخذ بيده حتى يستفيد من حفز موارده البششرية والتنموية بما يدفع قدما في تقدم عمان ونهضتها المباركة التي أرسى دعائمها حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم - حفظه الله ورعاه-.
فالطائي فضلا عن أنّه صاحب مبادرات فهو أديب مطبوع وكاتب متمرس، وصحفي ناجح، سعى عبر المهنية الصادقة والطرح البناء والكلمة الرصينة والنقد الهادف إلى تطوير جريدة الرؤية حتى حجزت لنفسها مكانًا بين دور النشر المحلية والإقليمية، وأن يكون الإعلام هو رأس الرمح في التنمية بما يطرحه من رؤى ثاقبة في العرض والتناول واجتراح الحلول لمختلف المشكلات التي تواجه المجتمع..
ولن أكون مغالية إن قلت أنّ جريدة الرؤية تعد نموذجًا حقيقيا لمعنى الديمقراطية والتنوع، بما تزخر به من أقلام رصينة من مختلف المشارب والاتجاهات الفكرية والاجتماعية والإقليمية، والتي يجمعها قاسم مشترك اسمه محبة الوطن والعمل على رفعة شأنه حتى يصبح في مصاف الدول المتقدمة والمتطورة.. والحقيقة أنّ شهادتنا في الرجل مجروحة، ومهما قلنا فلن نستطيع أن نوفيه حقه ومستحقه، فالرجل والشهادة لله إنسان بمعنى الكلمة، يخجلك بتواضعه الجم وأدبه الرفيع.. تجده وسط أبنائه من طاقم جريدة الرؤية هاشا باشا، يعلم ذاك وينصح ذاك بأبوة واحترام بالغين.. سلاحه بجانب الثّقة في الشباب هو التحفيز والتشجيع، فكثيرا ما تسمعه يقول: أنا وأنت في خندق واحد.. كلنا من أجل عمان، وكلنا بما نملك من مهارات وإمكانيات جنود لعمان وللإنسانية.. يحدثك بأنك جزء رئيسي في منظومة العمل والتخطيط، وأنّ الأمال معقودة عليك وأن تحقيق الأهداف رهينًا بك.. فما أجمل ذلك من تحفيز، وما أروعه من تشجيع يبعث على الثقة في النفس وتفجير الطاقات الكامنة فيها..
ربما بحسابات الوقت وعامل الزمن يعد عمر جريدة الرؤية قصيرًا، ولكن بمعايير العطاء والأهداف التي تحققت اقول وبملء فمي أنها كبيرة.. كبيرة بما قدمت وستظل تقدمه.. كبيرة بما تمتلك من رؤى وطاقم فريد على رأسه الطائي.. ولن يقف الأمر عند هذا الحد فالرؤية ستسير في مسيرتها القاصدة، وستسعى نحو مزيد من التجويد والتطوير، وستمتلك زمام المبادرة لتحوز قصب السبق في الكثير من الأمور والأعمال، وستزدان صفحاتها كل يوم بما هو مفيد ومشرق.
وفي مطلع هذا الأسبوع وإيمانًا منه بدور الكاتب، أقامت جريدة الرؤية بالنادي الدبلوماسي احتفائية رائعة، كرمت فيها عددا من الكتاب وأصحاب الأقلام من الجنسين.. اللقاء كان ثريًا بما تم فيه من طرح وتبادل معلومات والأفكار في كل ما من شانه خدمة مجتمعنا ، فتحت فيه النفوس على بعضها لتسجل التآلف والتعارّف على بعضنا بعضا، وفي لفتة بارعة تمّ تكريم كل الحاضرين.. هذا التكريم عزز من شعورنا وانتمائنا لمؤسسة الرؤية، وهذا الدعم المعنوي سيدفعنا نحو مزيد من التطوير والاستمرار في الكتابة التي تقود الآخرين نحو آفاق التنوير والتطوير.. وهذا لعمري هو دور الرئيسي.
شكرًا أستاذ حاتم الطائي على كل ما تفضلت به.. شكرا لما أفردت لنا من مساحة معنوية وفكرية في جريدة الرؤية.. شكرا لأنّك جمعتنا على صعيد واحد اسمه حب عمان، وصحيفة واحدة من أجل رفعة وطن واحد، نتمنى أن نكون عند حسن الظن بنا، لنجمع تحت أطياف الكلمة كل حب وعمل ناجح وصادق ومخلص يرفع اسم بلادنا عاليا.