الدعم المعنوي وزرع الأمل واستعادة الثقة بالنفس أهم ما يحتاجه المتعافي في مرحلة إعادة الدمج

 

 

 

 

الرؤية- مدرين المكتومية

 

أكد عدد ممن استطلعت "الرؤية" آراءهم بشأن جدوى دمج المتعافي من الإدمان في المجتمع من جديد على حق المدمن في أن تقدم له الأسرة والمجتمع الدعم المعنوي اللازم لتخطي هذه المرحلة المصيرية، وقالوا إنّ المدمن ربما يكون ضحية عدم الاستقرار الأسري بداية، لذلك يجب على الأسرة أن تستعيده إلى دائرتها وتصحح خطأها الذي دفعه إلى البحث عن الصحبة السيئة خارج المنزل، وأشاروا إلى أنّ العتاب المستمر لن يفيد المدمن في مرحلة العلاج وإنما الأثر الإيجابي المرجو يكون من خلال منحه الثقة في نفسه من جديد والعمل على تحسين البيئة المحيطة به عاطفيا وماديا واجتماعيا لتجنب انتكاسته وعودته إلى أصدقاء السوء بعد اجتياز مرحلة التعافي.

ويرى محمد الفزاري مهندس عمليات تشغيل نفط وغاز أن إدمان المخدرات بات ظاهرة خطيرة يزداد انتشارها بين الشباب بوسائل متعددة، دون أن يعي كل فرد أنّه يمهد الطريق بذلك لخسارة نفسه وضياع أسرته، لذلك فإنّ المدمن في حاجة إلى من يحتويه ليفهم من أسباب لجوئه إلى تلك الآفة، لأن معرفة السبب تمثل نصف حل المشكلة، مشيرا إلى خطورة التعامل مع المدن بأسلوب قاسٍ حتى لا ينفر ويرفض النصيحة والعلاج.

 

الدعم المعنوي

 

ويضيف الفزاري أنّه سمع العديد من القصص المؤسفة عن شباب فقد حياته بسبب جرعة زائدة من المخدر الذي يدمنه وآخر يصاب بمرض مزمن بسبب تلوث أدوات التعاطي فيدفع من حوله إلى تجنب التعامل معه خوفاً من التأثر بحالته الصحية وهو ما قد يزيد من سوء حالته النفسية، بينما التعامل الصحيح من جانب المجتمع خصوصا الشباب يكون بالعمل على خلق بيئة جاذبة لكل مدمن من أجل إقناعه ببدء مرحلة العلاج ليتعافى من الإدمان ويعود إلى حياته الأسرية سالما معافى، ولن يتم ذلك إلا إذا عمل المحيطون به على التقرب منه وإبداء التعاطف معه ودعمه معنويًا بدلاً من تأنيبه وعتابه باستمرار، فضلاً عن أهمية توفير حياة مستقرة له بعيدًا عن أصدقاء السوء وإبعاده عن الأماكن التي كان يرتادها لأجل التعاطي.

ويؤكد الفزاري أنّ الأمر ليس سهلاً على المجتمع أو أسرة المدمن ولا على المتعاطي نفسه، لذلك فإنّ الحل في التوعية وإبراز النماذج الإيجابية التي تمكن من خوض مرحلة العلاج بصبر وتحمل وأمل، خاصة من خلال الندوات التي تقام في المدارس والجامعات لأن المراهقين هم الأكثر عرضة لتلك الآفة، ويشير الفزاري إلى ضرورة تشديد الرقابة وملاحقة مرتادي الأماكن التي يشتبه في استغلالها لترويج المخدرات والعمل على تشديد العقوبات بشأن تعاطي المخدرات وترويجها، وكذلك تشكيل مجموعات عمل توعوية ومراكز متخصصة بالجامعات تعنى بتوعية الشباب وترسيخ القيم التي تبعدهم عن المحرمات.

 

تكاتف الجهود

 

ويقول عبد الملك بن علي بن عبد الله كاتب شؤون مالية بوزارة التربية والتعليم إنّ الكثير من المغريات تحاصر الشباب وتدفعهم إلى الطريق الخطأ، خصوصا في ظل توتر العلاقة بين أفراد الأسرة وسوء الحالة الاجتماعية والأوضاع المالية، فيكون صديق السوء هو الطريق الوحيد للترويح عن النفس، الذي يكون في كثير من الأحيان من خلال ممارسات خاطئة نزولا على رغبة الزملاء بدعوى التجربة ومحاولة لنسيان الهموم العائلية والمالية ليصلوا إلى مرحلة الإدمان دون أن يشعروا.

ويرى عبد الملك أنّ على مختلف فئات المجتمع أن تمد يد العون إلى هؤلاء الشباب المتورطين في الإدمان من خلال الاقتراب منهم ومعرفة الأسباب التي دفعت بهم إلى الإدمان بدلاً من تجنبهم ومعاملتهم معاملة المجرمين، وبعد مرحلة العلاج لابد أن تعمل جميع الأطراف على تغيير الأوضاع الاجتماعية والمالية المحيطة بهؤلاء الشباب لضمان عدم انتكاستهم، لافتًا إلى أنّ ذلك يحتاج إلى تكاتف جهود مختلف المؤسسات والجهات، ولا يقع الأمر على عاتق الأسرة وحدها وإن كان دورها بالغ الأهمية باعتبارها اللبنة الأساسية لبناء الشخصية وتغير الحال من الأسوأ للأفضل، لذلك يجب أن يهتم الوالدان بضمان الاستقرار الأسري لحماية الأطفال من الانحراف خارج المنزل، وحتى لا يكون الوالدان سبباً في دمار مستقبل الأبناء من حيث أرادوا حمايتهم.

 

الأسرة أولاً

 

ويؤكد سالم الفارسي، تربوي، على محورية دور الأسرة في تحديد مصير الأبناء في مرحلة المراهقة والشباب بدءًا من مرحلة الطفولة، حيث إنّ التربية هي أساس كل فعل يقدم عليه المراهقون والشباب خارج منزل العائلة، لذلك لابد من تربية الأطفال على مبدأ الرقابة الذاتية لأنّهم لن يقضوا بقية حياتهم داخل منزل الأسرة وفي حدود معارفهم وأقاربهم، وإنّما لابد لهم أن يحتكوا بمختلف فئات المجتمع أثناء الدراسة والعمل، ولن يحميهم في تلك المرحلة إلى التعود على ممارسة الرقابة الذاتية على أنفسهم، ويرى أنّه قبل أن تلوم الأسرة ابنها المدمن لابد أن توجه اللوم إلى نفسها أولاً، لأنّه لم يدفع إلى تلك الآفة إلا لافتقاده الاستقرار الأسري، لذلك من حقه على الأسرة والمجتمع أن يسعى الجميع إلى احتوائه أثناء وبعد مرحلة العلاج والتعافي من الإدمان ودعمه معنوياً لتخطي تلك المرحلة المصيرية ليستعيد ثقته في نفسه من جديد.

 

تعليق عبر الفيس بوك