عيد الوطن.. واستشراف المستقبل

حاتم الطائي

عيد الوطن.. هو بكل المقاييس يوم استثنائي في حياة الشعب العماني، ويستحق بالتالي احتفالا غير عادي؛ احتفالا لا يتوقف عند التغني بالمنجز، بل يتعداه إلى استشراف المستقبل..

احتفال يؤسس على مسيرات الفرح وكرنفالات الابتهاج التي تعم أنحاء السلطنة حاليًا، لتدعيم صلابة وحدتنا الوطنية، ورص بنيان الصف الوطني ليزداد مناعة وقوة تحصنه ضد كل ما من شأنه النيل من تماسكه، وتجنبه أية محاولات اختراق تستهدف وحدته.

ورغم أنّ احتفالات العيد الوطني المجيد لهذا العام، تأتي وجلالة السلطان خارج البلاد، إلا أنّ جلالته يفرض حضوره الطاغي على المناسبة المجيدة في هذا العام أسوة بغيره من الأعوام.

فهو حاضر دائمًا في وجدان شعبه الوفي، باعتباره الأب الروحي، وقائد مسيرة النهضة، الذي انتقل بعمان إلى آفاق الدولة العصرية بالاتكاء على إرث حضاري تليد..

بدأت مواسم الفرح بالعيد الوطني لهذا العام مبكرًا، منطلقة من الإطلالة السامية لجلالة السطان في الخامس من نوفمبر لتدشن بشائر الاحتفالات.. هذه الإطلالة التي جاءت مصحوبة بكلمة سامية حفلت بالعديد من المضامين المؤكدة على إعلاء قيم تماسك اللحمة الوطنية للمضي قدمًا في مسيرة النماء التي يقودها جلالته بحنكة واقتدار..

إنّ كرنفالات الفرح التي انطلقت في أعقاب الإطلالة والنطق السامي، جسدت بجلاء التفاف الشعب العماني حول قائد مسيرته، وترجمت مشاعر الحب الصادق لجلالته، وهو حب متبادل بين السلطان وشعبه الوفي وبصورة يندر مثيلها في عالمنا المعاصر.

خرج الشعب العماني في مختلف المحافظات والولايات، في مسيرات ولاء حاشدة، والدعاء بأن يسبغ الله على جلالته الصحة ليعود إلى وطنه الذي يتحرّق شوقًا لعودته رافلا في ثوب العافية.

هذه المسيرات جاءت لتجدد العهد والولاء لباني نهضة عمان، والتأكيد على ثوابتها والمحافظة على منجزاتها. خاصة في ظل ما يعج به عالمنا العربي من أزمات وفتن وتشظ.. حيث تتقاذفه أمواج الفرقة والشقاق والاقتتال..

كل هذا يحتم علينا في عيدنا الوطني المجيد أن نؤكد على لحمتنا الوطنية بالثبات صفا واحدًا في وجه رياح الطائفية والتطرّف والفتن التي تشعل المنطقة بالحروب وتهددها بالخراب والدمار.

ليكن احتفالنا مختلفًا هذا العام، بتعظيم عطائنا للوطن كل من موقعه.. استشعاًرا لمكانة هذه المناسبة العظيمة التي تعني الانطلاق نحو آفاق جديدة من التنمية الخلاقة.

لنقدم إلى الوطن في يوم عيده هدية شخصية من كل مواطن تتمثل في إنجاز - مهما كان حجمه - وعهد بالوفاء له، ردًا لجميله الذي يطوق الأعناق..

ويتأتى ذلك من خلال تحمل كل مواطن ومواطنة مسؤوليته في الحفاظ على المنجزات الوطنية وتطويرها إلى الأمام لتبقى راية عمان عالية خفاقة..

علينا أن نعقد العزم ونحن نحتفل بعيد الوطن على العمل بروح الفريق الواحد؛ حكومة ومواطنين وقطاعًا خاصًا ومجتمعا مدنيا؛ لتذليل العقبات، وتجاوز التحديات التي تواجهنا؛ لنصل بعيدًا بنهضتنا في سباق الأمم الحضاري نحو المجد والرفعة.

فنحن نواجه تحديات رئيسية وأخرى متفرعة عنها.. وجميعها ترتبط وتتشابك ببعضها البعض كنسيجى العنكبوت، رغم اختلاف منطلقاتها وتنوعها ما بين اقتصادي واجتماعي وثقافي.

ورغم أننا لسنا في سياق التطرّق التفصيلي لهذه التحديات، إلا أنّه وعلى المستوى الاقتصادي يفرض تحدي التنويع الاقتصادي جدليته؛ باعتباره حديث الساعة في ظل الانخفاض المتواتر في أسعار النفط.

علينا اقتناص فرصة عيدنا الوطني لرسم خارطة طريق محددة، ومعرفة كيفية إدارة هذا التنويع؛ وآلية تحقيقه وفق جدول زمني صارم.

ولتكن البداية برفع كفاءة القطاعات الاقتصادية المختلفة كالسياحة والصناعة والخدمات، وتعميق ثقافة العمل، ولا يوجد ما يمنعنا من تحقيق ذلك خلال العشر السنوات المقبلة متى ما توافرت الإرادة لذلك، واستطعنا القفز على الأسباب الذاتية التي تعوق وصولنا إلى هذا الهدف..

لنُجمِع في عيدنا الوطني الـ44 المجيد، على المضي قدمًا في مسيرة التنمية البشرية وتطوير الموارد والكفاءات، حيث بات من الواضح أنّ اقتصادنا قادر على خلق فرص وظيفية، فيما يصعب على نظامنا التعليمي مجاراة هذا الواقع بمخرجات وكفاءات قادرة على شغل هذه الوظائف.

وبالإجمال، ليكن احتفالنا بعيد الوطن استثنائيًا من خلال تعظيم القدرة على التكيف وبشكل أفضل مع المعطيات المتغيرة، بما يعزز مسيرة الوطن نحو آفاق مستقبل أكثر إشراقًا.

تعليق عبر الفيس بوك