حاتم الطائي
عدت لزيارة محافظة مسندم؛ هذه المرة ضمن فريق عمل جائزة الرؤية لمبادرات الشباب، في إطار الجولة التعريفية بالجائزة، التي تهدف إلى الحوار مع الشباب في مختلف المحافظات والتعرّف على أحلامهم، وملامسة طموحاتهم..
لفت نظري خلال هذه الزيارة، تسارع وتيرة التنمية واتساع خطاها؛ لتشمل جميع المجالات التنمويّة والخدميّة وفي مختلف ولايات المحافظة، حيث يجري العمل في تنفيذ مشاريع الطرق وتوسعتها، وإنشاء مستشفى خصب المرجعي، وتوسعة ميناء خصب، إضافة إلى المرافق الإيوائيّة السياحيّة وفي مقدّمتها ذلك فندق جديد تحت الانشاء تضطلع بتنفيذه شركة عمران ليكون بمثابة عنوان للسياحة في هذه المحافظة الواعدة.
وللقطاع الخاص إسهامات وبصمات لا تخطئها العين؛ وهو يسعى جاهدًا لتعزيز حضوره على الساحة الاقتصاديّة، وتمكين دوره حتى يكافئ التطلّعات الكبيرة المعقودة عليه في النهوض بالمحافظة وتطويرها..
وفي هذا الإطار يحدثنا رئيس الغرفة حامد بن محمد زمان الرئيسي، بدفق من الحماس والإيجابيّة عن مختلف المشاريع والخطط التنموية في المحافظة، والتي تقدر تكلفتها بـ700 مليون ريال عماني لتشمل الصحة والتعليم والطرق وتطوير ميناء خصب؛ والأهم في كل هذا الانتهاء قريبًا من الإستراتيجيّة الشاملة لمحافظة مسندم، والتي ينفذها المجلس الأعلى للتخطيط؛ والتي ستكون خارطة طريق للعمل التنموي بالمحافظة، التي تقوم على الاستثمار الأمثل للموارد البشريّة والطبيعية بالمحافظة التي تتميز بموقعها الإستراتيجي الفريد..
ويعبّر رئيس غرفة مسندم، وكذلك مديرها محمد الشحي عن التطلّع لتأسيس شركة مساهمة عامة لأبناء محافظة مسندم؛ تقوم بتنفيذ المشروعات الكبرى، والتأسيس لشركات في مختلف المجالات لتقوم بدورها في تطوير المشاريع الكبرى وخاصة في المجالات التي تلائم المحافظة، ومنها الترانزيت والتجارة البينية والنقل؛ لأنّ جدوى الشركات الصغيرة محدودة، مما يستوجب تجميع رؤوس الأموال بالاعتماد على دراسات جدوى وكفاءات مهنية عليا لرفع مساهمة المحافظة اقتصاديا.
إنّ من شأن تأسيس شركة قابضة بإمكانيّات عالية، جذب الكفاءات العاليّة، والقدرة على المنافسة والتوظيف الأمثل لمعطيات الموقع الإستراتيجي، والقرب من أسواق كبيرة جداً مثل السوق الإيرانية والإماراتيّة مما يمنحنا الكثير من الفرص في مجال التصدير وإعادة التصدير. كما إنّ توسعة الميناء ستتيح الكثير من الفرص خلال السنوات القادمة. والمتأمّل للمخطط الإستراتيجي الشامل لمحافظة مسندم، يلاحظ أنّه يحمل في طيّاته فرصًا استثمارية كبرى، ترتكز على استغلال الموقع الإستراتيجي الفريد سياحيًا وصناعيًا وتجاريًا؛ ليكون أحد أهم المراكز في المنطقة في تجارة الترانزيت وإعادة التصدير والتزوّد بالوقود وغيرها من متطلبات النقل البحري.
وغني عن القول إنّ إطلالة المحافظة على مضيق هرمز؛ حيث تمر العشرات من ناقلات النفط العملاقة في المياه الإقليميّة العمانيّة، توفر لها ميزة إضافية؛ حيث إنّ مرور هذه السلعة الإستراتيجية من هنا يخلق فرصًا يجب دراستها، وتنميتها؛ لتعزيز الاقتصاد العماني، وخلق فرص عمل واعدة للشباب العماني.
وهناك القطاع السياحي الذي تمتلك مسندم جميع مقوّماته في النجاح المُثمر؛ من أخوارٍ، وسواحلٍ وشطئان، ومشاهدة طيور، والغوص، والمرجان وغيرها من بيئات سياحية متنوعة وجميلة.. وقد أتاحت لي الإقامة في أحد الفنادق الجديدة بخصب "أتانا مسندم" والمطل على خليج خصب؛ والذي أقامته شركة عمران بنجاح أن أقف على الطبيعة وميدانيًا على تجربة فريدة، ومتميزة؛ تعكس نجاح الشباب العماني في تجسيد المفردة السياحية لهذه المحافظة، وإضفاء قدر من الخصوصية عليها؛ لتكون تجربة جديرة بالتكرار لمن يعايشها، وذلك من خلال حضارية التعامل، وكرم الضيافة بمستويات راقية.
ويبقى القول، إنّ مسندم تحتاج الآن إلى ترويج محترف من خلال الباقات والحزم الشاملة للنقل والإقامة والبرامج السياحية؛ حيث إنّه يمكن الربط بين الطيران العماني وشركة العبّارات الوطنيّة، والفنادق، وشركات السياحة، لتقديم عروض تنافسيّة مغرية وجاذبة تنعكس إقبالا سياحيًا كثيفًا على هذه المحافظة بما يعود عليها بالنماء والازدهار.