الرؤية- نجلاء عبدالعال
أكد الخبير الاقتصادي علي بن حمدان الرئيسي صعوبة البدائل الاقتصادية التي تتخذها الحكومات حول العالم في أوقات الأزمات، مشيراً إلى أنَّ تقبل العامة لمثل هذه البدائل يستلزم بناء وعي مُجتمعي بحتميتها وفائدتها على الدولة.
وقال إن الإحصائيات المنشورة عن المالية العامة، خلال الفترة من يناير إلى أبريل 2020، توضح انخفاضا في الإيرادات الإجمالية بنسبة 1.2 بالمائة مقارنة مع الإنفاق العام خلال الفترة المقابلة من العام الماضي، مع تحقيق خفض في المصروفات الخاصة بالدفاع والأمن والمصروفات الإنمائية للوزارات الحكومية ومصروفات الدعم.
ويرى الرئيسي أنَّ مسألة تخفيض قيمة العملة بديل اقتصادي غير محبذ للاقتصاد العماني، نظراً لكبر حجم العجز المالي، والتخفيض لن يفيد كثيرًا في تغطية العجز أو سداد الدين، علاوة على أنَّ هذا الإجراء سيطلق موجة تضخمية كبيرة، خاصة وأنَّ الكثير من السلع والبضائع يتم استيرادها من الخارج، وبالتالي سترتفع أسعار المواد وسيتأثر الكثير من المُواطنين ولاسيما محدودي الدخل. ولفت الرئيسي إلى أنَّ تخفيض سعر العملة إجراء يمكن الاستفادة منه في حالة توافر صادرات ضخمة غير نفطية، وهو ما لا يتوافر حتى الآن، لكن يجري العمل عليه مع مشاريع التنويع الاقتصادي، وحتى يأتي الوقت الذي يمكن فيه زيادة الصادرات، فإنَّ هذا البديل من غير المتوقع أن يتم اللجوء إليه إلا كآخر البدائل، خاصة وأن تجربة عام 1986 بتخفيض سعر العملة لم تكن نتائجها إيجابية للغاية.
لكن الخبير الاقتصادي قال إنَّ تخصيص المشروعات بديل فعال، إلا أنَّ التوقيت ربما لن يكون مناسباً، في ظل الأوضاع الاقتصادية العالمية، مستشهدا بما حدث مع عملية تخصيص جزء من شركة أرامكو السعودية.
وفيما يتعلق بالضرائب كأحد روافد الدخل للحكومات حول العالم، يرى الرئيسي أنها أحد الحلول القاسية التي لا مفر منها وتلجأ إليها الحكومات كأحد البدائل للخروج من الأزمة المالية، شريطة أن تسبقها دراسات واستعدادات. وقال إنَّ الضرائب تتخذ صورا وأشكالا متعددة؛ منها ضريبة الدخل، وضريبة القيمة المضافة، وضريبة المبيعات وغيرها، موضحاً أنَّ ضريبة الدخل على الأفراد في الغالب سيكون لها تأثير مُباشر على الموظفين باعتبار أنَّهم سيمثلون أسهل الفئات الذين يمكن تطبيق الضريبة عليهم بالاستقطاع من الراتب مباشرة، مشيراً إلى أنَّ الإحصائيات المتوافرة حاليا تتعلق بالموظفين في القطاع الحكومي أو العاملين في القطاع الخاص، في حين يبدو من الصعب حصر دخول غير العاملين في القطاعين الحكومي والخاص. وأوضح أنَّ وسائل الإعلام تُسهم بدور كبير في تهيئة الجمهور لمثل تلك الإجراءات.
وأضاف أنَّ الأزمة التي يمر بها الاقتصاد العالمي واقتصاد عُمان، غير مسبوقة بل ويمكن أن تكون الأصعب من نوعها، خاصة للدول المصدرة للنفط، حيث إنَّ الوضع المالي السلطنة صعب للغاية برغم الجهود الحثيثة التي تبذلها الحكومة، لكن لابد أحيانًا من إجراءات إضافية صعبة وضرورية في آن واحد. وأكد أنَّ تقبل الرأي العام لفكرة الضرائب أو غيرها من الإجراءات مثل التقاعد، سيكون أسهل عندما يدركون الهدف والغاية من ورائها، وكيف أنَّها حتمية لاستمرار عملية التنمية وتوفير الحياة الكريمة للأجيال القادمة.