‏نجمةٌ سقطت من السماء فتوشحت رمال ظفار

 

 

 

أحمد مسلم سوحلي جعبوب

 

(Convolvulus oppositifolius) هي جوهرة لا ترى إلا في أرض واحدة على هذا الكوكب، الكنز الذي اختار ظفار وحدها وطنا… ندرة لا تتكرر، وزهرة لا تنبض إلا في رمال الجنوب.

في عالم النبات الواسع، حيث تتوزع الأنواع بين قارات وأقاليم، تظهر أحيانًا كائنات تختار الصمت والاختفاء، كأنها لا تُريد أن تُعرف إلا لمن يستحقها. ومن بين تلك النوادر يقف Convolvulus oppositifolius وكأنه همسةٌ من بهاء الصباح، جنـسٌ من الفصيلة اللبلابية اختار أن تكون ظفار وحدها موطنه الأبدي؛ لا يتنفس غير هوائها، ولا يعرف غير رمالها الدافئة وطنًا وسكنا.

هذه النبتة ليست مجرد حضور نباتي… إنها إشارة من الطبيعة إلى تفردٍ نادرٍ قلما يتكرر، حين تمنح أرضا واحدة شرف احتواء شيء لا يوجد في أي بقعة أخرى من الدنيا. حتى في ظفار نفسها، يبقى النبات نادر الظهور، متناثرا كحبات لؤلؤ ضاعت في بحر الرمال في جنوب الجزيرة العربية كنجمة سقطت من السماء فتوشحت الرمال.

Convolvulus oppositifolius.jpeg
 

وزهرتها… ما أبهى زهرتها!

تتفتح كابتسامة رقيقة من ضوء الفجر، بلونٍ نقيّ يلامس الروح قبل العين، وفي هيئتها جاذبية خفية لا تُشبه أي نوع آخر من العائلة. ليست فقط جميلة… بل مُبهرة بطريقة هادئة، كأنها تقول لمن يراها: "أنا هنا… لكن لا يراني إلا قلبٌ يعرف قيمة الندرة".

زهرتها صغيرة، لكنها ذات قدرة ملفتة على أسر النظر، تنبع من انسجامٍ دقيق بين شكلها القمعي الناعم وتناسق أوراقها القطنية المُتقابلة التي أعطتها اسمها العلمي. وعندما يلامسها الضوء، يبدو النبات كأنَّه يوقع توقيعه الخاص على صفحة واسعة من الصحراء.

ومع ذلك ورغم هذا الجمال الأخاذ، يبقى النبات قليل الانتشار، لا يُرى إلا لمن يجوب حدود الصحراء الجنوبية بعيون عشاق الطبيعة والباحثين الدؤوبين. ندرته ليست قلة عدد فقط… بل وفاءٌ للمكان الذي احتضنه آلاف السنين، وخصوصية بيئية تصنع من الظاهرة نباتا لا يتكرر.

إنه كنز طبيعي يجب أن يُعرَف ويُوثَّق… لأن غيابه يوما يعني اختفاء فصل كامل من تاريخ الأرض وعلوم الطبيعة وأخبار النوادر من ظفار جنوب سلطنة عُمان.

تعليق عبر الفيس بوك

الأكثر قراءة

z