الرؤية- أحمد السلماني
تتجه الأنظار عند الساعة التاسعة من مساء الثلاثاء بتوقيت مسقط نحو استاد المدينة التعليمية بالعاصمة القطرية الدوحة، حيث يبدأ منتخبنا الوطني الأول لكرة القدم مشواره في النسخة الحادية عشرة من بطولة كأس العرب، عندما يلتقي بشقيقه المنتخب السعودي في مواجهة تحمل طابع القوة والإثارة.
وتُعد بمثابة الاختبار الحقيقي الثاني للبرتغالي كيروش مدرب منتخبنا في مجموعة صعبة تضم أيضًا المغرب وجزر القمر. وتأتي هذه القمة الخليجية العربية المرتقبة وسط حالة من الترقب الجماهيري، لما تحمله من حسابات فنية وتاريخية، ورغبة مشتركة في تسجيل بداية قوية بالبطولة.
ويدخل الأحمر العُماني اللقاء وهو يحمل طموحًا كبيرًا في الظهور بصورة مغايرة عن النسخة السابقة من البطولة التي أقيمت في قطر عام 2021، وودعها من الدور ربع النهائي أمام تونس بعد مباراة مثيرة انتهت لمصلحة نسور قرطاج 1 / 2.
وخاض منتخبنا تدريبه الأخير مساء الإثنين على أرض استاد المدينة التعليمية بمشاركة 23 لاعبًا، حيث ركز الجهاز الفني على تطبيق الجمل التكتيكية الأخيرة ووضع اللمسات النهائية للخطة التي سيخوض بها المباراة، بعد دراسة دقيقة لأشرطة مباريات المنتخب السعودي والوقوف على أبرز نقاط قوته وضعفه.
ويفتقد المنتخب الوطني لسبعة من عناصره الأساسية في هذه البطولة، وهي غيابات تشكل تحديًا حقيقيًا أمام الجهاز الفني. ويغيب أمجد الحارثي وأرشد العلوي وأحمد الكعبي بداعي الإصابة، فيما استبعد خالد البريكي وعبدالرحمن المشيفري بسبب نقص الجاهزية البدنية وتأخر التحاقهما بناديهما التشيكي. كما يغيب محسن الغساني بسبب التزاماته مع بانكوك يونايتد التايلندي، إضافة إلى استبعاد حاتم الروشدي لأسباب فنية. فيما تعزز الفريق بوجود المهاجم الفذ المنذر العلوي. ورغم ذلك، يؤكد كيروش جاهزية اللاعبين المتواجدين وقدرتهم على تقديم أداء تنافسي يليق باسم المنتخب الوطني.
وجاء تأهل منتخبنا إلى دور المجموعات بعد عبور منتخب الصومال بركلات الترجيح 4/1 في الملحق التأهيلي، وذلك عقب التعادل السلبي في اللقاء الذي أقيم يوم 26 نوفمبر الماضي. وأجرى المنتخب معسكرًا إعداديًا تضمن مباراتين وديتين، الأولى أمام السودان وانتهت بفوز الأحمر بثنائية زاهر الأغبري والمنذر العلوي، والثانية أمام بطل افريقيا ساحل العاج وخسرها منتخبنا بهدفين دون رد بعد مباراة قوية شهدت أداءً جيدًا في الشوط الثاني على عكس الاول وألغى الحكم هدفًا صحيحًا لمنتخبنا.
وتعيد مواجهة الغد أمام السعودية للأذهان آخر لقاء رسمي جمع المنتخبين في نصف نهائي خليجي 26 بالكويت، حين تمكن منتخبنا من الفوز بهدفين لهدف سجلهما أرشد العلوي وعلي البوسعيدي، في لقاء حافل بالإثارة والندية. ويبحث الأحمر هذه المرة عن تأكيد تطور مستواه وكسر التفوق التاريخي للأخضر الذي يملك أفضلية واضحة في عدد الانتصارات.
الأخضر متحفز
في المقابل، يخوض المنتخب السعودي مباراته الأولى في البطولة وهو محمّل بطموحات كبيرة للعودة إلى منصات التتويج العربية، بعدما توّج باللقب مرتين في 1998 و2002 وقدم حضورًا مميزًا في عدة نسخ سابقة. وأجرى الأخضر معسكرًا في جدة تضمن فوزًا على ساحل العاج وخسارة أمام الجزائر، في إطار تحضيراته للبطولة التي تأتي بعد تأهله إلى كأس العالم 2026 عبر الملحق الآسيوي. ويأمل الجيل الحالي في إعادة الروح لمشاركة 2012 التي حصد فيها المنتخب المركز الرابع.
وفي مؤتمر صحفي أكد المدرب البرتغالي كارلوس كيروش، أن الهدف الأساسي من المشاركة هو تقديم أداء قوي والعبور إلى الأدوار المتقدمة، مشيرًا إلى أن المنتخب سيخوض كل مباراة بهدف الفوز، أو على الأقل التعلم وتطوير الأداء كما وصف. وأبدى المدرب ثقته المطلقة في اللاعبين رغم الغيابات، مؤكدًا أن مواجهة السعودية تمثل اختبارًا حقيقيًا يتطلب الانضباط والالتزام بالتعليمات الفنية. وأوضح كيروش أن الفريق يركز على مباراة واحدة فقط في كل مرة دون الالتفات إلى اللقاءات التالية، مشيرًا إلى قوة الأخضر السعودي، وقال "أعرف جيدًا مدى قوته".
وعبّر اللاعب عبدالله فواز خلال المؤتمر عن ثقته بقدرة منتخبنا على تحقيق نتيجة إيجابية، مشيرًا إلى أن اللاعبين يدركون حجم المسؤولية، ومؤكدًا أن الهدف هو الوصول لأبعد نقطة في البطولة وإسعاد الجماهير العُمانية.
وعلى الجانب السعودي، شدد المدرب الفرنسي هيرفي رينارد على أهمية الانطلاقة القوية، مؤكدًا أن مواجهة عُمان تعد بداية حاسمة للسعودية في البطولة، خاصة أنها تأتي بعد تحضيرات مكثفة وغياب بعض المحترفين في أوروبا. وأشاد رينارد بتنظيم المنتخب العُماني وقدرته على التحول السريع في اللعب، مشيرًا إلى أن احترام الخصم وتطبيق الخطط الفنية سيكونان مفتاح النجاح في المباراة.
وشهد المؤتمر الصحفي أيضًا تصريحات مثيرة للجدل من الحارس السعودي نواف العقيدي، الذي رد بعصبية على سؤال صحفي عُماني حول مستوى المنتخب السعودي عطفًا على الأموال الضخمة التي تصرف على الكرة السعودية، مؤكدًا أن بلاده تتطور بشكل كبير، وأن الأخضر دائمًا "كعبه عالٍ"، مضيفًا أن مباراة الثلاثاء ستثبت ذلك. وأثار حديث العقيدي ردود فعل واسعة ورفع من حرارة المواجهة المرتقبة.
تاريخ المواجهات
ويمتلك الطرفان تاريخًا طويلًا من المواجهات بلغ 25 مباراة، حقق خلالها المنتخب السعودي 17 انتصارًا مقابل 4 فقط لعُمان، بينما انتهت 4 مباريات بالتعادل. ورغم التفوق السعودي الواضح تاريخيًا، يدخل الأحمر اللقاء برغبة قوية في قلب المعادلة وكسر الهيمنة، مستندًا إلى تطور كبير في الأداء خلال السنوات الأخيرة وانتصاراته الأخيرة على شقيقه السعودي.
وأسند الاتحاد العربي لكرة القدم إدارة اللقاء للحكم الأردني أدهم المخادمة، يعاونه محمد الخلف وأحمد الرويلي، فيما يتولى الباراغوياني خوان بينيتيز مهمة الحكم الرابع، على أن يدير تقنية الفيديو الحكم التايلاندي سيفاكون بو-أودوم بمساعدة الأسترالي آلن تشابمان. ويأتي ذلك ضمن طاقم تحكيم دولي يضم خبرات متنوعة لضبط موقعة مرتقبة بهذا الحجم.
وتنقل المباراة عبر مجموعة من القنوات الرياضية العربية أبرزها عُمان الرياضية، و"بي إن سبورتس"، والكأس القطرية، والكويت الرياضية، ودبي الرياضية وأبوظبي الرياضية، في بث يواكب الاهتمام الجماهيري الكبير بالمواجهة.
وتتجه كل الأنظار إلى ملعب المدينة التعليمية الذي سيكون شاهدًا على واحدة من أقوى مواجهات الدور الأول، حيث يبحث الأحمر عن انطلاقة تعزز آماله في المنافسة، فيما يسعى الأخضر لتأكيد جاهزيته والعودة للواجهة العربية من جديد. وبين الطموحَين، يبدو أن القمة المرتقبة ستكون عامرة بالإثارة والندية منذ صافرة البداية.






