الحوادث المرورية

 

 

حمود بن سيف السلماني **

منذ الفترات السابقة والحوادث المرورية في استمرار دائم، مع المحاولات الكثيرة من قبل الحكومة الرشيدة للتقليل منها والحد منها بشكل كبير جدًا، حيث قامت بنشر التوعية من أجل التقليل من الحوادث، بالإضافة إلى ذلك قيامها بفرض الغرامات المالية على المخالفين، ومع نجاح تلك الأمور، إلا أن لكل معضلة حل معين؛ فالكثير من سائقي السيارات يجدون الحلول من أجل التهرب من المخالفات المرورية، والعقوبات المفروضة، فكل ذلك يشكل عبئًا إضافياً على الحكومة وشرطة عُمان السلطانية.

ومن منطلق حرص المغفور له السلطان الراحل قابوس بن سعيد، على سلامة المواطن فقد تحدث في إحدى جولاته السامية الدائمة عن حوادث السير، وعدم ارتياحه لآلية استعمال السيارة على الطريق بشكل غير سليم وبخلاف الغاية التي أنشئت من أجلها، وقد أكد المغفور له ضرورة التوعية في هذا المجال، حيث إن التوعية تبدأ دائمًا وأبدًا من المنزل، وبعدها من المجتمع والمدرسة وبقية الجهات المعنية كلٌ حسب مجاله، كما أشاد برجال الأمن ومساهمتهم في تنظيم حركة المرور، والجهود المبذولة منهم من أجل تقليل حوادث المرور وتنظيم الحركة المرورية؛ حيث نجد الكثير من سيارات الشرطة المنتشرة على الطرقات للقيام بمهامها المنوطة بها والتي من ضمنها تقليل الزحام، ومخالفة من يخالف قواعد المرور، وقد يصل الأمر إلى حجز السيارة وسائقها إذا كانت المخالفة جسيمة، مثل قطع الإشارة الحمراء، أو التجاوز في منطقة ممنوع التجاوز فيها، أو القيادة بعكس السير، فكل ذلك من شأنه التسبب في حوادث سير شنيعة جسمية.

حوادث السير لم تقتصر على السيارات الصغيرة فقط والمسرعة، بل إن ذلك تجاوز للشاحنات وحافلات المدارس، حتى وصل الأمر إلى فقدان أطفال قد أعتقد والديهم أنهم في الصف على مقاعد الدراسة، ولكنهم في الحقيقة داخل الحافلة وقد أحكمت أبوابها جيدًا، ولقلة حيلة الطفل ولا يعرف الطريقة الصحيحة للتصرف يبكي حتى الانهيار ومفارقة الحياة، وقد سمعنا قصصاً كثيرة في مثل هذه المواقف.

ومع الحراك من المجتمع حول التقليل من هذه المشكلة الحاصلة من بعض السائقين- للأسف الشديد- إلا أنها مستمرة بسبب تجاهل البعض التعليمات في هذا الشأن والتهاون من بعضهم بسبب قلة الخبرة التي لديهم، وفي اعتقادهم بعدوم وجود أي طفل في الحافلة، دون التحرك والتأكد من بداية الحافلة وحتى نهايتها، للتأكد من خلوها من الأطفال جميعًا؛ الأمر الذي يؤدي الى فقدان طفل قد يكون وحيد الوالدين، بسبب إهمال بسيط من السائق بعدم التأكد من نزول جميع الأطفال، ومع التنبيه المستمر من الجهات المعنية حول ضرورة التأكد من نزول جميع الأطفال إلا إن بعض السائقين لا يؤلون ذلك أي اهتمام يذكر.

وقد نظمت وزارة التربية والتعليم آلية الحصول على تصاريح قيادة حافلة المدرسة وذلك بالتصريح لأشخاص بذاتهم قيادة الحافلة، حيث إن هذا الأمر يقلل من مسألة تناوب السائقين على قيادة حافلة بها ما يقارب 40 طالبًا في الحافلات الكبيرة، وقد يتم تسليم دفة القيادة لحديثي رخص القيادة وليست لديهم الخبرة الكافية في قيادة مثل هذه الحافلات، والتصرف السليم في حالة حدوث أي عارض لا قدر الله، ومع ذلك فإن قيام البعض بمخالفة القرارات الصادرة في هذا الشأن أمر موجود فيجب التشديد على مثل هذه الحالات من أجل التقليل بل إعدام مثل هذه الحوادث الجسيمة، والتي يروح ضحيتها الأطفال.

وأذكرُ أنني خلال قيامي بعمل بعض ورش العمل لرواد الأعمال عن طريق إحدى الشركات الرائدة، تم إلزامي بالدخول في ورشة تدريبية لتعلم قيادة السيارة على الطريق وكيفية القيادة الآمنة والماهرة، أي بتتبع خطوات معينة وسليمة وكيفية مراقبة الطريق ومحاولة تفادي المركبات الأخرى وتوقع ما الذي سيحدث من خلال متابعة كافة التحركات في الطريق، ومشاهدة المارة والحديث مع النفس حول وجود شخص مُعين على الطريق أو محاولته عبور الطريق، وغيرها من التفاصيل المهمة والتي لم أتعلمها أثناء تعلمي قيادة السيارة.

لهذا فإننا نقترح إنه في حالة قيام الشخص بعمل حادث شنيع وجسيم بضرورة سحب رخصة قيادته وإلزامه بالدخول في ورشة وعلى حسابه الخاص للتعلم القيادة السليمة والتي يتم تعليم السائقون في شركات النفط والغاز، وكذلك معهد السلامة المرورية بشرطة عُمان السلطانية، وعدم إرجاع رخصة القيادة إليه إلا بعد إكمال الورشة أو الدورة التدريبية كاملة، فإن ذلك سيفيده مستقبلًا في قيادة السيارة، بل وإنه سيقوم بنقل كل ما تعلمه لمن حوله من الأشخاص سواء على مستوى العائلة أو الأصدقاء أو المجتمع.

وبالإمكان إلزام كل من يتقدم لتعلم قيادة السيارة أن يدخل دورة تدريبية بمعهد السلامة المرورية بشرطة عُمان السلطانية على أن تكون مجانية، حتى يتعلم فن القيادة فإن ذلك سيقلل من حوادث السير بشكل كبير جدًا، لأن السائق ستكون لديه البصيرة وليس البصر، لأن البصيرة نابعة من القلب وستكون المسؤولية كبيرة عليه لتجنب حدوث أي حوادث أو التسبب في الحوادث.

** محام ومستشار قانوني

تعليق عبر الفيس بوك

الأكثر قراءة