مطالبات مجتمعية بالتوسع في بناء المدارس للاستغناء عن التعليم بـ"الفترة المسائية" وتعزيز الاستقرار النفسي للطلاب

 

 

 

◄ البلوشية: التعليم الصباحي يعزز التوازن النفسي والصحي ويتيح الوقت للمذاكرة

◄ الزكواني: التعليم المسائي له آثار سلبية على أطراف العملية التعليمية

◄ الغافري: الطلاب في الفترة المسائية لا يمتلكون الاستعداد الكافي للدراسة

◄ السيابية: الدراسة بالفترة المسائية تُشكل تحديًا للطلبة والمعلمين

◄ المعولية: الدراسة المسائية تمثل خللا في البنية النفسية والإدراكية للطلاب

الرؤية- ناصر العبري

يؤكد عدد من المعلمين وأولاء الأمور أن تقسيم وقت الدراسة إلى فترتين "صباحية ومسائية" يعد من الحلول المؤقتة لمعالجة تحدي الكثافة السكانية في المدارس، لافتين إلى أن هذا الحل المؤقت يتضمن العديد من التحديات التي تؤثر على مستوى الطلاب وصحتهم النفسية والجسدية.

ويشيرون- في تصريحات لـ"الرؤية"- إلى أن جميع أطراف العملية التعليم تتأثر بسبب الدراسة خلال الفترة المسائية سواء المعلمين أو الطلاب أو أولياء الأمور، مطالبين بالإسراع في تطوير البنية الأساسية وبناء المزيد من المدارس لاستيعاب الطلبة في كل المحافظات.

وتقول مريم بنت محمد بن عبدالله البلوشية، مديرة مدرسة الهيال للتعليم الأساسي (١-١٠) بولاية عبري، إن إنشاء مدارس جديدة يعد خطوة جوهرية لتطوير المنظومة التعليمية، إذ إن التوسع في إنشاء المدارس لا يقلل من نسب المدارس المسائية وحسب بل يعيد للتعليم حيويته وتنظيمه، كما أن تمكين الطلبة من التعلم في بيئة صباحية متكاملة يعزز من التوازن النفسي والذهني ويتيح لهم وقتا كافيا لمراجعة دروسهم وإنجاز واجباتهم وممارسة أنشطتهم اليومية بارتياح، كما ينعكس ذلك إيجابا على أداء المعلمين إذ يوفر لهم بيئة عمل أكثر استقرارا وإنتاجية تسهم في تحقيق مخرجات تعليمية عالية الجودة، مضيفة أن التوسع في إنشاء المدارس هو استثمار في الإنسان وبناء لمستقبل تعليمي أكثر إشراقا.

مريم بنت محمد بن عبدالله البلوشية.jpg
 

وتشير إلى أن سلطنة عمان تهتم بمنظومة التعليم بشكل كبير لتحقيق أهداف رؤية "عمان ٢٠٤٠" التي أكدت على ركائز أساسية مثل مهارات القرن الواحد والعشرين والبحث العلمي والابتكار لبناء منظومة علمية مستدامة

ويرى أفلح بن سيف بن محمد الزكواني، مدير مساعد مدرسة أبوزيد الريامي للتعليم الأساسي بولاية الجبل الأخضر، أن من أسباب اللجوء إلى التعليم المسائي هو الكثافة الطلابية داخل الفصول خاصة بعد السماح لأبناء المقيمين من غير العرب بالدراسة في المدارس الحكومية، الأمر الذي ساهم في زيادة الضغط على البنية التعليمية، إلى جانب الظروف الاقتصادية التي مرت بالبلاد في فترات مختلفة ما أدى إلى تباطؤ عملية بناء المدارس وتوسيع المرافق التعليمية، مما جعل التعليم المسائي خيارا اضطراريا لتلبية الطلب المتزايد على التعليم.

افلح بن سيف الزكواني.jpg
 

ويلفت إلى أن هذا الحل المؤقت بدأ يترك آثارا سلبية على العملية التعليمية، إذ تقل جودة التعليم في الفترة المسائية بسبب قصر وقت الدراسة وضعف التركيز الذهني لدى الطالب، مؤكدا أن الطالب في الفترة الصباحية يكون في قمة نشاطه الذهني، أما عندما يبدأ دوامه في العاشرة والنصف أو الحادية عشرة، فإنه يعاني من الإرهاق أو تشتت الذهن بسبب حرارة الصيف أو برودة الشتاء، خاصة في المناطق الجبلية، كما أن الاختبارات الموحدة الصادرة من الوزارة لا تفرق بين من درس في الفترة الصباحية أو المسائية، مما يجعل طلاب التعليم المسائي في موقف غير عادل مقارنة بغيرهم.

ويتابع الزكواني قائلا: "من جهة أخرى، يقع الظلم كذلك على الكادر الإداري والتعليمي، فهم بشر ولهم أسرهم وأطفالهم، ويُحرمون بسبب دوامهم المسائي من المكوث مع أولادهم ومتابعة دروسهم وشؤونهم اليومية، بل إن بعض الأمهات العاملات في التعليم المسائي يُحرمن من رعاية أطفالهن الصغار، فيتولى هذه المهمة العاملة المنزلية، مما يترك آثاراً اجتماعية وتربوية غير محمودة، ولذلك، أصبح من الضروري أن يُعاد النظر في نظام التعليم المسائي، إما من خلال إيجاد حلول مستدامة للتوسع في بناء المدارس، أو بتبني أنظمة تعليمية مرنة تراعي ظروف الطلبة والمعلمين على حد سواء، حتى نحافظ على جودة التعليم ونضمن العدالة التربوية للجميع، أما عن ولايتي الجبل الأخضر فإنَّ مدرستي أصبحت مكتظة بالطلاب من الصف الخامس وحتى الثاني عشر ولن تستوعب أكثر من طاقتها ناهيك عن مدرسة الغليل بالجبل الأخضر والتي بها فترتين صباحي ومسائي، ولذلك نطالب بإنشاء مدرسة جديدة للذكور من الصف الخامس وحتى الثامن وتبقى المدرسة الحالية من الصف التاسع وحتى الثاني عشر".

وفي السياق، يشير المُعلم جمعة بن سعيد الغافري من ولاية الرستاق، إلى أن الكثافة الطلابية في أروقة المدارس تزداد يوما بعد يوم، مشددا على ضرورة إيجاد حلول سريعة لهذه المشكلة من خلال تخصيص مبالغ مالية لتطوير البنية الأساسية للتعليم مثل بناء المدارس والمرافق وفتح باب تعيين المعلمين، بهدف مواكبة الزيادة السكانية.

جمعة بن سعيد الغافري.jpg
 

ويؤكد أن العملية التعليم تحتاج إلى بيئة مناسبة مهيئة للطالب والمعلم ليتمكن من خلالها المعلم من إيجاد الوقت الكافي لكل طالب، أما التعليم في الفترة المسائية فهو من الحلول المؤقتة التي لا تتناسب مع كثير من المعطيات وأبرزها طبيعة عمل الرجل والمرأة حيث يخلق فجوة ظاهرية في عملية استعداد الطالب ليومه الدراسي بدون وجود أبويه، كما أن الأجواء في الصيف شديدة الحرارة لا تتناسب في تهيئة جو للتعليم، وفي الشتاء يكون الوقت المسائي قصير جدا.

ويطالب الغافري بسرعة معالجة هذا الأمر من خلال بناء مدارس جديدة وتوسعة المدارس القديمة.

بدورها، تقول مها بنت محمد بن خميس السيابية: "من الجميل جدًا أن نلاحظ هذا الإقبال الكبير على التعليم، فهو يعكس وعي المجتمع وحرص الأسر على مستقبل أبنائهم، وهذا أمر يبعث على الفخر، ومع ذلك نأمل أن يواكب هذا النمو تطوير في البنية التحتية للمدارس بما يضمن بيئة تعليمية مريحة وآمنة للجميع سواء الطالب او الكوادر التي تعمل فيها، فالمدارس تستقبل أعدادًا متزايدة من الطلبة مما يؤدي أحيانًا إلى ازدحام الصفوف، وهذا يؤثر على جودة التعليم".

مها بنت محمد بن خميس السيابية.jpg
 

وتضيف: "صحيح أن نظام الفترتين الصباحية والمسائية ساهم في توزيع الأعداد لكنه قد يُشكل تحديًا من ناحية الراحة النفسية للطلبة والمعلمين على حد سواء، ونحن كمواطنين نطمح إلى رؤية المزيد من المدارس تُبنى أو تُوسّع حتى تستوعب هذا العدد المتزايد وتستمر ولاية بركاء في تقديم تعليم متميز يليق بأبنائها".

وتبيّن أسماء بنت سيف المعولية أن الدراسة في الفترة المسائية ليست مجرد تغير في التوقيت بل هي خلل يمس بنية الطالب النفسية والإدراكية وبخاصة طلاب الحلقة الأولى، فهو كائن نهاري بطبيعته وعقله مهيأ للإنتاج وتلقي المعلومات في الصباح الباكر حين يكون الذهن صافيا والجسد مرتاحا، أما فترة المساء فهو توقيت مثالي للهدوء والراحة والاستعداد النفسي للنوم".

وتوضح: "حينما يطلب من الطالب أن يعكس هذا الترتيب الطبيعي الذي فطره الله عليه، تظهر عليه بعض السلوكيات منها ضعف التركيز، وتشتت في الانتباه، وتراجع واضح في الدافعية للتعلم، بل يمتد أثره أيضا حتى على جودة النوم والحالة المزاجية المضطربة والقلق والتوتر وخاصة في فترة الاختبارات، كما أن التعليم بالفترة المسائية يحرم الطالب والأهل من ممارسة أنشطتهم الاجتماعية والعائلية، مما يولد لديهم شعور بالضغط والحرمان، وبخاصة عندما يكون في نفس المنزل من يدرس ف الفترة الصباحية أيضا، مما يجعل الأم في حالة طوارئ طوال اليوم".

وتطالب المعولية بافتتاح مدارس جديدة ومهيئة تناسب الكثافة السكانية لتستوعب الأعداد المتزايدة من الطلبة في كل عام بدل من تقسيم الدراسة إلى فترتين.

من جهتها، ترى جميلة محمد يوسف البلوشية من ولاية بركاء، أن الكثافة الطلابية في المدارس أصبحت من أبرز التحديات التي تواجه الأبناء، لأنها تنعكس سلبا على تركيزهم وتفاعلهم داخل الصف، كما تُرهق المعلمين وتحدّ من قدرتهم على متابعة جميع الطلبة بالشكل المطلوب، كمل أما الدراسة على فترتين (صباحية ومسائية)، فهي حل مؤقت لمعالجة الازدحام، لكنها ليست الخيار الأفضل، لأنها تُربك الجدول اليومي للأسرة وتؤثر على راحة الطلاب واستعدادهم الدراسي.

جميلة بنت محمد البلوشية.jpg
 

وتذكر: "نتمنى أن تكون هناك حلول جذرية مثل بناء مدارس جديدة وتوسعة القائم منها، لضمان بيئة تعليمية مريحة تعزز جودة التعليم وتحقق الاستقرار الأسري والتربوي".

تعليق عبر الفيس بوك

الأكثر قراءة