فحوصات ما قبل الزواج.. لن ينفع الندم!

مختصّون يحذرون: غياب الوعي الصحي يهدد استقرار وسلامة الأسر

 

 

 

◄ المقرشي: فحوصات قبل الزواج ضرورية للحد من الأمراض الوراثية

◄ الكلبانية: عدم اتباع الإجراءات الوقائية قبل الزواج قد يُهدد استقرار الأسرة

◄ الشيبانية: الفحص الطبي قبل الزواج يقلل من الأعباء الصحية والاقتصادية

◄ خالد بن حميد: برنامج فحوصات ما قبل الزواج خطوة عملية للحد من انتشار الأمراض الوراثية المزمنة

◄ الربيعية: زواج الأقارب مقبول إذا سبقته فحوصات طبية تثبت خلو الطرفين من الأمراض الوراثية

◄ أحمد بن ناصر: تجاهل فحوصات قبل الزواج قد يؤدي لمُعاناة طويلة داخل الأسر

 

 

الرؤية- ناصر العبري

يُؤكد عددٌ من الأطباء والمختصين ضرورة إجراء فحوصات قبل الزواج للوقاية من الأمراض المزمنة التي قد تنتقل إلى الأبناء والأجيال الجديدة، خاصة في حالات زواج الأقارب التي تزيد معها احتمالية الإصابة بأمراض مثل فقر الدم المنجلي والثلاسيميا.

وأضافوا- في تصريحات لـ"الرؤية"- أن أمراض الدم الوراثية من أخطر المشكلات الصحية التي قد تواجه الأزواج الجدد، الأمر الذي يتطلب تعزيز الوعي المجتمعي بمخاطر هذه الأمراض وأهمية اتباع الإجراءات الوقائية وعدم تجاهلها.

ويقول أحمد بن سليم المقرشي إن زواج الأقارب من الظواهر الاجتماعية المنتشرة في المجتمع العُماني، وله جذور ثقافية واجتماعية عميقة، إذ يُنظر إليه أحيانًا كوسيلة لتعزيز الروابط العائلية والحفاظ على الميراث والعادات، ومع ذلك، لا يمكن إغفال الجوانب الصحية السلبية التي أثبتها العلم والواقع، مشيرا إلى أنَّ من أبرز سلبيات زواج الأقارب أنه يزيد من احتمالية انتقال الأمراض الوراثية نتيجة التقاء الجينات الحاملة لنفس الطفرات المسببة للمرض لدى الزوجين من العائلة نفسها، وأنه مع مرور الأجيال تتضاعف هذه المخاطر.

الدكتور احمد المقرشي.jpg
 

ويوضح: "فقر الدم المنجلي يعد من أكثر الأمراض الوراثية المرتبطة بزواج الأقارب في سلطنة عمان، وكذلك والثلاسيميا، وهذه الأمراض تؤدي إلى مضاعفات صحية مزمنة وتؤثر على نوعية حياة المصابين وأسرهم، كما تمثل عبئًا على النظام الصحي، ولذلك، فإنَّ التوعية المجتمعية والفحص قبل الزواج من المبادرات الوطنية المهمة التي ساعدت في الحد من انتشار هذه الحالات، من خلال الكشف المبكر وتقديم الاستشارات الوراثية للزوجين".

وترى الدكتورة ليلى بنت علي بن صالح الكلبانية مدرب معتمد في مجال تعزيز الصحة وحاصلة على ماجستير صحة عامة، أن عدم اتباع الإجراءات الصحية الوقائية قبل الزواج قد يضع استقرار الأسرة على المحك، إذ أثبتت الدراسات أن هذا النوع من الزواج يزيد من احتمالية إصابة الأبناء بأمراض وراثية خطيرة، أبرزها فقر الدم المنجلي والثلاسيميا، كما يمكن أن يؤدي إلى ظهور بعض المتلازمات الوراثية الناتجة عن الطفرات والخلل الكروموسومي.

الدكتورة ليلى الكلباني.jpg
 

وتشير إلى أن حدوث مثل هذه الأمراض لا يقتصر أثره على الجانب الصحي فقط، بل قد يشكّل عبئًا نفسيًا واجتماعيًا واقتصاديًا على الأسرة والمجتمع، نظرًا لما تتطلب هذه الحالات من متابعة طبية مستمرة ورعاية خاصة، كما أن ارتفاع معدلات الإصابة قد يؤثر بشكل مباشر على نمو الأطفال وتطورهم الطبيعي، مما يحرمهم من فرص الحياة السليمة والتعليم والعمل في المستقبل، ويهدد في الوقت نفسه استقرار الأسرة الذي يقوم عليه المجتمع، مبينة: "من خلال خبرتي في تعزيز الصحة، أؤكد أن زواج الأقارب ليس وحده السبب في هذه الأمراض، فحتى الزواج بين غير الأقارب قد ينقل الأمراض إذا كان الطرفان يحملان نفس الطفرة الوراثية، ولهذا كان الفحص الطبي قبل الزواج ضرورة أساسية للجميع، لأنه يكشف المخاطر مبكرًا ويوفر الاستشارة الوراثية المناسبة، مما يساعد الشباب على اتخاذ قرارات أكثر وعيًا ومسؤولية تجاه مستقبلهم الأسري، وقد أولت سلطنة عُمان هذا الموضوع اهتمامًا كبيرًا منذ إطلاق برنامج الفحص الطبي قبل الزواج عام 1999، وتسعى وزارة الصحة اليوم إلى جعل الفحص إلزاميًا ابتداءً من عام 2026، بالتوازي مع الحملات الوطنية التي تُبرز الدور الوقائي لهذا الإجراء، وتأتي هذه الجهود تماشيًا مع رؤية عُمان 2040 التي تؤكد على بناء مجتمع يتمتع بالصحة والرفاه، ومع أهداف التنمية المستدامة (SDG3) التي تدعو إلى ضمان حياة صحية وتعزيز الرفاه للجميع في جميع الأعمار، كما ساهمت جمعيات المجتمع المدني، مثل جمعية الأمراض الوراثية الدموية العُمانية، في نشر الوعي ودعم الأسر المتأثرة. وبذلك يصبح الفحص قبل الزواج خطوة استباقية لحماية الأسرة والمجتمع وضمان ولادة جيل يتمتع بالصحة والعافية".

وتؤكد الدكتورة زوينة بنت علي الشيبانية رئيسة مركز العينين الصحي، أهمية فحص ما قبل الزواج بوصفه أحد الركائز الأساسية للحفاظ على الصحة العامة والوقاية من الأمراض الوراثية، لافتة إلى أن هذا الفحص يوفّر فرصة حقيقية للمقبلين على الزواج لاتخاذ قرارات مبنية على معرفة دقيقة، بما يضمن تأسيس أسر أكثر استقرارًا وصحة، حيث إن الفحص يساهم في الكشف المبكر عن الأمراض الوراثية مثل الأنيميا المنجلية والثلاسيميا، الأمر الذي يساعد على تجنّب الكثير من التحديات الصحية والاجتماعية التي قد تواجهها الأسر في حال إصابة الأبناء.

الدكتورة زوينة الشيبانية.jpg
 

وتقول: "نتائج الفحص قبل الزواج لا تمنح الزوجين الاطمئنان فحسب، بل تشكّل أيضًا وسيلة وقاية فعّالة، فالوعي المسبق يقلّل من المعاناة ويخفّف من الأعباء الصحية والاقتصادية على المجتمع، ويعتبر زواج الأقارب من أبرز العوامل التي ترفع احتمالية انتقال الأمراض الوراثية من جيل إلى آخر، وهو ما يستدعي الحذر خاصة في العائلات التي لديها تاريخ مرضي وراثي".

وفي السياق، ذكر الدكتور خالد بن حميد الكلباني رئيس مستشفى ينقل، أن فحص ما قبل الزواج يمثل ضرورة أساسية لا غنى عنها، إذ يهدف إلى التأكد من خلو الطرفين من الأمراض الوراثية، وتمكن نتائج الفحص المقبلين على الزواج من اتخاذ قرارات واعية تسهم في ضمان مستقبل صحي أفضل للأبناء، مضيفًا: "إن الوقاية خير من العلاج، والفحص المسبق يحمي الأسر من تبعات صحية واجتماعية معقدة قد تترتب في حال إصابة أحد الأطفال بأحد هذه الأمراض، ويأتي برنامج فحوصات ما قبل الزواج في إطار تعزيز الصحة العامة وبناء أسر سليمة، بما يحقق الاستقرار الاجتماعي ويخفف من الأعباء الصحية والاقتصادية على المجتمع، كما يشكل هذا البرنامج خطوة عملية للحد من انتشار الأمراض الوراثية المزمنة، مثل الأنيميا المنجلية والثلاسيميا، التي ترافق المريض طيلة حياته".

الدكتور خالد الكلباني.jpg
 

ويبيّن الكلباني أن زواج الأقارب يُعد من أبرز الأسباب المؤدية إلى انتقال هذه الأمراض عبر الجينات من الآباء إلى الأبناء، الأمر الذي يستوجب توخي الحذر خصوصًا في حال وجود تاريخ مرضي وراثي داخل العائلة، ولذلك تأتي الدعوة الملحّة إلى ضرورة إجراء فحص ما قبل الزواج، باعتباره خط الدفاع الأول لتجنب المخاطر الصحية والاجتماعية المترتبة على إصابة الأبناء مستقبلاً.

من جهتها، تقول صبحاء بنت مسعود الربيعية رئيسة قسم صحة المرأة والطفل بالمديرية العامة للشؤون الصحية بمحافظة الظاهرة، إن زواج الأقارب يعد موضوعا شائعا في مجتمعنا منذ القدم لاعتبارات مجتمعية مثل تقوية صلة الرحم وزيادة الروابط الأسرية، وسهولة التفاهم بين الأقارب ووجود معرفة مسبقة بطباع الطرفين، كما يُنظر إليه كوسيلة للحفاظ على الإرث العائلي، لكن في المقابل له سلبيات واضحة من أهمها زيادة انتشار الأمراض الوراثية وتفكك الروابط الأسرية بين العائلات".

صبحاء الربيعية.jpg
 

وتوضح أن الدراسات تشير إلى أن زواج الأقارب يزيد من احتمالية انتقال الأمراض الوراثية، مما قد ينعكس سلبا على صحة الأبناء، وأنه مع تطور الوعي الصحي، بات من الضروري إجراء الفحوصات الطبية قبل الإقدام على هذا النوع من الزواج، مؤكدة: "زواج الأقارب قد يكون مقبولًا إذا كانت هناك فحوصات طبية مسبقة تثبت عدم وجود أمراض وراثية، وإذا كان هناك توافق حقيقي بين الطرفين في الشخصية والفكر، أما إذا لم تتوفر هذه الشروط، فالأفضل الابتعاد عنه لتجنب المشكلات الصحية والاجتماعية مستقبلا".

ويشدد أحمد بن ناصر بن علي الكلباني رئيس قسم العلاقات العامة وخدمات المرضى والمراجعين بالمديرية العامة للخدمات الصحية بمحافظة الظاهرة، على ضرورة إجراء الفحوصات قبل الزواج لتعزيز الصحة العامة والوقاية من الأمراض الوراثية، موضحًا أن هذا الفحص يمثل خطوة وقائية مهمة تُمكِّن المقبلين على الزواج من اتخاذ قرارات واعية ومدروسة تسهم في بناء أسر أكثر استقرارًا وصحة، إذ إن تجاهل هذا الفحص قد يؤدي إلى معاناة طويلة داخل بعض الأسر نتيجة إصابة أحد الأبناء بأمراض وراثية مزمنة مثل فقر الدم المنجلي والثلاسيميا، حيث تتحمل الأسرة أعباءً نفسية واجتماعية واقتصادية كبيرة، تشمل القلق المستمر على صحة المريض وتكاليف المراجعات المتكررة في المؤسسات الصحية، إضافة إلى تأثير ذلك على استقرار الأسرة ونمط حياتها اليومي وعلاقاتها الاجتماعية".

احمد الكلباني.jpg
 

ويقول الكلباني إن زواج الأقارب يُعد من أبرز العوامل المسببة لانتقال الأمراض الوراثية بين الأجيال، خاصة في المجتمعات التي تسود فيها ثقافة الزواج داخل الأسرة الواحدة، مبينًا أن هذا النوع من الزواج غالبًا ما يرتبط بعوامل اجتماعية وأسرية متعددة، دون النظر إلى الأبعاد الصحية والعلمية لهذا القرار، وإذا واجهت بعض الأسر إصابة أحد أفرادها بأمراض وراثية تعيش ظروفًا قاسية على المستويين النفسي والاجتماعي، إذ تتأثر العلاقات الأسرية نتيجة الارتباط الدائم بالمريض واحتياجاته المستمرة، وقد تفقد الأسرة قدرتها على ممارسة حياتها الطبيعية بسبب الضغوط النفسية والتحديات الاقتصادية التي تتطلب جهدًا وصبرًا متواصلين.

ويتابع قائلا: "الجانب الإنساني في هذه المعاناة هو الأصعب، حيث يعيش الوالدان مشاعر عجز وألم وهم يشاهدون أبناءهم يتألمون بسبب المضاعفات الصحية المزمنة، ما يترك أثرًا عميقًا في نفوسهم ويضاعف إحساسهم بالحسرة والأسى، وهذه المعاناة يمكن تجنبها من خلال الالتزام بإجراء فحص ما قبل الزواج الذي يمثل خط الدفاع الأول ضد الأمراض الوراثية".

ويوجه الكلباني مجموعة من النصائح للمقبلين على الزواج تتضمن: إجراء الفحص الطبي في المؤسسات الصحية القريبة من أماكن إقامتهم بوقت كافٍ قبل عقد القران، واستشارة الأطباء المختصين في حال وجود تاريخ مرضي وراثي في العائلة، إضافة إلى ضرورة التغلب على ضغوط العادات الاجتماعية التي قد تدفع إلى زواج الأقارب دون وعي أو فحص مسبق، وأهمية تعزيز الوعي الصحي لدى الشباب من خلال البرامج التثقيفية والندوات التوعوية التي تسلط الضوء على أهمية الفحص ودوره في بناء حياة أسرية مستقرة وآمنة صحيًا".

تعليق عبر الفيس بوك

الأكثر قراءة