عواصم - الوكالات
كرر الرئيس الأميركي دونالد ترامب في مقابلاته وتصريحاته الأخيرة أنه نجح في إنهاء "7 حروب لا تنتهي"، وهي المقولة التي برزت بشكل خاص خلال خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر، حيث قدّم نفسه كصانع سلام عالمي يستحق جائزة نوبل للسلام.
لكن هذا الادعاء يثير تساؤلات حول مدى دقته، وما إذا كان ترامب بالفعل حقق ما عجزت عنه الأمم المتحدة لعقود، أم أن الأمر لا يعدو كونه مبالغة سياسية تهدف إلى تعزيز صورته.
الحروب أو النزاعات التي أشار إليها ترامب هي: إسرائيل وإيران، الهند وباكستان، أرمينيا وأذربيجان، الكونغو ورواندا، كمبوديا وتايلند، مصر وإثيوبيا، وصربيا وكوسوفو.
إسرائيل وإيران
اندلعت حرب قصيرة في يونيو 2025 استمرت 12 يوما إثر هجوم إسرائيلي على منشآت نووية إيرانية، ردت عليه طهران بهجمات صاروخية.
ترامب أعلن أنه نجح في وقف إطلاق النار عبر تدخل عسكري أميركي تخلله قصف مواقع نووية إيرانية. ويرى خبراء أن تدخل واشنطن ساعد في التهدئة، لكن دون التوصل إلى اتفاق دائم، ما يجعل الهدنة هشة.
الهند وباكستان
شهدت كشمير قتالًا عنيفًا في مايور 2025 بعد هجوم استهدف سياحًا، أعقبه تبادل للقصف. ترامب قال إنه توسط لوقف إطلاق النار، غير أن الهند نفت أي وساطة أميركية مؤكدة أن التفاهم تم مباشرة مع باكستان. ورغم ذلك شكرت إسلام آباد ترامب ورشّحته لجائزة نوبل.
أرمينيا وأذربيجان
في أغسطس 2025 استضاف ترامب قادة البلدين بالبيت الأبيض، حيث وقعوا إعلان نوايا للسلام حول نزاع ناغورني قره باغ. غير أن الاتفاق لم يُصدّق عليه بعد، ولا تزال هناك خلافات حدودية ودستورية قائمة.
الكونغو ورواندا
تصاعد النزاع بين البلدين عام 2025 بسبب هجمات حركة "إم 23". وفي يونيو وقّع وزيرا خارجية البلدين اتفاق سلام بالبيت الأبيض برعاية ترامب. لكن غياب "إم 23" عن المفاوضات أبقى النزاع مفتوحًا، إذ رفضت الحركة الالتزام بشروط اتفاق لم تشارك فيه.
كمبوديا وتايلند
شهدت الحدود اشتباكات دامية في يوليو 2025. وهدد ترامب بوقف المفاوضات التجارية مع البلدين ما لم يتوقف القتال، فقبلا وقف إطلاق النار خلال اجتماع في ماليزيا. لكن النزاع الحدودي لم يُحل جذريًا، ولا تزال التوترات قائمة.
مصر وإثيوبيا
الخلاف حول سد النهضة لم يصل إلى مرحلة الحرب، وظل في إطار دبلوماسي. ورغم محاولات ترامب للتوسط، فإن المفاوضات تعثرت، وافتتحت أديس أبابا السد دون اتفاق مع القاهرة. وبالتالي، لا يمكن اعتبار ما حدث "حربًا منتهية".
صربيا وكوسوفو
التوترات بين الطرفين مستمرة منذ استقلال كوسوفو عام 2008، لكن لم تحدث حرب فعلية. ويدرج ترامب هذا النزاع ضمن قائمته رغم أن مساهمته اقتصرت على اتفاق اقتصادي وُقع عام 2020، دون سلام شامل أو حل سياسي نهائي.
ما وراء الخطاب
تصريحات ترامب تأتي في إطار حملته لنيل جائزة نوبل للسلام، وتقديم نفسه كزعيم عالمي قادر على تحقيق ما عجزت عنه الأمم المتحدة التي اتهمها بأنها "لا تفعل شيئًا سوى كتابة رسائل قوية".
غير أن مراجعة الوقائع تكشف أن أغلب ما يصفه ترامب بـ"الانتصارات" إما مؤقت أو رمزي، وبعضها لم يكن حربًا أصلًا. صحيح أنه لعب دورًا في تهدئة بعض النزاعات، لكن معظم الاتفاقات التي أُبرمت هشة وغير مكتملة.
وبذلك، يمكن القول إن ادعاء ترامب إنهاء "7 حروب لا تنتهي" لا يصمد أمام التدقيق، ويعكس خطابا دعائيا أكثر مما يعكس حقائق سياسية أو ميدانية راسخة.