مسقط- العُمانية
شهدت بورصة مسقط هذا العام نشاطًا استثنائيًّا؛ إذ سجلت أحجام تداول خلال الأشهر الثمانية الأولى من العام الجاري حوالي 1.9 مليار ريال عُماني، بزيادة قدرها 152 بالمائة مقارنةً بالفترة نفسها من العام الماضي.
وارتفع معدل التداول اليومي ببورصة مسقط في شهر أغسطس الماضي إلى نحو 25 مليون ريال عُماني مسجلًا أعلى معدل خلال العام الجاري مقابل 20.3 مليون ريال عُماني في يوليو، و12.7 مليون ريال عُماني في يونيو، في حين سجل أدنى معدل للتداول اليومي في يناير الماضي عند 3.7 مليون ريال عُماني، وفي أبريل بـ 5.4 مليون ريال عُماني، وفي شهر مارس 6.2 مليون ريال عُماني، ومايو عند 7.1 مليون ريال عُماني.
وأوضح هيثم بن سالم السالمي الرئيس التنفيذي لبورصة مسقط أن هذه الأحجام تُعد انعكاسًا لتفعيل نشاط صناعة السوق وتعزيز السيولة، ما أثمر هذا العام بدعم من تفعيل صندوقين لتعزيز السيولة، مشيرًا إلى أن هذه الأحجام ارتفعت بشكل كبير لتتجاوز ما تحقق طوال العام الماضي، محققة بذلك حركة إيجابية وتفاعلًا من المستثمرين، ما أدى إلى ارتفاع مؤشر بورصة مسقط بنسبة 5.2 بالمائة في نهاية أغسطس الماضي مقارنة بإغلاق عام 2024م، كما نمت القيمة السوقية بنسبة 8 بالمائة خلال الفترة نفسها.
وقال السالمي إن أداء الشركات المدرجة بالبورصة إيجابي، حيث ارتفعت أرباحها لتبلغ 881 مليون ريال عُماني في النصف الأول من العام الجاري بزيادة نسبتها 20 بالمائة مقارنةً بالفترة ذاتها من العام الماضي واستمرت وتيرة توزيعات الأرباح في الارتفاع، ما جذب المستثمرين نحو الشركات النامية وذات التوزيعات العالية. وأشار إلى أن الاكتتابات العامة التي شهدتها بورصة مسقط العام الماضي أسهمت في إضافة قطاعات جديدة للبورصة ونمو الحجم السوقي الإجمالي، إضافة إلى توفير أدوات مالية متنوعة مكّنت المستثمرين من تنويع محافظهم الاستثمارية وتوفير البدائل المناسبة لتوجهاتهم، ما يعزز حركة التداول والنشاط في السوق.
وتطلع الرئيس التنفيذي لبورصة مسقط خلال الفترة المقبلة- ومع توجهات الحكومة باستمرار برنامج التخصيص والاكتتابات- إلى أن يسهم ذلك في مزيد من النشاط في السوق، وأن تتمكن البورصة من استكمال إجراءاتها واستراتيجيتها نحو الترقية إلى بورصة ناشئة.
من جانبه، أوضح أحمد بن علي المعمري نائب الرئيس التنفيذي لهيئة الخدمات المالية أن الهيئة ومن خلال التنسيق والتعاون مع الجهات المعنيّة ذات العلاقة قامت في سبيل الاستجابة لواقع سوق رأس المال في سلطنة عُمان بإطلاق عدد من المبادرات لتحفيز وتطوير أداء سوق رأس المال، من ضمنها العمل والتعاون المشترك مع الجهات المعنيّة نحو إدراج مجموعة من الشركات في بورصة مسقط للاعتماد على السوق في تمويل مشروعاتها التوسعية وبما ينشط سوق الإصدارات وتعميق البورصة إلى جانب جذب رؤوس الأموال المحلية والأجنبية.
وقال إنه نتيجة لذلك ارتفعت القيمة السوقية لبورصة مسقط بنهاية عام 2024م بنسبة 15.93 بالمائة مقارنة بعام 2023م، واستمر هذا العام ارتفاع القيمة السوقية للبورصة لتصل إلى 29.82 مليار ريال عُماني حتى نهاية شهر أغسطس 2025م.
وأضاف أن الإعلان عن تفاصيل البرنامج التحفيزي لسوق رأس المال، يمثل خطوة لمبادرة وطنية مهمة تعزز من ثقة المستثمرين في القطاع، إذ يتضمن البرنامج إطلاق حزمة من الحوافز تسهم في تطوير بيئة الاستثمار والأعمال، وتعزز الاستفادة من الخيارات التمويلية المتنوعة التي يتيحها سوق رأس المال لمختلف فئات الشركات.
وأشار إلى أنه من ضمن المبادرات الهادفة إلى تحسين وتعزيز البنية الأساسية لقطاع سوق رأس المال، العمل على ترخيص عدد من الشركات العاملة في مجال الأوراق المالية في نشاط صانع السوق ومزودي السيولة، وبلغ عدد الشركات المرخصة لهذا النشاط ثلاث شركات محلية إضافة إلى صانع سوق أجنبي، كخطوة تسهم في تحقيق نسب مناسبة من السيولة وتعزز من الأسهم الحرة المتداولة في بورصة مسقط، الأمر الذي سينعكس بشكل إيجابي في استقرار السوق وكفاءته.
وأكد أن هيئة الخدمات المالية تسعي نحو تسهيل رحلة المستثمر عبر إطلاق منصات رقمية للتداول عن بُعد للشركات العاملة في مجال الأوراق المالية المرخصة لمزاولة نشاط الوساطة في بورصة مسقط، ويمثل مبادرة مهمة كونها تُعنى بتوفير محطة رقمية موحدة تسهّل العملية الاستثمارية في سوق رأس المال ويجعل الاستثمار أكثر سرعة وكفاءة.
وقال إن هذه المبادرات أسهمت في تحسّن الأداء الذي تشهده البورصة حاليًّا بفضل الاستخدام الأمثل لهذه الأدوات من صناع السوق ومزودي السيولة واستقطاب المستثمرين المؤسسين والأفراد، مضيفًا أن هيئة الخدمات المالية تسعى إلى تعزيز دور الشركات المرخصة في مجال الأوراق المالية، خاصة تلك المرخصة لنشاط الوساطة في الأوراق المالية وإيجاد أدوات مالية جديدة للاستثمار؛ ما ستسهم هذه الإجراءات والمبادرات في دعم وتطوير مسيرة بورصة مسقط خلال الفترة القادمة.
وأكد نائب الرئيس التنفيذي لهيئة الخدمات المالية أن هناك خطة لإدراجات جديدة لعدد من الشركات التابعة لجهاز الاستثمار العُماني ستطرح خلال العام المقبل، معربًا عن أمله في أن يتم الإعلان عنها في وقت مبكر لإتاحة فرصة كافية للمستثمرين للتخطيط والاستعداد للاستثمار في هذه الشركات التي سيتم طرحها للاكتتاب العام.
ولفت إلى أن الاستثمار في الأوراق المالية يلزمه التعامل الواعي من قبل المستثمرين من خلال دراسة قراراتهم الاستثمارية وإتباع الخطوات المنهجية السليمة في عمليات البيع أو الشراء القائمة على متابعة إفصاحات الشركات وقراءة القوائم المالية لها.
من جهته، أكد مصطفى بن أحمد سلمان رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لشركة المتحدة للأوراق المالية أن نمو حجم التداول في بورصة مسقط يأتي نتيجة للثقة في بعض شركات الوساطة والاستثمار التي استطاعت جذب المستثمرين الأجانب وتحفيز بعض المستثمرين المحليين للتداول في البورصة لاسيما بالاكتتابات العامة للشركات التابعة لجهاز الاستثمار العُماني في إطار جهود هيئة الخدمات المالية لتعزيز التداولات اليومية بالبورصة.
وأضاف أن ذلك أسهم في ارتفاع حجم متوسط التداول ببورصة مسقط ليصل خلال شهر أغسطس 2025م إلى 25 مليون ريال عُماني، مشيرًا إلى أن بعض الأسهم في البورصة ارتفعت بنسبة 40 بالمائة مثل أسهم شركة أوكيو للاستكشاف والإنتاج التي ارتفعت من 250 بيسة إلى 370 بيسة.
ويرى سلمان أن مؤشرات بورصة مسقط تتجه إلى ارتفاعات جيدة وتداولات طبيعية، معربًا عن أمله في عودة المساهمين وأصحاب الأسهم الكبيرة للتداول بالبورصة التي تتميز بفرص عديدة وآفاق واسعة يجب على المستثمر الاستفادة منها خاصة وأن البورصة ستشهد خلال المرحلة القادمة طرح أسهم لشركات جديدة.
وأشار رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لشركة المتحدة للأوراق المالية إلى أن المبادرات التي أطلقها البرنامج الوطني للاستدامة المالية وتطوير القطاع المالي "استدامة" لها أثر إيجابي على أداء بورصة مسقط وشركات الوساطة وستظهر نتائجها خلال المرحلة القادمة خاصة وأن شركات الوساطة تسعى إلى تحسين البرامج التقنية.
وأرجع الدكتور محمد بن حفيظ الذهب أحد المستثمرين ببورصة مسقط انتعاش حركة التداول والأسهم بالبورصة إلى ثقة المستثمرين في القوانين المعمول بها في البورصة وأسعار الأسهم مقارنة بالأسواق الخليجية إلى جانب توفر السيولة؛ ما شجع المستثمرين العودة إلى التداول في البورصة.
وأكد الذهب أهمية دراسة النتائج المالية للشركات بشكل مفصل ومهني قبل الشراء أو البيع ومتابعة الأوضاع الاقتصادية الجيوسياسية في المنطقة كعوامل مؤثرة على السوق وأسعار الأسهم.
وأعرب عن أمله في أن تُعتمَد بورصة مسقط كأحد الأسواق الناشئة نظرًا لتطابق القوانين المعمول بها في البورصة مع القوانين العالمية إلى جانب ارتفاع السيولة وتحسن أسعار القيمة السوقية لبعض الأسهم.