◄ البلوشي: آن الأوان لتوسيع الاستثمارات العمانية بالخارج بتشغيل وإدارة عمانية
◄ الغافري: نحتاج إلى خطة واضحة المعالم لتعزيز كفاءة الباحثين عن عمل
◄ الرواحي: يجب فرض سياسة تعمين ممنهجة ومدروسة تتيح فرص التوظيف للعمانيين
◄ الحارثي: دعم القطاعات الإنتاجية يعزز توفير الفرص الوظيفية
◄ الزيدي: تحفيز القطاع الخاص وتمكينه يُسهم في خلق فرص عمل مجزية
◄ البادي: الحلول المؤقتة غير مجدية.. والخطط المستدامة ضرورية لتوفير الوظائف
◄ الرئيسي: القطاعات الصناعية والزراعية والمهنية قادرة على استيعاب الباحثين عن عمل
◄ العبري: الثقافة المجتمعية تميل إلى تفضيل الوظيفة الحكومية على العمل بالقطاع الخاص
الرؤية- ناصر العبري
أكد عدد من الكُتَّاب والمواطنين أن الكفاءات العُمانية تمثل الركيزة الأساسية لبناء المُستقبل المُزدهر والمُستدام الذي يطمح إليه الجميع، وأنَّ الاستثمار في الطاقات البشرية يُعد من أهم العوامل التي تسهم في النهوض بالاقتصاد الوطني، مسلطين الضوء على عدد من المقترحات لحلحلة ملف الباحثين عن العمل.
وقال إسماعيل بن شهاب بن حمد البلوشي، إن الجهاز الإداري للدولة تشبّع بالوظائف، ولذلك فإنه من الضروري البحث عن مسارات أخرى لفتح آفاق أوسع للكوادر الوطنية، مضيفا: "أمامنا مساران رئيسيان، أولاً: الاستثمار الخارجي إذ آن الأوان أن تتحرك الشركات العُمانية إلى ما وراء الحدود، فبدلاً من أن نطلب من العالم تشغيل أبنائنا، نقوم نحن بتأسيس أعمال في الخارج، ونوفد شبابنا لإدارتها وتشغيلها، وثانياً: السياحة الداخلية فهذا القطاع قادر على أن يكون أحد أسرع الحلول لتوليد فرص العمل، لأنه يتعامل مباشرة مع المجتمع المحلي ويستفيد من التنوع الجغرافي للسلطنة".
حاضنات أعمال
ويوضح أنه من بين الأفكار إنشاء حاضنات أعمال سياحية شبابية وتوفير صناديق صغيرة لتمويل ابتكارات الشباب في كل ولاية بمجالات الإرشاد السياحي والحرف التقليدية والمغامرات البيئية، إلى جانب إتاحة الفرصة أمام الشباب في الشركات السياحية والفنادق لاكتساب المهارات والخبرات وإنشاء منصة رقمية واحدة تحمل هوية عمانية قوية، تعرض جميع الفعاليات والمواقع السياحية بشكل متكامل.
ويشدد الأكاديمي الدكتور هاشل بن سعد الغافري على ضرورة الإسراع في حل مشكلة الباحثين عن عمل، من خلال تنسيق العمل بين السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية، وإشراك القطاع الخاص في هذا الأمر لما يتمتع به من قدرات وامتيازات كبيرة تجعله مؤهلاً للقيام بدور ريادي وفاعل.
وأشار إلى أن من أبرز التحديات التي تقف عائقاً أمام حلحلة ملف الباحثين عن عمل: عدم وجود خطة استراتيجية شاملة لمعالجة هذا الملف في إطار زمني محدد، وضعف التمويل المالي الحكومي في تنفيذ البرامج التدريبية والتأهيلية للباحثين عن عمل، مبينا: "أقترح رفع الضغط الحكومي عن المؤسسات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر فهي تمثل صمام أمان لحركة الاقتصاد في المجتمع، والالتزام بمبدأ الشفافية والوضوح في أعداد الباحثين من ناحية وخطط تسكين العمانيين في الشركات الكبرى بما يضمن أمنهم الوظيفي، ومنح الباحث عن عمل من الشباب مبلغاً ماليا شهريا من باب الحماية الاجتماعية لحين حصوله على عمل، وإيجاد خطة استراتيجية واضحة المعالم ممولة حكومياً للتدريب والتأهيل من أجل رفع مستوى كفاءتهم وقدراتهم، وفتح نظام الإعارة وفق خطة إجرائية واضحة تضمن كرامة المواطن ومستوى معيشة تليق به في حاضره ومستقبله.
الدرجات المالية
وفي السياق، لفت خليفة بن علي الرواحي -كاتب وصحفي- إلى أن تشبع القطاع الحكومي من الوظائف قلل من فرص إيجاد وظائف ودرجات مالية إضافية في المؤسسات الحكومية.
وأكد أن الحلول تكمن في العمل الجاد على إيجاد حلول جذرية لملف الباحثين عن عمل، مثل توسيع سوق العمل العماني وتشجيع الاستثمار الأجنبي بتوسع شامل ومتوازن لا يؤثر على البنية الاجتماعية للمجتمع، وفرض سياسة التعمين الممنهجة والعلمية المدروسة التي تتيح للشباب العماني فرص التوظيف، وبرمجة التعليم العام ليصبح التعليم مؤهلا بالكفاءات المهنية وريادة الأعمال بحيث يتخرج الطالب من الشهادة العامة ولديه الكثير من مهارات العمل التي تمكنه من التوظيف أو إنشاء مؤسسته الخاصة في مجالات المهن الكهرباء والميكانيكا والذكاء الاصطناعي وغيرها من التخصصات المهنية الفنية والتقنية، وكذلك تعزيز بيئة ريادة الأعمال بمزيد من التسهيلات الحكومية والدعم المالي لرواد الأعمال والمؤسسات الصغيرة ومتناهية الصغر مع إعفاء من ضريبة الدخل وتخفيض تسعيرة الكهرباء والماء، ودعم حكومي شامل بتسهيلات في الإجراءات واعفاء من الرسوم أو تقليصها وتسهيلات أخرى، وتوسيع قاعدة التدريب المقرون بالوظائف الذي يعد وسيلة ناجحة تخفف من إعداد الباحثين عن عمل، وتضمن الأمن الاجتماعي والاستقرار الأمني، وصرف مبلغ مالي للباحثين عن عمل يستطيع من خلالها الشاب حفظ كرامته وسد حاجاته في ظل ارتفاع كبير في الأسعار والتضخم المتزايد الذي يعاني منه الجميع.
ريادة الأعمال
بدوره، قال سالم بن زاهر بن سيف الحارثي إن المشكلة تكمن في الفجوة بين التعليم وسوق العمل وضعف ثقافة ريادة الأعمال وقلة التحفيز في القطاع الخاص.
وأضاف: "نحتاج إلى الاستثمار في الذكاء الاصطناعي والبرمجيات والتجارة الإلكترونية والخدمات السحابية، وتشجيع ريادة الأعمال وتسهيل القروض وإنشاء حاضنات أعمال وتوفير التدريب للشباب لتأسيس مشاريعهم، وتوسيع التوظيف في القطاعات الإنتاجية مثل الصناعة الزراعة الذكية والسياحة والخدمات اللوجستية، وتوطين الوظائف في القطاع الخاص تدريجيًا وتفعيل سياسات الإحلال بشكل ذكي، مع مراعاة التوازن وجودة الأداء، والاستفادة من الطاقة المتجددة والمشاريع الوطنية الكبرى".
وذكر الشيخ فهد بن راشد الزيدي عضو مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة بالظاهرة، أن مشكلة ملف الباحثين عن عمل تكمن في ضعف التنويع الحقيقي لفرص العمل في القطاعات الإنتاجية والخدمية، واعتماد شريحة واسعة من الشباب على نموذج الوظيفة الحكومية بوصفها الأكثر أمانًا واستقرارًا، ووجود فجوة بين مخرجات التعليم واحتياجات سوق العمل، مقترحا إعادة صياغة بيئة العمل الاقتصادية وتحفيز القطاع الخاص وتمكينه ليكون جاذبًا وموفرًا لفرص عمل مجزية، إلى جانب الاستثمار الجاد في المشاريع الصغيرة والمتوسطة، والاقتصاد الرقمي، والطاقة المتجددة، والسياحة، واللوجستيات، إلى جانب تعزيز برامج التدريب والتأهيل وفق متطلبات السوق، يضمن للشباب العُماني تنافسية أكبر في ميدان العمل
وتابع قائلا: "المعالجة الحقيقية تستدعي رؤية شاملة تقوم على شراكة الدولة مع القطاع الخاص والمجتمع، لبناء سوق عمل متوازن يفتح أبواب الأمل أمام الطاقات العُمانية الشابة، ويجعل من التوظيف وسيلة للتنمية لا عبئًا على الدولة".
حلول مُستدامة
وقال الكاتب سالم البادي (أبو معن): "نحتاج إلى حلول مستدامة وطويلة الأمد وليست مؤقتة لملف الباحثين عن عمل، مثل تطوير برامج تعليمية تركز على المهارات المطلوبة في سوق العمل، وتوفير دورات تدريبية مستمرة للعاملين لمواكبة التغيرات التكنولوجية واكتساب مهارات جديدة، وإنشاء شراكات حقيقية بين المؤسسات التعليمية والشركات لتوفير فرص تدريب عملي للطلاب والخريجين توفير الدعم المالي والفني للمشاريع الناشئة، مثل برامج التمويل، والتوجيه، والإرشاد، وتسهيل إجراءات تأسيس الشركات وتقليل البيروقراطية وتوفير بيئة عمل محفزة لريادة الأعمال، مثل توفير مساحات عمل مشتركة، وتسهيل الوصول إلى التمويل، وتوفير شبكات التواصل، وتحسين البنى الأساسية الريفية مثل الطرق والمواصلات لتسهيل الوصول إلى المناطق الزراعية والسمكية، وتوفير الكهرباء والمياه بأسعار معقولة لدعم الأنشطة الإنتاجية".
وأوضح: "يمكن أن يوفر التحول إلى الاقتصاد الأخضر فرص عمل جديدة في مجالات مثل الطاقة المتجددة، وكفاءة الطاقة، وإدارة النفايات، كما أنه من بين الحلول تشجيع الابتكار وريادة الأعمال إذ يمكن للجهات الحكومية تقديم الدعم المالي والتدريبي لرواد الأعمال، فعندما يتم تشجيع الابتكار، يمكن أن تظهر شركات جديدة، مما تتوفر وظائف جديدة، إلى جانب التنسيق بين القطاعات الاجتماعية والاقتصادية، وكل هذه الحلول يمكن عبر تنفيذها توفير فرص عمل إذا وجدت الإرادة الحقيقية".
ولفت رشاد بن محمود الرئيسي، إلى أن الحكومة اتخذت العديد من الإجراءات لحلحلة هذا الملف، مثل فرض قيود على توظيف الوافدين في مهن محددة، وتقديم حوافز مالية لتشجيع الشركات على توظيف العُمانيين وتوسيع الاستثمار في قطاعات مثل اللوجستيات والصناعة التحويلية والسياحة ضمن رؤية "عُمان 2040".
وبيّن: "هناك مجموعة من المقترحات ومن أبرزها: الاستثمار بالقطاع الصناعي مثل إنشاء مصانع للتمور والأسماك والرخام والزراعة لتوليد فرص عمل واسعة، إلى جانب الاهتمام بقطاع التعليم والتدريب المهني وتوجيه الطلبة نحو تخصصات عملية يحتاجها السوق، وإنشاء مراكز تدريب مهني في الولايات بمجالات مثل صيانة المكيفات والنجارة وصناعة الأثاث، وبناء قاعدة بيانات وطنية دقيقة لاحتياجات السوق، وتنويع مصادر الاقتصاد الوطني، وتقليل الاعتماد على الوظائف الحكومية، و تمكين الشباب العُماني من الدخول بقوة في سوق العمل، سواء عبر التوظيف المباشر أو من خلال ريادة الأعمال".
تمكين القطاع الخاص
وأكد الكاتب محمد بن العبد مسن الكثيري، ضرورة تمكين القطاع الخاص ليكون المحرك الرئيس للتوظيف عبر حوافز وتشريعات جاذبة، ودعم رواد الأعمال ليبنوا مشاريعهم بتمويل ميسر وضمانات قانونية ومتابعة حقيقية، وتطوير التعليم والتدريب ليكون موائما لاحتياجات سوق العمل.
وقال عمر بن حميد العبري- عضو سابق في مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة عُمان بمحافظة الظاهرة- إن إشكالية هذا الملف تكمن في تداخل عدة عوامل؛ أبرزها ضعف التنويع الحقيقي لفرص العمل في القطاعات الإنتاجية، وعدم المواءمة بين مخرجات التعليم واحتياجات السوق، إلى جانب ثقافة مجتمعية تميل إلى تفضيل الوظيفة الحكومية باعتبارها أكثر استقرارًا.
وأضاف أن معالجة هذه التحديات لا تقتصر على خلق فرص تقليدية، بل تتطلب تحويل التحدي إلى فرصة من خلال تمكين القطاع الخاص ليكون المحرك الرئيس للتوظيف، مع تحفيز المشاريع الصغيرة والمتوسطة، والاستثمار في الذكاء الاصطناعي والتقنيات الحديثة لإيجاد وظائف جديدة في الاقتصاد الرقمي، والبرمجيات، والخدمات الذكية، وتعزيز الرقابة على المبادرات والبرامج الحكومية، لضمان كفاءتها في استيعاب الشباب، ومنع أي أنشطة ضارة بالمال العام تعيق تحقيق أهدافها، ورفع كفاءة التدريب والتأهيل، وربطها باحتياجات السوق بدلًا من الاقتصار على مخرجات أكاديمية نظرية".