مسقط- العُمانية
تشهد سماء سلطنة عُمان مساء غدٍ الأحد خسوفًا كليًا نادرًا للقمر يمكن مشاهدته بوضوح في جميع محافظات سلطنة عُمان، إضافة إلى مناطق واسعة من آسيا وأوروبا وأستراليا وغرب أمريكا الشمالية وشرق أمريكا الجنوبية والمحيطات الهادي والأطلسي والهندي والقطبين الشمالي والجنوبي.
وحول هذه الظاهرة وضح الدكتور إسحاق بن يحيى الشعيلي رئيس مجلس إدارة الجمعية العُمانية للفلك والفضاء أن الخسوف شبه الظلي يبدأ في الساعة (7:28) مساءً بتوقيت مسقط، يليه الخسوف الجزئي عند الساعة (8:27) مساءً، فيما يدخل القمر كاملًا في ظل الأرض عند الساعة (9:31) مساءً مُعلنًا بداية الخسوف الكلي.
وأضاف في تصريح لوكالة الأنباء العُمانية: "تبلغ ذروة الظاهرة عند الساعة (10:11) مساءً، قبل أن ينتهي الخسوف الكلي عند الساعة (10:53) مساءً، ويليه خروج القمر من الظل تدريجيًا حتى نهاية الخسوف الجزئي عند الساعة (11:56) مساءً، على أن تنتهي الظاهرة تمامًا بخروج القمر من منطقة شبه الظل في الساعة (12:55) بعد منتصف الليل".
وبين أن مدة الخسوف الكلي ستستمر ساعة و22 دقيقة، بينما تستغرق مراحل الخسوف الجزئي ثلاث ساعات و29 دقيقة، أما مجمل الظاهرة بجميع مراحلها فستمتد لخمس ساعات و27 دقيقة، وأن القمر سيكون بدرًا مكتملًا لشهر ربيع الأول 1447هـ، ويظهر بلون مائل للحمرة خلال ذروة الخسوف نتيجة انكسار ضوء الشمس عبر الغلاف الجوي للأرض.
وأشار إلى أن خسوف القمر هو ظاهرة فلكية تحدث عندما يحجب ظل الأرض ضوء الشمس المنعكس من القمر، مضيفًا: "الظاهرة تحدث عندما تكون الأرض والشمس والقمر على استقامة واحدة، ويوجد ثلاثة أنواع من الخسوفات هي: الخسوف الكلي: ويحدث عندما يدخل القمر كله منطقة ظل الأرض، وفي هذه الحالة ينخسف كامل قرص القمر؛ مما يؤدي إلى فقدان الرؤية نهائيًا في أوقات منتصف الليل وخصوصًا في المناطق الصحراوية".
وأضاف: "الخسوف الجزئي يحدث عندما يدخل جزءٌ من القمر منطقة ظل الأرض، وفي هذه الحالة ينخسف جزء من قرص القمر، وخسوف شبه الظل يحدث عندما يدخل القمر منطقة شبه الظل فقط، وفي هذه الحالة يصبح ضوء القمر باهتًا من دون أن ينخسف".
وأوضح قائلًا: "في بداية الخسوف الكلي فإن لون القمر يميل للحُمرة بسبب الأشعة الحمراء التي لا يمكن امتصاصها من أعلى الغلاف الجوي للأرض، ويحدث الخسوف عادة عندما يكون القمر بدرًا على عكس كسوف الشمس الذي يحدث عندما يكون القمر في مرحلة الاقتران، ولا يحدث الكسوف والخسوف شهريًا بسبب أن مستوى دوران القمر حول الشمس يميل بزاوية مقدارها خمس درجات تقريبًا، لذلك لا يحدث الكسوف أو الخسوف إلا عندما تمر الشمس (بسبب دوران الأرض حول الشمس) في نقطة التقاء المستويين أو ما تسميان بالعُقدتين، كذلك فإنه يمكن أن يحدث خسوف القمر ثلاث مرات كل سنة، أما كسوف الشمس فيمكن أن يحدث 5 مرات في سنة واحدة".
وحول أبرز ما يُميز هذا الحدث الفلكي وضح الشعيلي أن الظاهرة الفلكية يمكن رؤيتها دون الحاجة لأي معدات فلكية مثل التلسكوب أو المنظار؛ حيثُ يظهر الخسوف واضحًا في السماء بالعين المُجردة، كما لا يُسبب النظر إلى الخسوف أي مشاكل للبصر عكس كسوف الشمس الذي يحتاج إلى نظارات خاصة لحماية العين من التلف، كما يشكل هذا الحدث النادر الذي يزين سماء سلطنة عُمان بنوره المائل للاحمرار لتوافد العديد من هواة التصوير والمهتمين بالجانب الفلكي لتوثيق هذا الحدث الفلكي والتقاط صور متنوعة بجمالية ظهور ضوء القمر في مرحلة خسوفه.
وأكد على أن الجمعية العُمانية للفلك والفضاء وبالتعاون مع دائرة الشؤون الفلكية بوزارة الأوقاف والشؤون الدينية ومكاتب المحافظين ستنظم فعاليات رصد جماهيرية باستخدام المناظير الفلكية في 11 موقعًا موزعة على مختلف محافظات سلطنة عُمان، وسيتم الإعلان عن تفاصيل هذه الفعاليات عبر حسابات التواصل الاجتماعي الخاصة بالجمعية.
وأوضح أن مثل هذه الظواهر الفلكية تمثل فرصة ثمينة للباحثين في دراسة طبقات الغلاف الجوي للأرض، إذ يساعد الضوء الأحمر المنكسر على القمر في تحليل مكونات الهواء والغبار والملوثات الجوية، وتتيح للعلماء مقارنة القياسات بين مختلف مناطق العالم، مما يثري الدراسات المناخية والبيئية، وتُستخدم كذلك في تطوير تقنيات الرصد والتصوير الفلكي، وتُعد فرصة تدريبية للطلاب والهواة لاكتساب مهارات عملية في متابعة الأجرام السماوية.
وختم رئيس مجلس إدارة الجمعية العُمانية للفلك والفضاء حديثه قوله: "إن هذا الحدث الفلكي يمثل فرصة لهواة التصوير لتوثيق القمر بلونه الأحمر ودمجه مع معالم عُمانية طبيعية وتاريخية، مثل السواحل والجبال والقلاع والأفلاج، بما يبرز جمال المشهد الكوني في تناغمه مع التراث والطبيعة، وهو ما يمنح المصورين والمهتمين بالفلك مادة بصرية فريدة تُعزز حضور سلطنة عُمان باعتبارها وجهة ملهمة لعُشاق السماء والطبيعة على حد سواء.