سموتريتش وبن غفير ونتنياهو يفجرون المنطقة

 

 

 

د. أحمد بن علي العمري

 

بتسلئيل سموتريتش، الذي يشغل منصب وزير المالية في حكومة إسرائيل المتطرفة التي يقودها نتنياهو اسمًا فقط، وهو زعيم حزب (الصهيونية الدينية)، من أبرز المؤيدين للاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية، أما إيتمار بن غفير، فيشغل منصب وزير الأمن القومي في ذات الحكومة، وهو شخصية مثيرة للجدل ومتطرف حاد. 

كلاهما يمثل التيار المتشدد والمتطرف في المشهد السياسي الإسرائيلي، ومواقفهما تتعارض تمامًا مع مبادئ السلام والقانون الدولي، وهما من يتحكم بإسرائيل ومن خلفها العالم، وليس نتنياهو الذي بدا أداة طيّعة في أيديهما، ومن خلفهم أمريكا وأوروبا، القارة العجوز التي أضحى اسمها أو صفتها يتطابق مع فعلها تمامًا: بلا حقوق إنسان، ولا حريات، ولا رأي حر، الذي انكشف على الواقع بالفعل، وليس جملًا مسترسلة. 

عندما تقول دولة عربية أو إسلامية، أو حتى فرد، بوضوح ويعبّرون عن نهجهم الإسلامي، تقوم الدنيا ولا تقعد، ويتهمونهم بالعنصرية والفئوية والتطرف، وقد أظهروا مؤخرًا مسمى وتعريفًا لم يكن موجودًا من قبل في العالم، وهو "الإسلاموفوبيا". 

لكن عندما تعلن إسرائيل أنها دولة يهودية مارقة، ويا ليتها يهودية فقط، فقد كان ذلك ربما أرحم، إنما صهيونية كذلك، ويمر ذلك على العالم أجمع مرور الكرام، فهذا يعني تضليلًا وازدواجًا في المعايير، وتنتهي بهذا حقوق الإنسان والعدل والمساواة والحريات التي صدعنا بها الغرب منذ عقود طويلة، وتنتهي معها حتى حقوق الحيوان المبهمة. 

لقد جال وصال سموتريتش وبن غفير، ومن على شاكلتهم في حكومة نتنياهو المفتعلة، فلم يهمهم الداخل المعترض، والذي يطالب بعودة الأسرى والمحتجزين، ولا نتنياهو نفسه الذي يتماهى معهم، ولا أوروبا مهما صاحت، ولا حتى ترامب الذي قال أيام الانتخابات: "سأنهي حرب غزة خلال يومين، ولو كنت موجودًا في البيت الأبيض لما حصلت أصلًا"، ولم تنفع حتى تمتمات الأمم المتحدة الخجولة في شتى تخصصاتها. 

من هنا نستنتج أن هذين الوزيرين هما من يقود العالم. 

ومؤخرًا، فقد ظهرت لنا عقول مبهمة، وهي: عقول الظل، خرجت من سراديبها المعتمة، ووصلت إلى البيت الأبيض تحمل خرائط الخراب. 

جلسا مع ترامب يتآمرون على غزة، وكأنهم ذئاب اجتمعت حول فريستها. 

الأول جاريد كوشنر، صهر ترامب وزوج ابنته إيفانكا، وهو مهندس الاتفاقات الإبراهيمية وعرّاب صفقة القرن، حفيد أيديولوجية ترى فلسطين أرضًا بلا شعب. 

عائلة موّلت المستوطنات، دفعت أموالًا لجيش الإبادة، ودعمت العصابات التي تصادر البيوت وتهجّر الفلسطينيين بيتًا تلو بيت، شبرًا بعد شبر. 

والثاني: هو توني بلير مُدمِّر العراق وتاجر الحروب، الذي لا يترك نارًا في المنطقة العربية والإسلامية إلا أشعلها، ولا مؤامرة إلا التحق بها، واجتهد ليتصدرها، من أوسلو إلى بغداد، إلى اتفاقيات إبراهام، إلى اغتيال الربيع العربي في مهده. 

وقد قال في أحد خطاباته المسمومة: "من وجهة نظري، إن الإسلام، وخاصة السياسي منه، سواء من حيث الأيديولوجيا أو العنف، يشكل تهديدًا أمنيًا من الدرجة الأولى". 

يجلس الثنائي مع ترامب، يحلم بغزة منزوعة السلاح، ريفييرا سياحية كما يدّعون، تُبنى على جماجم أهلها المنكوبين. 

وقد قالها ترامب من قبل: "أعتقد أننا سنحصل على قطعة أرض في الأردن، وأعتقد أننا سنحصل على قطعة أرض في مصر".  وقد نفت كلٌّ من جمهورية مصر العربية والمملكة الأردنية الهاشمية ذلك في حينها الأمر جملة وتفصيلًا. 

إن كوشنير وبلير من المتوقع منهما أن يقدّما لترامب أفكارًا لخطة ما بعد الحرب، وكيفية إدارة قطاع غزة دون سيطرة حماس. 

إذا، فقد اجتمع ثلاثي الشر على غزة، والعالم يتفرج، بما فيهم العربي والإسلامي، ينهشون لحمها الحي. 

إن الوضع اليوم أسوأ بكثير من البارحة.  والعالم العربي والإسلامي يتفرج بلا حول له ولا قوة. 

لقد منع وزير خارجية أمريكا 80 من أعضاء الوفد الفلسطيني المشارك في اجتماعات الأمم المتحدة من حضور اجتماع عام عالمي، ورفض منحهم التأشيرات التي تؤهلهم للحضور. 

أليست هذه من مخرجات مدريد وأوسلو التي تغنّى بها ولها، وأشاد بها نائب الرئيس الفلسطيني في لقائه الأخير مع إحدى القنوات العربية؟ 

الظاهر أن الرئيس الوحيد الذي يقدر على لملمة الشعب الفلسطيني بكل تفرعاته وخلاياه ومنظماته، والذي يتفق عليه الجميع والجمع الفلسطيني، هو أبو القسام، الرئيس مروان البرغوثي، الذي يقبع في السجون الإسرائيلية، مع احترامي وتقديري لكل المناضلين الفلسطينيين البواسل، والذي زاره بن غفير مُؤخرًا في سجنه في خطوة استفزازية نكاية بالأمة قاطبة... 

فهبّوا، أيها العالم العربي والإسلامي، من سباتكم، على الأقل لتحرير مروان البرغوثي من قيده، ولتلمّوا حولكم شعوب العالم، واجعلوا منه مانديلا فلسطين.

حفظ الله فلسطين والعالم العربي والإسلامي، وإن شاء الله يسود العدل والسلام العادل كل العالم.

الأكثر قراءة