ضمن الورش التدريبية للقمة العالمية للابتكار الاجتماعي في صلالة

خبراء: الذكاء الاصطناعي أداة نوعية لتعظيم أثر المبادرات المجتمعية ورفع كفاءة العمل

 

◄ آل إبراهيم: الذكاء الاصطناعي أداة استراتيجية قادرة على تحسين جودة الحياة للأفراد والمجتمعات

◄ استعراض تطبيقات عملية ترتكز على تحليل نبض المجتمع عبر تتبُع المحتوى في وسائل التواصل الاجتماعي

◄ تأكيد أهمية مراعاة الجوانب الأخلاقية وحماية خصوصية المستفيدين من المبادرات المُبتكرة

بوحجي: فجوة قائمة بين مخرجات التعليم وسوق العمل في دول الخليج

طرح فكرة مختبرات ميدانية تعتمد على التجربة والتطبيق العملي لتعزيز الابتكار الاجتماعي

◄ البلوشي: 10 معايير للمبادرات الاجتماعية الرائدة.. والابتكار في المقدمة

◄ الابتكار جوهر المبادرة.. والأفكار البسيطة مؤهلة للتحول إلى مشاريع تنموية كبرى

 

 

الرؤية- مدرين المكتومية

 

شهدا أعمال القمة العالمية للابتكار الاجتماعي (النسخة الرابعة 2025) التي احتضنتها ولاية صلالة في محافظة ظفار، تنظيم 3 ورش متخصصة؛ حيث قدم الأستاذ الدكتور علي عبدالله آل إبراهيم نائب رئيس الشبكة الإقليمية للمسؤولية الاجتماعية ورشة بعنوان "توظيف الذكاء الاصطناعي في تحسين جودة وكفاءة المبادرات المجتمعية"، وركزت على كيفية الاستفادة من تقنيات الذكاء الاصطناعي لتعزيز فاعلية العمل المجتمعي ورفع كفاءته.

وأوضح آل إبراهيم أن العالم يعيش اليوم عصرًا رقميًا مُتسارعًا جعل من الذكاء الاصطناعي أداة استراتيجية يمكن أن تسهم في تحسين جودة الحياة للأفراد والمجتمعات عبر معالجة أبرز التحديات مثل محدودية الموارد، وبطء الاستجابة، وصعوبة الوصول للفئات المستهدفة، مشيرًا إلى أن المبادرات المجتمعية في المجتمعات المستقرة تواجه بدورها تحديات مختلفة أهمها اختيار المشاريع الأكثر توافقا مع احتياجات الناس؛ وهو ما يمكن للذكاء الاصطناعي أن يقدم فيه حلولًا مبتكرة.

واستعرضت الورقة مجموعة من التطبيقات العملية التي أثبتت جدواها من بينها تحليل نبض المجتمع عبر تتبع المحتوى في وسائل التواصل الاجتماعي، وتوجيه الموارد بدقة إلى المناطق الأكثر احتياجًا باستخدام الخوارزميات، إضافة إلى تطوير منصات تعليمية تتفاعل مع المستخدمين بشكل مخصص، وكشف التلاعب في التبرعات والرعايات، وأتمتة تنظيم الفعاليات لزيادة التفاعل والمشاركة. كما تطرقت الورقة إلى التجارب العالمية الناجحة مثل مبادرة IBM Watson for Social Good، التي ساعدت منظمات غير ربحية في تحليل ملايين المنشورات لرصد أولويات المجتمع بدقة؛ مما رفع فعالية الحملات بنسبة 43% وزاد التفاعل الجماهيري 60%، كما أبرزت أيضا تجربة منصة مدد التي اعتمدت على الذكاء الاصطناعي في تحليل البيانات السكانية والمالية لتوجيه المساعدات محققة نتائج لافتة تمثلت في رفع كفاءة توزيع الدعم بنسبة 55% وتقليل الهدر بنحو 40%.

وأكد آل إبراهيم أن تبنِّي المنظمات لتقنيات الذكاء الاصطناعي يمر بمراحل متعددة تبدأ بالوعي والاستكشاف مرورا بالتجريب والتوسع وصولًا إلى التمكين والابتكار المستدام، مشددًا على أهمية مراعاة الجوانب الأخلاقية وحماية خصوصية المستفيدين خلال مختلف المراحل. واختتمت الورشة بطرح توصيات عملية لتعظيم أثر الذكاء الاصطناعي في المبادرات المجتمعية أبرزها إشراك المستفيدين في تصميم الحلول، وتوافر بيانات دقيقة وموثوقة، الى جانب دعم القيادة الواعية للتحول الرقمي، وبناء شراكات مع الجهات التقنية والبحثية، إضافة إلى الاستثمار في بناء قدرات الكوادر البشرية لضمان استدامة الابتكار والتطوير.

اقتصاد الإلهام

وقدَّم الدكتور محمد جاسم بوحجي مؤسس المشروع الدولي لاقتصاد الإلهام ورشة عمل بعنوان "اقتصاد الإلهام كمحرك لطاقات الشباب نحو التحديات المجتمعية"؛ حيث قال إن الشباب الخليجي يمثل قوة ديموغرافية واقتصادية وسياسية رئيسية؛ إذ تتراوح نسبتهم ما بين 35% إلى 50% من إجمالي السكان في دول مجلس التعاون الخليجي وهو ما يضعهم في صدارة القوى المؤثرة في صناعة المستقبل، مشيرًا إلى أن نسبة البطالة بين الشباب في المنطقة تتراوح بين 5% و15%، في ظل فجوة قائمة بين مخرجات التعليم وسوق العمل، بالإضافة إلى التحديات المرتبطة بالصحة النفسية والتهميش الاجتماعي.

وسلطت الورقة الضوء على أبرز القضايا العالمية التي تواجه المجتمعات في الوقت الراهن، ومنها: التغير المناخي والكوارث البيئية، وعدم المساواة الاقتصادية، والنزاعات المسلحة، والأزمات الصحية، الى جانب التحديات المرتبطة بالهجرة والاندماج الاجتماعي، مؤكدة أن هذه الأزمات تفرض على الشباب مسؤولية المشاركة الفاعلة في ابتكار حلول جديدة ومستدامة. وتطرق في الورشة الى مفهوم "اقتصاد الإلهام"؛ باعتباره نموذجًا اقتصاديًا واجتماعيًا قائمًا على تحويل التحديات إلى فرص، واستثمار المشكلات المجتمعية كمدخل لصناعة نماذج جديدة من النهوض؛ وذلك عبر مختبرات ميدانية تعتمد على التجربة والتطبيق العملي؛ حيث تعمل هذه المختبرات على تعزيز الابتكار الاجتماعي، وتنمية القدرات الريادية لدى الشباب، وتوظيف الطاقات المجتمعية في مسارات إنتاجية قادرة على إحداث أثر اقتصادي واجتماعي طويل المدى. كما عرضت الورقة تجارب عالمية ملهمة مثل "مدرسة البامبو" في ولاية أسام بالهند، التي ساهمت في إعادة دمج المُتسرِّبين من التعليم عبر مشاريع سياحية واجتماعية، إضافة إلى مبادرات في أفريقيا هدفت إلى تقليل معدلات الفقر وتمكين المرأة والشباب من خلال مشاريع صغيرة ذات أثر مجتمعي مباشر.

وأشار بوحجي إلى أن الاستثمار في طاقات الشباب يتطلب إعادة صياغة منظومة "المسارات والخيارات والقرارات"؛ بما يعزز الاستقلالية الفكرية والقدرة على الابتكار ويؤهل الأجيال الجديدة للانتقال من الاقتصادات الريعية إلى اقتصادات إنتاجية مستدامة.

وختم بوحجي ورقته بالتأكيد على أن "اقتصاد الإلهام" يسعى إلى تمكين الشباب من قيادة التغيير المجتمعي والاقتصادي، وتوسيع دائرة مساهمتهم في صياغة حلول مبتكرة للتحديات المعاصرة، ليصبحوا بذلك ركيزة أساسية في بناء مستقبل أكثر عدلًا واستدامة للمجتمعات الخليجية والعربية.

مبادرات مبتكرة

وقدَّم الدكتور حامد بن عبد الله البلوشي مدير عام شبكة الباحثين العرب في مجال المسؤولية المجتمعية ورشة بعنوان "تصميم المبادرات المجتمعية المبتكرة"؛ حيث استعرض أهمية المبادرة كقيمة إنسانية ومسؤولية فردية ومجتمعية تسهم في النهضة والتنمية، موضحًا أن المبادرات الفاعلة تقوم على التخطيط العلمي والإبداع في إيجاد حلول مستدامة للمشكلات المجتمعية، كما عرض المعايير العشرة للمبادرات الرائدة التي تشمل وضوح الرؤية والأهداف، والاستدامة، والعمل المؤسسي، مع وجود مؤشرات أداء قابلة للقياس، والتميز التنافسي، مؤكدا أن تصميم المبادرات المجتمعية المبتكرة يساهم في تعظيم الأثر المجتمعي، وتعزيز روح الفريق، وتعمل على تمكين الشباب، وتنمية القيم الوطنية، إلى جانب مساهمتها في تحقيق أهداف التنمية المستدامة.

واستعرض البلوشي نماذج وتجارب عالمية ناجحة في مجال المبادرات المجتمعية مثل مبادرة "السياحة التبادلية" في الأردن، ومشروع "بنك غرامين" لمحمد يونس في بنجلاديش، مشددًا على أن الابتكار هو جوهر المبادرة وأن الأفكار البسيطة قد تتحول إلى مشاريع تنموية كبرى إذا ما صممت باحترافية وتم دعمها بشكل صحيح.

تعليق عبر الفيس بوك

الأكثر قراءة