حاجة ماسَّة للوصول إلى مختلف الشرائح وتبسيط المفاهيم والخطط

مواطنون: ضعف المعرفة المجتمعية بمُستهدفات "عُمان 2040" يتطلب مزيدًا من التوعية لإبراز التطلعات الطموحة

...
...
...
...

الجهوري: ضرورة شرح "الرؤية" بلغة سهلة وأسلوب بعيد عن التنظير

المحرزي: الفجوة المعرفية ناجمة عن تأخر ترجمة الخطط إلى واقع ملموس

 

الرؤية- سارة العبرية

عبّر عدد من المواطنين عن أن وعي المجتمع برؤية "عُمان 2040" ما يزال محدودًا؛ فالرؤية رغم أهميتها الطموحة في رسم مستقبل الاقتصاد والتعليم والابتكار والبيئة، لم تصل بعد إلى شرائح واسعة من المجتمع بشكل ملموس.

وبيّنوا -في تصريحات لجريدة الرؤية- أن غياب المعرفة بأهداف الرؤية وانعكاساتها على حياتهم اليومية يضعف قدرتها على التحول، ويحد من تأثيرها الإيجابي في مختلف القطاعات، مؤكدين أن التواصل الفعّال وتبسيط الرسائل وربطها بالواقع اليومي للمواطنين يُعدّان خطوة أساسية لتعزيز الوعي وتفعيل دور المجتمع في تحقيق أهدافها.

 

وقال مازن بن حمدان الجهوري مُحلل مخاطر مؤسسية "إن "رؤية عُمان 2040" خارطة طريق استراتيجية وضعتها حكومة السلطنة لتكون بوصلة التنمية الشاملة خلال العقدين القادمين، وتهدف لتحويل التحديات الحالية إلى فرص تنموية تعزز التنوع الاقتصادي مع تقليل الاعتماد على النفط، كما تهدف لبناء مجتمع مبتكر منتج ومشارك بفاعلية في عجلة التنمية".

وأشار الجهوري إلى أن الرؤية تسعى لتنويع الاقتصاد عبر تعزيز أدوار قطاعات حيوية مثل السياحة واللوجستيات والطاقة المتجددة والتقنية الحديثة، كما تركز على تمكين الإنسان العُماني من خلال توفير تعليم نوعي بما يتناسب مع المهارات المستقبلية، وتدعيم الابتكار وريادة الأعمال، كما تهدف الرؤية لتعزيز الحوكمة والشفافية في المؤسسات الحكومية، مما يدعم الاستدامة والاهتمام بجودة الحياة والصحة العامة.

وأكد أن هناك العديد من الجهود المبذولة لشرح الرؤية وخططها للمواطنين من خلال ندوات وورش وحملات إعلامية، لكنها لا تزال غير كافية للوصول لجميع شرائح المجتمع، فغالبًا ما تظل الرسائل والنشرات في إطار رسمي، مما يجعل المواطن العادي غير قادر على ربطها مباشرة بواقع حياته اليومية.

وأوضح الجهوري أن زيادة وعي الناس برؤية عُمان 2040 يمكن أن تتم بعدة طرق، منها تبسيط اللغة لتقديم الرؤية بأسلوب عملي بعيد عن المصطلحات الاقتصادية والسياسية المعقدة، وربطها بأمثلة ملموسة مثل تطوير الخدمات الصحية، فرص العمل الجديدة، أو البنية التحتية، بالإضافة لاستخدام الإعلام الحديث والميديا الاجتماعية لنشر محتوى مرئي قصير، وعرض قصص نجاح محلية، وإصدار كتيبات برسوم وأشكال جاذبة للشباب، وإشراك المجتمع عبر المدارس والجامعات والفعاليات الأهلية لتعزيز الشعور بالمشاركة.

ولفت الجهوري إلى أنه إذا كان صاحب قرار، فإنه "سيعتمد على نهج قصصي أو تمثيلي يوضح رحلة المواطن مع الرؤية، موضحًا كيف سيؤثر التعليم الجديد على مستقبل أبنائه، وكيف ستنعكس الطاقة المتجددة على دخله الشهري، أو كيف سيغير قطاع السياحة فرص العمل أو الاستثمارات المحلية، أي تحويل الفكرة من وثيقة استراتيجية إلى قصة شخصية يعيشها كل فرد ويربطها بأحلامه وتوقعاته وآماله".

طموحات الرؤية

من جانبه، قال مسعود بن سعيد المحرزي باحث قانوني بالهيئة العامة للمناطق الاقتصادية الخاصة والمناطق الحرة "غياب الوعي برؤية عُمان 2040 يشكل تحديًا حقيقيًا بين الطموح والإمكانات"، مؤكدا أن الرؤية تمثل مشروعًا وطنيًا طموحًا يرسم ملامح المستقبل في الاقتصاد والتعليم والابتكار والبيئة، إلا أن وعي المجتمع بها لا يزال محدودًا رغم مرور أعوام على إطلاقها؛ إذ كشفت الحوارات مع الشباب والموظفين وأصحاب الأعمال أن كثيرين لا يعرفون أهدافها أو انعكاساتها على حياتهم اليومية.

وأشار المحرزي إلى أن هذه الفجوة تطرح سؤالًا أساسيًا حول إمكانية تحقيق الرؤية لأهدافها إذا لم تتحول إلى ثقافة عامة يتبناها الناس، لافتا إلى أن البيروقراطية والعقبات التشريعية تؤخر ترجمة الخطط إلى واقع ملموس؛ ما يضعف الثقة العامة ويجعل الاهتمام بالرؤية باهتًا.

وبيّن المحرزي أن دور الإعلام لا يزال محل جدل؛ حيث يرى البعض أن لغة الخطاب الرسمية المعقدة لم تصل إلى الجمهور، فيما يؤكد آخرون أن الجهود الإعلامية ظلت تقليدية وبعيدة عن أدوات العصر التي تجذب الشباب عبر المنصات الرقمية والوسائط التفاعلية.

وأوضح أن تجاوز هذه التحديات يستلزم تغييرًا في أسلوب التواصل مع المجتمع، بحيث تُقدم الرؤية بلغة أبسط وأكثر قربًا من الناس، وتُترجم أهدافها إلى قصص نجاح ملموسة في حياة المواطن اليومية.

وشدد المحرزي "أن دمج الرؤية في المناهج الدراسية والأنشطة الجامعية، وتفعيل الإعلام الرقمي بمحتوى شبابي تفاعلي، يعزز حضورها في وعي الأجيال، فضلًا عن إشراك المجتمع المدني والقطاع الخاص في التوعية والتنفيذ، بما يحول الرؤية إلى مشروع جماعي يتقاسمه الجميع".

واختتم حديثه بالقول "الرؤية ستظل حِبرًا على ورق إن لم تتحول إلى وعي شعبي حي، مؤكدًا أن المجتمع هو الشريك الأساس في تحويل الطموحات إلى إنجازات، والمسؤولية مشتركة بين الدولة والإعلام والتعليم والمجتمع لضمان أن تصبح عُمان 2040 واقعًا معيشًا لا مجرد وثيقة وخطة محفوظة".

تعليق عبر الفيس بوك

الأكثر قراءة