كلنا يحب العمل.. وكلنا يحب الوظيفة

 

 

 

حمد الصبحي

 

هذا ليس نداءً ولا نشيدًا لتحريك المياه الراكدة، بل هو إيمانٌ راسخ بأن العمل هو أساس الحياة والاستقرار، وتدرك وزارة العمل أهمية معالجة ملف الباحثين عن عمل، فتواصل دعمها للشركات التي توظف الكوادر العُمانية، في خطوة متجددة تتناغم مع مخرجات التعليم وتواكب متغيرات سوق العمل، انطلاقًا من مبدأ المسؤولية المشتركة.

فالوظيفة ليست مجرد كرسي أو راتبًا شهريًا؛ بل هي مظلة أمان، وركيزة للتنمية، وضمانة لاستقرار الإنسان، غير أن السؤال الذي يفرض نفسه: لماذا نحصر أحلامنا في حدود الوظيفة فقط؟

حين ننظر إلى الماضي، ندرك أن الأسلاف مارسوا مهنًا وصناعات متعددة، وأبدعوا في ابتكار الحرف التي أصبحت اليوم تراثًا يُعرض في المتاحف ويُدرّس للأجيال. كانت تلك المهن شرفًا لهم، وجسرًا عبروا به إلى المستقبل، وعلينا أن نستحضر تلك الروح اليوم؛ فالحياة لا تنتظر إعلان وظيفة أو شواغر، بل تصنعها الأيادي التي تبتكر وتعمل في حقول الجمال، تصنع الحياة بصبر، تخيط الزمن، وتحوّل الأسواق إلى مزارات نابضة بالحياة والسياحة.

صحيحٌ أن الوظيفة تمنح الإنسان استقرارًا ماليًا واجتماعيًا، وتجعله أكثر التزامًا وانتماءً، لكنها في الوقت نفسه ليست الوسيلة الوحيدة. فالمهن الحرة وأعمال الأرض تمنح شعورًا أعمق بتحقيق الذات، وتضيف خبرات ومهارات متجددة، وتفتح أبوابًا للإبداع والإسهام في خدمة المجتمع.

من هذا المنطلق، تحرص وزارة العمل على تعزيز حضور الكفاءات الوطنية في مختلف القطاعات، عبر برامج تدريب وتأهيل تتماشى مع متطلبات السوق، وتمنح الشباب المهارات اللازمة للنجاح. كما تطلق حملات توظيف دورية بالتعاون مع القطاع الخاص، وتوفر منصات إلكترونية لتسهيل الربط بين الباحثين عن عمل وأصحاب المؤسسات، لتجعل الفرصة أمام الجميع وفق اختصاصهم وفق اختصاصهم، وفي نفس الوقت تشرّع الأمل في أن يكونوا في الحياة أكثر التزاما بما صنعوه الأسلاف، حين يكتسبون الخبرة الكافية.

وتُشجِّع الوزارة الشركات على الالتزام بنسب التعمين من خلال تقديم حوافز متنوعة، تشمل الدعم الجزئي للأجور في المراحل الأولى، وتسهيلات في الرسوم، ومنح الأفضلية في المناقصات الحكومية. وتؤكد أن نجاح هذه السياسة يتطلب شراكة حقيقية مع القطاع الخاص تقوم على الحوار وإيجاد حلول عملية تضمن استدامة سوق العمل.

كل هذه الجهود تصب في هدف واحد: بناء سوق عمل متوازن ومستدام، يكون فيه المواطن العُماني الخيار الأول في جميع القطاعات، انسجامًا مع رؤية "عُمان 2040". فالوظيفة في عُمان ليست مجرد مصدر دخل، بل استثمار في الإنسان والمجتمع، وبوابة نحو مستقبل أكثر ازدهارًا.

وعلى الشباب اليوم أن ينظروا إلى مهن الأجداد بعين الاحترام والتقدير، لا كتراثٍ عابر؛ بل كقيمة إنسانية وحضارية تساعدنا على صياغة الغد، بعيدًا عن الوقوف الطويل أمام إعلانات الوظائف.

وما أجمل أن تشرق الشمس، وأنت صانع حضارة، أليس هذا أجمل من احتراق الوقت؟!

تعليق عبر الفيس بوك

الأكثر قراءة