حمود بن علي الطوقي
أوجِّه هذا المقال مُباشرة إلى معالي وزير العمل المُوقر، كونه صاحب أعلى سلطة ومن يتخذ القرارات بشأن تنظيم سوق العمل في بلادنا الحبيبة..
في الوقت الذي نثمّن فيه جهود وزارتكم الموقرة في تنظيم سوق العمل، وتحقيق التوازن بين أطراف العلاقة العمالية، نود أن نطرح قضية باتت تؤرق شريحة واسعة من المواطنين، وأصحاب المؤسسات والشركات الصغيرة والمتوسطة؛ بل وحتى بعض المؤسسات الكبيرة، وهي مسألة إلزامية تسليم جواز سفر العامل إليه، كحق شخصي لا يجوز حجزه من قبل صاحب العمل.
قد يبدو هذا القرار، في ظاهره، تعزيزًا لحقوق العامل وضمانًا لحريته، لكن في واقع بيئتنا المحلية، وتحت خصوصية العلاقة التعاقدية والمسؤولية القانونية والاجتماعية التي يتحمّلها صاحب العمل، فقد تسبب هذا الإجراء في تداعيات سلبية خطيرة، يدفع ثمنها صاحب العمل وحده، دون أي حماية قانونية فعّالة.
لقد سُجّلت العديد من الحالات؛ حيث استغل بعض العمال هذا الحق وغادروا البلاد دون علم صاحب العمل، مُخلِّفين وراءهم التزامات مالية، أو قضايا عالقة، أو حتى شُبهات جنائية. ويتفاجأ صاحب العمل باختفاء العامل، ليكتشف لاحقًا أنه قد غادر البلاد دون أي إشعار مُسبق، ودون تحمُّل أي مسؤولية تُذكر.
وهنا نطرح السؤال المشروع: من يتحمّل تبعات هذا الفعل؟ ومن يعوّض صاحب المؤسسة الذي وقع عليه الضرر؟ بل من يضمن أن هذا العامل لم يرتكب جرمًا قبل مُغادرته ربما يؤثر على المؤسسة التي يعمل بها؟ وهل الجهات الدولية التي تطالب بمنح العامل هذا الحق، مطلعة تمامًا على تركيبة سوق العمل في بلادنا؟ وعلى أعباء الكفالة التي يتحمّلها المواطن في حال أخلّ الوافد بالتزاماته؟
لقد كانت القوانين السابقة قبل سنوات طويلة أكثر توازنًا وعدالة؛ إذ كانت تشترط حصول العامل على رسالة "عدم مُمانعة" من صاحب العمل قبل المُغادرة، وكانت إدارة الجوازات لا تسمح له بمغادرة البلاد إلا بعد مُوافقة صاحب العمل. وهو إجراء كان يمنع كثيرًا من التجاوزات، ويمنح صاحب العمل الحد الأدنى من الحماية القانونية، ويضبط العلاقة التعاقدية بشكل مسؤول.
نحن لا نعترض على مبدأ الحقوق، لكننا نطالب بالموازنة، فلا يمكن أن تُمنح حرية السفر المُطلقة لطرف، في حين يُقيّد الطرف الآخر بأعباء قانونية وإدارية.
فلماذا لا يُشترط- كحل وسط- أن يحصل العامل على موافقة صاحب العمل قبل السفر بما يضمن مُراعاة طبيعة العلاقة التعاقدية والمسؤولية المشتركة؟
معالي الوزير.. إنَّ أمن المجتمع وسلامة بيئة العمل لا تُبنى فقط على ضمان حقوق الأفراد؛ بل أيضًا على حفظ التوازن وحماية أصحاب العمل من التلاعب والاستغلال. ونحن على يقين بأنَّ وزارتكم الموقرة منفتحة على الملاحظات البناءة، وتسعى دائمًا لما فيه مصلحة الوطن وأطراف العلاقة العمالية كافةً.