إلى الرئيس ترامب

 

حمود بن علي الطوقي

 

لم أكن أنوي الكتابة عن التصريحات المُستفزة التي أطلقها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب منذ وصوله إلى البيت الأبيض خصوصًا ما يتعلق بالشرق الأوسط والقضية الفلسطينية على وجه التحديد، لكن الصورة الشهيرة التي التقطتُها معه في "قمَّة الرياض" عام 2017، كانت الشرارة التي دفعتني لإعداد هذا المقال الموجَّه إليه بعدة نصائح، بصفتي صحفيًا ومُتابعًا ببالغ الاهتمام للقضية الفلسطينية؛ فهي القضية التي تسكننا كعرب ومسلمين.

أوجّه هنا رسالة إلى الرئيس ترامب، آملًا أن تكون كلماتي جسرًا للتواصل والتغيير، ومُستدعيةً للوعي والإنصاف في مواجهة التحديات السياسية والإنسانية الراهنة، خاصةً فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية وأشقائنا فيها. أتمنى أن تجدوا في هذه الكلمات نبراسًا للسلام، وشهادة على إيماني العميق بأن العدل والرحمة هما الطريق الحقيقي لتحقيق السلام الدائم بين الشعوب.

أيها الرئيس دونالد ترامب..

إنَّ وصولك إلى البيت الأبيض لم يكن محض صدفة؛ بل هو دليل على قدراتك الاستثنائية التي جعلتك أحد أكثر رؤساء الولايات المتحدة إثارةً للجدل. فقد أثارت تصريحاتك جدلًا واسعًا، وقد تكون مخيبة للآمال للكثيرين ممن يقطنون هذه البسيطة من جنسيات مختلفة.

تذكّر أنك اليوم في هذا المنصب والمناصب زائلة، ولكن الأثر الطيب يبقى خالدًا في ذاكرة الشعوب. لذا اجعل من عدالتك درعًا لك، ودع العالم يتحدث عن حكمك كعهدٍ من الإنصاف والرحمة.

أيها الرئيس ترامب..

عندما التقيتُ بك في القمة العالمية في الرياض عام 2017، وطلبتُ أن التقط صورة معك، سعدتُ بذلك، وقد انتشرت تلك الصورة بسرعة وأصبحتْ حديثَ المجالس، وكنتُ أفتخرُ بها حتى لُقِّبت بـ"ملك السيلفي"، وتارة أخرى بـ"صديق ترامب"! هذه الصورة ما زالت راسخة في ذهني، ولها قيمة معنوية كبيرة بالنسبة لي.

أيها الرئيس ترامب..

لقد انتظر العالم منك أن تكون أكثر عدالة وإنصافًا في القضية الفلسطينية؛ فهي ليست مجرد قضية عابرة؛ بل مصير أمة بأكملها. لذا لا تسمح لنفسك أن تنجر إلى متاهات سياسية مُعقَّدة قد تفتح عليك أبوابًا يصعُب إغلاقها. تصريحاتك التي أشارت إلى تهجير الفلسطينيين قد تبدو بسيطة، لكنها تحمل في طياتها تبعات خطيرة. فحتى لو كنت تملك القوة، تذكَّر أن هناك من يملك الحق الذي لا يَسقُط بالتقادم.

أيها الرئيس ترامب..

كُن صديقًا للجميع، للعرب والعجم، لكل الأطياف والشعوب، ودعهم يذكُرُونك بالخير بعد انتهاء فترة حكمك. لقد أظهرت في مواقف عدة شجاعة نادرة، خاصةً عندما حاربت بشدة المثليّة الجنسية. والعالم منك الصرامة والعدل في كل القضايا المصيرية.

أيها الرئيس ترامب..

نصيحتي ألا تنجرّ خلف نتنياهو، فهو رجل متهم بارتكاب جرائم حرب ضد شعب لا يريد سوى العيش بسلام وأمان. ومحاسبته على جرائمه ستكون خطوة جريئة منك، وستُسجَّل في تاريخك كفعل شجاع من رجل قوي وذو مكانة رفيعة.

أيها الرئيس ترامب..

أُجزم أنك تملك القدرة على تغيير العالم، ويمكنك أن تجعل منه مكانًا أكثر أمنًا وسلامًا. افعل ذلك، فسيبقى هذا الفعل نبيلًا مشرقًا، يحفظه لك التاريخ وتذكره الأجيال.

وأخيرًا، أقول لك: أيها الرئيس.. لديك فرصة ذهبية لتكون رمزًا للعدالة والسلام، فاغتنمها ليذكُرك العالم بالخير والإنصاف.

الأكثر قراءة