خمسية النهوض المتجدد

 

مدرين المكتومية
"لِما توسمنا فيه من صفاتٍ وقدراتٍ تُؤهله لحمل هذه الأمانة"..
وصيةٌ ستظل محفورةً في ذاكرة كل مُواطن عُماني على مدى التاريخ والأزمان؛ فهي شاهد زمني على عملية انتقالٍ سلسٍ للحكم، شهد لها القاصي والداني في وقتها؛ ليجمعوا اليوم بعد مرور 5 سنوات على صدق نبوءة السُّلطان الراحل المغفور له بإذن الله تعالى قابوس بن سعيد -طيب الله ثراه- بحالة انبهار بحجم المُنجَز التنموي المُتحقق خلال سنوات نهضة بلادنا المتجددة، خلف القيادة الحكيمة لسلطان العزم والأمل مولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -أبقاه الله- بمسيرة وطنية وعزم نهضوي تعكسه لغة الأرقام والمؤشرات، منحت تجربة بلادنا صك التميُّز في تجاوز اثنتين من أعتى الأزمات الاقتصادية في العصر الحديث: التأثيرات السلبية لجائحة "كوفيد-19"، والتراجع الحاد في أسعار النفط، وذلك بفضل الإرادة السياسية السامية لمُضاعفة الجهود من أجل الوصول للأفضل؛ ليأتي الحادي عشر من يناير هذا العام، بمثابة تجديدٍ للعهد والولاء في قيادتنا المظفرة، وأمل واعد بغدٍ أكثر إشراقًا وألقًا، يحمل تطلعات وأحلام كل العُمانيين ومن يسكن على أرضها الطيبة.
خمسُ سنوات كانت حافلة بكل تحمله الكلمة من معنى.. 470 مرسومًا سلطانيًا ساميًا أعادت هيكلة الجهاز الإداري للدولة، وحسَّنت البيئة التشريعية والاستثمارية والمالية، وعزَّزت استعادة سلطنة عُمان تموضعها على عدد كبير من المؤشرات الدولية، في ضوء مُستهدفات رؤية "عُمان 2040"؛ للمزاحمة على مصاف الدول المتقدمة، و6 لقاءات مباشرة بين جلالته وأبناء شعبه الأوفياء تعميقاً للتواصل الدائم واستمرارا للنهج العُماني المتفرد والأصيل، و6 مشاريع وطنية افتتحها جلالته -أبقاه الله- ووضع حجر الأساس لها؛ منها: مصفاة الدقم، ومتحف عُمان عبر الزمان، ومجمع عُمان الثقافي، ومستشفى المدينة الطبية، والأكاديمية السلطانية للإدارة، وتدشين مدينة السلطان هيثم، فضلًا عن العديد من المشاريع الخاصة في قطاعات التعليم، والصحة، والنقل، والطاقة، والأمن الغذائي، والسياحة، والصناعة، والهيدروجين الأخضر، والتي أعادت الحياة لقطاعاتنا الاقتصادية والتنموية، وعززت ثقة المؤسسات المحلية والدولية في الاقتصاد الوطني، فضلا عن الدماء الشبابية الجديدة التي انخرطت في قطاعات ومستويات العمل الوطني العليا والمتوسطة لتمكينهم من صنع واتخاذ القرار، والبرامج والمبادرات الوطنية التي ضمنت الوصول لوضع مالي واجتماعي آمن ومُستقر، والتعامل الشفَّاف مع ملف المُسرَّحين والباحثين عن عمل، وحزم التحفيز الاقتصادي لحل تحدي المديونية العامة للدولة.
وكلها إجراءات وخطوات تُبرهن على أننا نمضي بعزم أكيد على المسار الصحيح، وتجعل من الحادي عشر من يناير بمثابة أغلى المناسبات الوطنية ويوم خالد في مسيرة عُمان قيادة وأرضًا وشعبًا. فقد نجحت عُمان العزة والإباء، خلف القيادة الحكيمة للقائد المُفدّى أن تتخطى التحديات، التي ظنَّ البعض أننا سنحتاج لعقود من أجل تجاوزها، لكن الحقيقة التي أذهلت الجميع أننا وفي أقل من 3 سنوات بدأنا رحلة التعافي وتحقيق التوازن المالي الذي تحول سريعًا إلى فائض مالي. وأسهمت التوجيهات السامية السديدة في الارتقاء بمستوى معيشة المواطن وجودة حياته، خاصةً مع تطبيق منظومة الحماية الاجتماعية، التي لم تستثنِ أحدًا؛ بل شملت جميع فئات ومكوّنات المجتمع المُستحِقة، بدايةً من الأطفال والأيتام والأرامل، مرورًا بذوي الإعاقة، وليس انتهاءً بكبار السن، فضلًا عن توحيد صناديق التقاعد في بوتقة واحدة، ما أسهم في تعزيز جهود مجابهة المتطلبات المرتبطة بمنافع الحماية الاجتماعية.
وعلى المستوى الخارجي، سياسيًا ودبلوماسيًا، رسَّخت السياسات والتوجيهات السامية الكريمة، النهج العُماني المُتفرِّد إقليميًا ودوليًا؛ إذ ظلت عُمان واحة الأمن والسلام، والطرف الفاعل في مختلف القضايا المُتنازع عليها، إيمانًا برسالتها التاريخية الساعية إلى بسط الوئام والتعايش في أنحاء العالم.
وأخيرًا.. إنَّنا اليوم نقف على أعتاب واحدة من مراحل العمل الوطني، المُفعمة بالتجدُّد والعطاء، ذات معطيات خاصة تفرض تحريك البوصلة باتجاهها، بخطى وئيدة، وآمال عريضة، لنهج تنموي مُستدام، مقروناً بمواصلة العمل لتحقيق المزيد من التطلعات والحفاظ على مكتسبات هذا الوطن، بالعطاء والعمل والجد والاجتهاد، والمتابعة والتقييم، كل في مجاله وفي نطاق تخصصه، لتمضي بنا المسيرة الظافرة نحو مرافئ الازدهار والنماء، وتقود وطننا الحبيب تحت القيادة السامية لكل ما فيه خير المواطن وسعادته ورفاهيته..
كل عامٍ وعُمان وسلطانها المُعظم في سعادة ونماء.. كل عام وشعبنا الأبيّ يرفع هامات العزّ والفخر.
 

الأكثر قراءة