سالم بن نجيم البادي
هل يوجد تنمر في مدارسنا؟ وهل هو منتشر بين طلبة مدارسنا بشكل كبير للدرجة التي يمكن ان نطلق عليه ظاهرة التنمر؟
لقد ترددتُ في الكتابة عن موضوع التنمر في المدارس لانني لا املك احصائية دقيقة توضح حجم هذه المشكلة، كما إن ثقتي كبيرة في ادارات المدارس وكل الذين يعملون في المدارس ومع وجود الأخصائي الاجتماعي في كل مدرسة والأخصائي النفسي في بعض المدارس ولائحة شوؤن الطلبة والتي تحتوي على الإجراءت التي تتخذ في حق الطلبة في حال مخالفتهم لقواعد الانضباط السلوكي، إلّا أنني لا أريد أيضا أن أًنكر وجود حالات من التنمر في المدارس.
ولا أفترضُ المثالية في كل من يعملون في مدارسنا ولا أريد تزكيتهم كلهم، وهم كما كل البشر، قد يُقصِّرون في عملهم ويخطئون، ويوجد بينهم من لا يُبالي ولا يهتم ولا يسعى إلى علاج حالات التنمر. ومنهم من ينكر وجود المشكلة هروبًا من تبعاتها وحرصًا على سمعة المدرسة.
والمُتنمَر عليه، عادة يُعاني من بعض المشكلات والشعور بالنقص وضعف الشخصية أو المرض أو التأتأة وعيوب النطق أو السمنة الزائدة أو الهزال الواضح واللون والأصل والعرق والفقر والمناطقية والبيئة التي نشأ فيها والشكل والهندام وضعف التحصيل الدراسي وحتى مهنة الأب ووظيفته!
ومن أشكال التنمر الضرب والعنف والتلفُّظ بالكلمات النابية والنبذ والإهمال والسخرية والاستهزاء والنظرة الدونية وأخذ أغراض وأدوات وممتلكات الطالب بالقوة، والتشويش عليه أثناء الدرس والافتراء عليه، وتشويه سمعته والوشاية به، ونسب كل التخريب الذي قد يحصل في المدرسة إليه، والتضييق عليه في طابور الصباح، وفي مكان الجلوس في الصف، ومزاحمته عند شراء الطعام وقت الاستراحة، وعند برادات مياه الشرب وغير ذلك من أشكال التَنمُّر.
ومن شأن التنمر أن يُدمِّر شخصية الطالب ويجلب له الأمراض النفسية وضعف الشخصية الذي قد يُرافقه مدى الحياة، وقد يكره المدرسة والتعليم والحياة، وقد يفكر في التخلص من حياته؛ لذلك نهيب بالأسرة مراقبة سلوك وتصرفات أبنائهم والتواصل المستمر مع المدرسة وتعزيز القيم الدينية والأخلاقية وزرع الثقة بالنفس، وإزالة الحواجز النفسية بين الابن والأب والأم، والإنصات إلى الابن، وإتاحة الفرصة له للحوار والمناقشة، والبوح بمشاعره، والمشكلات التي يُعاني منها، عوضًا عن الصمت وكتم المشاعر، إلى جانب تعويده على تحمل المسؤولية وإشاعة الحرية والشورى في البيت، وخلق جو من التسامح والسلام والمحبة والاحترام بين أفراد الأسرة.
ويأتي دور المدرسة مكملا لدور الأسرة، وعلى كل من يعمل في المدرسة أن يهب إلى مساعدة الطالب الذي يعاني من مشكلة التنمر، والوقوف بجانبه حتي يستعيد ثقته بنفسه، وإظهار الاهتمام به، ومنحه الجوائز على كل إنجاز يقوم به، وإن كان بسيطًا أمام جميع طلبة المدرسة، وتشجيعه على التغلب على الضعف الذي يعاني منه، ويمكن تكليفه ببعض الأعمال وإشراكه في الأنشطة والمسابقات المختلفة، وفي إذاعة المدرسة، وفي الكشافة وتحية العلم، واستقبال زوار المدرسة، ومنحه عضوية بعض اللجان المدرسية، ومتابعته في الفصل ومرافق المدرسة، والسؤال عن أحواله وتشجيعه على الإبلاغ عن المضايقات التي قد يتعرض لها، والعمل على إقناعه بأنه مهم وأنه إنسان سويّ، وتحفيزه على الإبمان بقدراته واحترام ذاته وحبها وتقديرها، وأنه شجاع ومقدام وقادر على الدفاع عن نفسه. علاوة على التنسيق الدائم مع ولي أمر الطالب المتنمَر عليه للتعاون بين البيت والمدرسة.
وينبغي على المدرسة الحزم في تطبيق لائحة شؤون الطلبة وإعلام أولياء أمور المتنمِرين تنفيذ العقوبات الرادعة في حق الطلبة الذين يتنمرون، ولو استدعى الأمر رفع أمرهم إلى المديريات التعليمية أو نقلهم إلى مدارس أخرى، وإذا لم تُجدِ كل تلك الإجراءت لردع المتنمِرين يمكن أن يتم فصلهم من المدرسة فصلًا نهائيًا حتى لو لم تتضمن لائحة شؤون الطلبة هذا الإجراء أو رفع أمرهم إلى الجهات المختصة.
إنَّ التنمر جريمة في حق إنسان بريء لا ذنب له، وضرر هذه الجريمة جسيم وخطير، والمتنمِر مجرم وإن كان طفلًا في الصفوف الدراسية الدنيا، كما إن تقاعُس العاملين في المدارس التي توجد بها حالات تنمر عن معالجة التنمر وردع المتنمرين، خيانة للأمانة وغياب للضمير وتقصير لا يُغتفر، ونطالب بالحزم في محاسبة المتنمِر كذلك، ومحاسبة من يصمت على التنمُّر فهو شريك في جريمة التنمر.
ويظل السؤال قائمًا متى ينتهي التنمر في مدارسنا؟ والهدف من هذا السؤال هو طرح قضية التنمر للنقاش في المجتمع والقضاء عليها، لأنها غريبة ودخيلة على المجتمع العُماني المُسالِم.