أطفالكم أمانة في أعناقكم

 

عبدالرحمن بن حمدان الزيدي

 

لما شرّع الله سبحانه وتعالى الزواج لم يكن ذلك عبثًا، إنما لحكمةٍ إلهية أرادها المولى عزَّ وجلَّ، فكانت الحكمة الأسمى من الزواج هي تكوين أسرة مُستقلة ومتماسكة في جو يسوده الوئام والمحبة والأُلفة بعيدًا عن الخلافات التي تؤدي إلى تزعزع الرابطة الأسرية وتحللها.

لكن وبسبب اختلاف الثقافات وعدم وجود التضحيات والتنازلات والتفاهم من كلا الزوجين ظهرت حالات الطلاق شيئاً فشيئاً وبدأت تتزايد أعدادها بشكل متواتر إلى أن أصبح الطلاق مشكلة اجتماعية تؤرق أفراد المجتمع وتزعزع استقرار الأُسر، حتى إن أدراج المحاكم امتلأت من كثرة دعاوى الطلاق وأظن أنها لو كانت تنطق لاشتكت من الزخم والثقل الذي على كاهلها، وللأسف الشديد دائماً ما نلاحظ أن الأطفال هم من يدفعون الثمن على الرغم من أنه ليس لهم ذنب في الخلافات التي تنشأ بين الأب والأم، ولكن السيناريو الذي اعتدنا على مشاهدته والذي يتكرر دوماً هو أنه بعدما يقع الطلاق بين الزوجين يقوم كل من الأب والأم بخلق تحدٍ بينه وبين الطرف الآخر يتمثل في حرمان أحدهم من زيارة ورؤية الأبناء، ذلك على الرغم من أنه حق أصيل ومشروع لكل من الأب والأم ولا يحق لأي منهما أن يمنع الآخر من رؤية الأبناء في الأحوال العادية.

والطلاق وسيلة قانونية وشرعية من وسائل الفرقة بين الزوجين؛ حيث جاء في نص المادة (81) من قانون الأحوال الشخصية العماني أن: "الطلاق حل عقد الزواج بالصيغة الموضوعة له شرعًا"، ويُستفاد من النص السابق أنَّ الطلاق هو أحد الأسباب التي بموجبها يتم إنهاء وحل الرابطة الزوجية، ويقع الطلاق من الزوج أو من وكيله بوكالة خاصة أو من الزوجة إن ملكها الزوج أمر نفسها وهذا بدلالة المادة (82) من القانون سالف الذكر.

أما عن آثار الطلاق فنستطيع القول إن من آثاره العِدة، وحضانة الأطفال، وعادةً ما يظهر الخلاف بين الطليقين عند حضانة الأطفال فكل واحد منهما يحاول النيل من الآخر عن طريق أخذ الحضانة معه ويسعى جاهداً لذلك، وربما يكون ذلك لدواعِ شخصية وليس لمصلحة الأطفال، ولكن قانون الأحوال الشخصية تدارك هذا الخلاف وسعى إلى نبذه من خلال تنظيم مسائل الحضانة وأحقية كل طرف منهما فيها.

وأخيرًا.. يتعيّن على الطليقين بعد وقوع الطلاق ألا ينسوا حجم المسؤولية المُلقاة على عاتقهم فالأبناء أمانة في أعناقهِم، وعليهم ألا يجعلوا الأبناء هم من يدفعون ثمن خلافاتهم، والنأي بهم قدر الإمكان عن الخلافات والصراعات وإبعادهم عن الجو الموبوء إلى جو صافٍ يفوح فيه عطر الوئام والمحبة ولما لذلك من أثرٍ عميق على حالتهم النفسية والصحية والاجتماعية وغيرها.

تعليق عبر الفيس بوك