"المحور" يترقب زيارة نتنياهو لأمريكا

 

 

 

ربيع دندشلي

منذ بداية حرب الاستنزاف بين حزب الله وإسرائيل على الحدود، تتصاعد التهديدات الإسرائيلية بتوسيع الحرب لتشمل مناطق واسعة في لبنان. ورغم الإدراك العام بأن إسرائيل ليست في وارد فتح حرب ثانية في ظل القتال المستمر في غزة مع حماس، فإن المؤشرات العسكرية الحالية تفتح الباب أمام احتمال توتر متزايد.

وخلال الأشهر التسعة الماضية، كان الفيتو الأمريكي المعارض لتفجير المنطقة بمثابة السد المنيع أمام الرغبة الإسرائيلية في ذلك. وقد تكثفت الجهود الدبلوماسية الأمريكية والأوروبية والعربية لتكريس تنفيذ القرار 1701، الذي ضمن الأمن في تلك المنطقة لثمانية عشر عاماً. هذه الجهود تعتبرها الأطراف الغربية أضمن لمصالحها من عملية عسكرية إسرائيلية قد تطيح بالبنية التحتية ومرتكزات الدولة في لبنان، ما قد يؤدي إلى سقوط البلد كلياً بيد حزب الله وحلفائه وخلق وقائع جديدة أكثر غموضاً.

ورغم  ذلك، يرفض المسؤولون في حكومة نتنياهو استمرار عمليات حزب الله في شمال إسرائيل، ويتمثل الهاجس الأساسي اليوم في إعادة النازحين إلى المستوطنات قبل بدء العام الدراسي الجديد في سبتمبر، واستعادة الحياة الاقتصادية والسياحية والصناعية. لذلك، من المتوقع أن يسعى نتنياهو خلال زيارته للولايات المتحدة إلى إقناع الإدارة الأمريكية ومجموعات الضغط في الحزبين الجمهوري والديمقراطي بضرورة توجيه ضربات عسكرية أوسع داخل لبنان، لإحداث ضغط إضافي على الدولة والحزب، ومن خلفهم المجتمع اللبناني عموماً، بهدف إخضاع الحزب للقبول بوقف القتال وإغلاق الجبهة، وهو ما يبدو أن الحزب ليس في وارده قبل إنهاء الحرب الإسرائيلية على غزة.

وبالمقابل، يبدو أن الإدارة الأمريكية لا تزال متمسكة بالخيار الدبلوماسي، بانتظار وقف جبهة غزة. ومع ذلك، يعتزم نتنياهو استغلال التخبط الحاصل في إدارة بايدن وحزبه بعد حالة الارتباك التي ظهرت في المناظرة الأخيرة مع ترامب، والتي اتهم فيها ترامب بايدن بالانحياز للفلسطينيين والتهرب من دعم إسرائيل.

وفي تشابكات هذه اللحظة ضرب الحوثيون تل أبيب بطائرة مسيرة. ورغم الرد الإسرائيلي العنيف، تشير المعطيات إلى أن الجانب الإيراني أراد تثبيت معادلة ردعية جديدة عبر التوضيح عمليا بأن المحور قادر على التصعيد بأسلحة جديدة في حال واصلت إسرائيل تصعيدها، وسعت إلى فتح جبهة جديدة ضد حزب الله في لبنان.

حالة التأهب القصوى التي رُفِعت لدى إيران وحلفائها في المنطقة أدت لإعادة تقييم لكل مفاعيل الحرب وانعكاساتها على الأرض. في هذا السياق، تم تسريب خبر زيارة قائد فيلق القدس في الحرس الثوري إسماعيل قآني لجبهات القتال في لبنان والعراق واليمن وسوريا، ولقائه بقيادات الفصائل المقاتلة في جبهات الإسناد، بهدف التحضير للسيناريوهات الأكثر تصعيدا.

إلى جانب الاجتماعات بين فصائل محور المقاومة، فإن التنسيق بين حزب الله وحركة حماس والجماعة الإسلامية في لبنان جرى توسيعه، ليشمل جوانب عدة عسكرية وسياسية وإغاثية، مع تثبيت قاعدة استمرار المواجهات في لبنان والمنطقة طالما أن الحرب على غزة مستمرة.

الأساس في هذه الجدية في الدخول بحرب أو تصعيد شامل، مرهون بما سيعود به نتنياهو من زيارته للولايات المتحدة، حيث سيلقي خطاباً في الكونجرس ويلتقي كبار المسؤولين في الإدارة والحزبين الديمقراطي والجمهوري. وقد تستغل إسرائيل هذه اللحظة للقيام بعمل عسكري في لبنان، والخوف من أن يتطور إلى اجتياحٍ بري، خصوصا في ظل قناعة إسرائيلية بأن أي ضربة من الجو لن تثبت معادلة تحميه من الصواريخ بمختلف أنواعها.

ومن هنا؛ تتوقع جهات متعددة في المنطقة أن الخطة الإسرائيلية قد تكون عملية جوية مركزة على أهداف معينة تشمل البنى التحتية والحيوية اللبنانية، بهدف خلق توازنات جديدة تفتح الباب لمفاوضات حول وقف النار وترتيبات الأمن في المنطقة. وقد تنجح إسرائيل في إقناع إدارة بايدن المتخبطة بفكرة الضربة استناداً إلى هذه الذريعة وسياقاتها، وقد لا تنجح. وفي حالة النجاح أو عدمه، يدرك الواقعيون في إسرائيل أن خيار الحرب على لبنان ليس مضمون النتائج إطلاقا، وهنا مفصل جديد سيأخذ المنطقة كلها نحو مشهد أكثر عنفا وعسكرةً، إذا اختار نتنياهو مغامرة كهذه.

تعليق عبر الفيس بوك