فايزة بنت سويلم الكلبانية
"الباحثون عن عمل" الملف الذي يجب أن لا نعتاد على وضعه جانبًا يومًا ما؛ كونه أحد أبرز الملفات الساخنة المُتجددة، والذي لا بُد وأن يكون حاضرًا على طاولات نقاش المسؤولين بمختلف المؤسسات باستمرار، ويتطلب التعاطي معه بشكل دائم بكل اهتمام وحرص، كونه يمس كافة شرائح المُجتمع.
وتُطالعنا منصات التواصل الاجتماعي، ووسائل الإعلام المختلفة باستمرار بمطالبات الباحثين عن عمل بتوفير وظائف تستوعب هذه الأعداد المتكدسة منهم، كما يؤكد الكثير من الخبراء والمختصين عبر استطلاعات الرأي بأن أبرز الحلول المتاحة أمام قضية الباحثين عن عمل تتمثل في اتخاذ سلسلة من الخطط الاستراتيجية الجادة والسريعة في التنفيذ والإجراء، وتتمثل في العمل الجاد على تفعيل مصادر التنويع الاقتصادي من خلال الفتح الكامل للقطاعات الاقتصادية، والعمل على تعزيز الدعم الحكومي للقطاع الخاص، وقد يكون ذلك عبر التوسع في إسناد المناقصات للمشاريع الحكومية، إلى جانب التسهيل في الإجراءات ليتمكن من فتح مشاريع جديدة قادرة على ضخ سيولة في السوق وبيئة العمل ليتمكن من القيام بدوره في التوظيف بشكل أكبر.
من المهم جدًا أن لا ننسى "ملف الباحثين عن عمل" أو أن نتقاعس عن جعله نصب أعيننا، ولا بُد من العمل بدايةً على: تحسين التشريعات والسياسات وإعادة النظر في تحديث القوانين المهمة، لا سيما تلك التي تمس الاستثمار والتجارة والصناعة وتعديلها، والأهم من هذا كله إعادة النظر في "سياسات التوظيف" التي تتبعها المؤسسات وجعلها أكثر سلاسة ومرونة، وذات امتيازات وحوافز تواكب مُتغيرات الحياة وبيئة الأعمال، إلى جانب العمل الفاعل من أجل تعزيز سياسات التحول الرقمي والابتكار والتكنولوجيا؛ مما يدعم جميع الشركات الناشئة، علاوة على تحفيز التعاون المستمر بين القطاعين العام والخاص؛ سواء في الأدوار الإشرافية أو التنفيذية، ومن المهم العمل على تحفيز النمو الاقتصادي من خلال الاستثمار في البنية الأساسية كتحسين الطرق والجسور والأنظمة الكهربائية والمائية التي ستعمل على خلق فرص للعمل بطرق مباشرة أو غير مباشرة، إلى جانب تشجيع الاستثمار الأجنبي في ظل عدم الاستقرار الذي تعيشه كثير من الدول؛ مما يؤدي إلى هروب المستثمرين منها، ولنعمل على انتقاء ما هو صالح ومناسب لبيئة اعمالنا، ومن ثم جذبه وتسهيل الإجراءات لدخول المستثمرين لتكون السلطنة نقطة جذب واستقرار لهذه الاستثمارات لتأسيس مشاريع نوعية من شأنها توفير فرص عمل. كما يجب دعم قطاع ريادة الأعمال والوقوف مع الشباب من أصحاب المشاريع المتعثرة وإعادة تأهيلها وتعزيز التعليم والمناهج الدراسية؛ سواءً في المدارس او مؤسسات التعليم العالي والنظر في تطوير المهارات للطلبة وتغيير التخصصات التي اكتفى وتشبع منها سوق العمل لنتحول إلى إيجاد تخصصات التقنية والابتكار والطاقة والتحول الرقمي والأمن السيبراني وغيرها من التخصصات التي تواكب السوق ومتطلباته محليًا وعالميًا.
هذا وقد سبق وأن صرح المسؤولون في مجلس الشورى عن توصيات لدراسة قامت بها لجنة الشباب والموارد البشرية بالمجلس كمقترحات تساهم في حل القضية قد يكون طُبق بعضًا منها والبعض الآخر بحاجة لإعادة النظر في تطبيقه تتمثل في: "تقديم مزايا للمنشآت التجارية التي تمنح وظائف للعمانيين الذين لم يسبق لهم العمل من خريجي الجامعات والكليات وبرامج التدريب المقترنة بالتشغيل في الوظائف التي يشترط فيها الخبرة، بهدف تأهيلهم واكسابهم الخبرة ومواءمة دراستهم وتدريبهم باحتياجات سوق العمل، بحيث يتكفل بجزء من راتبهم خلال 18 شهرًا الأولى من تشغيلهم، إطلاق برنامج وطني لإلحاق الباحثين عن عمل، وعلى وجه الخصوص حاملي المؤهلات الجامعية منهم، وممن لم يسبق لهم العمل، بتدريب عملي في المؤسسات الكبيرة مدفوعة الأجر من قبل الحكومة، يمتد إلى سنة قابلة للتجديد لستة أشهر أخرى، بحيث يمنح المتدرب شهادتي تدريب وخبرة، وقد يكون هذا الجديد كون هذه التوصية مطبقة في العديد من الشركات الحكومية، إضافة إلى إيجاد حلول مناسبة للباحثين عن عمل من حملة المؤهلات الجامعية من التخصصات غير المطلوبة في سوق العمل، وذلك عن طريق إعادة تأهيلهم في تخصصات أخرى مطلوبة وقريبة من تخصصاتهم الحالية في القطاعين العام والخاص، إلى جانب دراسة إمكانية إلحاق الخريجين الباحثين عن عمل والحاصلين على مختلف المؤهلات دون استثناء إلى الخدمة الوطنية (التدريب العسكري)".