إجازات الطلبة.. والأنشطة الصيفية

 

عمير العشيت

alashity4849@gmail.com

 

اقترب موعد العد التنازلي للاختبارات النهائية للطلبة، مع اقتراب موعد الإجازات الصيفية؛ حيث تبدأ مرحلة الإعداد والاستعداد، والجد والاجتهاد، والتجهيز والتحضير والمذاكرة والمراجعة- بعيدًا كل البعد عن الدروس الخصوصية التي تولف الاتكالية وتؤخر المستوى الدراسي عند الطالب- لنيل درجة التفوق والنجاح، وتحقيق الآمال والطموحات، تليها مرحلة الإجازات الصيفية التي يحبذ أغلب الموظفين أخذ إجازاتهم السنوية مع أبنائهم الطلبة للاستمتاع بقضاء الإجازة مع الأسرة، وكثير منهم يفضلون البقاء في السلطنة والسفر الى المحافظات مشكلين منظومة السياحية المحلية للاستمتاع بالمواقع السياحية؛ نظرًا لأنَّ السلطنة تعد من أفضل الدول الجاذبة للسياحة؛ وذلك لما تحتويه من كنوز سياحية مختلفة سواءً في برها وبحرها أو أوديتها وسهولها.

ويفضل الكثير من الزوار قضاء إجازاتهم في محافظة ظفار؛ حيث الأجواء الخريفية الجميلة التي تتميز بها خلال هذه الفترة بالذات مع انخفاض درجة الحرارة وتنوع الأنشطة التي ترافق موسم الخريف السياحي. وتعد السياحة المحلية أحد أهم الروافد الاقتصادية للناتج المحلي وهذا ما أشارت إليه البيانات الصادرة عن المركز الوطني للإحصاء والمعلومات التي تقول: "إن السياحة المحلية في سلطنة عُمان أسهمت بما نسبته 68% في رفد الإنتاج السياحي، أي ما يعادل 1.3 مليار ريال عماني خلال عام 2022".

ومرافقة أولياء الأمور لأبنائهم في الرحلات للاستجمام والترفيه والاستمتاع، يعطي انطباعًا جيدًا لدى أفراد الأسرة الواحدة خصوصًا الأطفال، ويعزز من التلاحم والاستقرار الاجتماعي ويقضي على وقت الفراغ أو ما يعرف بالوقت الحر أي الذي يتحرر فيه الإنسان من قيود وقت العمل، والذي يشكل تهديدًا خطيرًا لدى الطلبة، والشاهد في القول إن بعض مؤسسات القطاع العام والخاص خلال فترة الإجازات الصيفية تكون أبوابها مفتوحة لكافة الأنشطة الترفيهية المتاحة للطالب، فهناك مدارس لتحفيظ القرآن الكريم والمنتديات الثقافية والمخيمات الصيفية والمهرجانات المنتشرة في كافة الحدائق، والمسابقات والممارسات الرياضية وغيرها ولكنها غير كافية نظرا لتزايد أعداد الطلبة، وبالتالي لا يترك مجالًا لرفقاء السوء الذين ينشطون ليلًا ونهارًا خلال هذه الفترة للبحث عن الفئات العمرية القاصرة، ويغرروا بهم لممارسة أعمال خارجة عن القانون كالمخدرات والمسكنات العقلية وقيادة المركبات بسرعة فائقة والتخميس بها في الأماكن العامة وتكون النتيجة قتل وإصابة ضحايا لا ذنب لهم.

والشواطئ والتجمعات المائية والأخوار تشهد إقبالًا كبيرًا من الأسر في كل المحافظات، تخفيفًا عن وطأة حرارة الصيف، إلّا أن حوادث الغرق أيضا شهدت ارتفاعًا خلال السنوات القليلة الماضية؛ نتيجة إهمال بعض أولياء الأمور في مراقبة أبنائهم فتنقلب حياة هذه الأسرة إلى مأساة حقيقية في حالة غرق أحد أبنائها. ولقد حذرت شرطة عمان السلطانية مرارًا وتكرارًا من حوادث الغرق عند اقتراب الإجازة الصيفية؛ حيث تشير إحصائيات هيئة الدفاع المدني والإسعاف إلى وقوع 521 حادث غرق خلال 2021 وهذا مؤشر خطير جدًا، يؤكد على وجوب مراقبة أولياء الأمور لأبنائهم  بصورة مستمرة أثناء اصطحابهم لمثل هذه المواقع.

كذلك خلال فترة إجازة الصيف يُلاحظ أنَّ الكثير من الطلبة يتزايد نشاطهم في ممارسة الألعاب الإلكترونية بشكل متواصل وقد يعتكف عليها ساعات طويلة، وهذه تعتبر من أسوأ وأخطر الظواهر المؤثرة على هذه الفئات؛، حيث سجلت البيانات الحديثة حول مخاطر الألعاب الإلكترونية منها العزوف عن الدراسة والتحرش والتوتر والإدمان والتنمر وتزايد العنف وغيرها.

إنَّ مد جسور الحوار مع الأولاد ومرافقتهم في الزيارات والرحلات، وخلق جو الصداقة بينهم وأيضًا مشاركتهم في ممارسة الألعاب المختلفة لهو درع واقٍ من وقوعهم وتدهورهم في المناطق المحظورة، لا سيما إذا توفرت الأنشطة الثقافية والرياضية والترفيهية بكافة محافظات السلطنة خلال فترة الإجازات، وإنها لكفيلة أن تجنب الأولاد السقوط في براثن أصدقاء السوء ومستنقعات الحوادث والجرائم.

وبهذه المناسبة نناشد المؤسسات فتح أبوابها خلال فترة الإجازة الصيفية لتدريب طلبة المدارس في الوظائف التي تتطلب مهارات عملية وفنية، وفتح المكتبات العامة، مع تفعيل الدورات التدريبية والمخيمات الصيفية، وإدخال مناشط نوعية في المدارس والمراكز الثقافية والأندية الرياضة، بغرض اكتساب الطالب مزيدًا من المعرفة في حياته، كما نتمنى من الجهات المسؤولة عن الموسم السياحي في ظفار، تشغيل الطلبة في الفعاليات التي تصاحب الفعاليات، خصوصًا أبناء أصحاب ذوي الاحتياجات الخاصة والأسر المنتجة، ومن ناحية أخرى فإننا نقترح على وزارة الإعلام فتح قناة خاصة للأطفال ممزوجة ببرامج خاصة عن تاريخ عُمان العريق وبعض البرامج التعليمية والدينية والترفيهية المتنوعة والهادفة، لغرس حب الوطب والقيم الأخلاقية السمحة وتعزيز مهاراتهم الفكرية والمعرفية وتحفيز مواهبهم، وسد أوقات الفراغ، بدلًا من الألعاب الإلكترونية والأفلام الكرتونية الضارة والخطيرة في كثير منها، والتي انتشرت خلال الفترة الأخيرة بين الصغير والكبير وتسببت في خلق فجوة واسعة بينهم وبين أسرهم والمجتمع.

تعليق عبر الفيس بوك