المنافسة على خارطة السياحة الأسرية

 

محمد بن زاهر العبري

كان المُؤمل من وزارة التراث والسياحة أن تعمل على جعل السلطنة بين الدول الأعلى جذبًا للسياحة الداخلية؛ بل ومن أشرس المنافسين، ولكن من المؤسف ألا نجد أنَّ السياحة المحلية خصوصًا العائلية، تستقطب وفود العُمانيين والعائلات العُمانية فضلاً عن الوافدين القاطنين في البلد، ذلك لفقدان البلد البُنى التحتية التي تثري السياحة المحلية.

لا تزال العديد من الأسر العُمانية تنتهز العطلات الصيفية أو العطلات القصيرة لأجل السفر إلى خارج البلد، خصوصًا العائلات التي ترغب في السفر لأجل الترويح عن الأطفال بعد موسم دراسي طويل.

نصيب الدول- خصوصًا في الإقليم- التي تحتضن مدنًا ترفيهية حديثة، من حصة استقطاب هذه العائلات وبأعداد هائلة هو نصيب الأسد، في حين تفتقر السلطنة من أقصاها لأقصاها إلى مدينة ترفيهية حديثة تستطيع جذب السياحة الداخلية، ولا يبدو أن أحدًا يمتلك إجابة عن التساؤل التالي: لماذا؟

المدن الترفيهية الضخمة والحديثة ليس فحسب أنها تستطيع توفير مئات وربما الألوف من الوظائف، وإنما تعمل على تفعيل الفنادق المحيطة بها، فترتفع نسب تشغيلها إلى 100%؛ بل إن حجوزات الغرف تبدأ فيها قبل شهور من مواسم العطلات.

وبالطبع، فإنَّ حركة الطيران أيضًا تنشط من هذا الاستقطاب، فضلًا عن المطاعم والمحلات والأسواق المتاخمة لهذه المدن الترفيهية الضخمة. الوافد أيضًا يصرف النظر عن السفر في العطلات القصيرة، ويتجه إلى الترفيه عن عائلته في هذه المدن الممتعة فيُداور المال في البلد نفسه.

وزارة التراث والسياحة تهتم هذه الأيام برياضة تسلق الجبال، وتدعم السياحة المهتمة في هذا الجانب، إلّا أنه غير غائب عنها أنَّ هذه السياحة لفئة محددة وقليلة جدًا تتمتع بشروط بدنية خاصة تؤهلها لخوض غمار المغامرة الخطرة، كما إن طقس السلطنة لا يساعد على هذه السياحة إلّا في أشهر قد تبدأ من نوفمبر وتنتهي إلى مارس.

في حين لا مجال لمقارنة عوائد هذه السياحة؛ بما قد يعود بالنفع على البلد من استقطاب السياحة الأسرية والعائلية، ليس فحسب عبر إنشاء الفنادق، وإنما عبر إنشاء مدن ترفيهية حديثة تستطيع تقديم خدمات الجذب على مستوى الإقليم؛ بل العالم فضلًا عن السياحة المحلية.

الأعداد المهولة من المسافرين بقصد الترفيه عن أطفالهم سيجدون جذبًا فائقًا فيها، خصوصًا إذا رافقتها حزمة من التسهيلات.

أخبرني زميل أنَّه يسافر في كل عطلة قصيرة إلى إحدى مدن الإقليم التي تحتضن مدينة ترفيهية كُبرى، ويقيم مع أسرته طوال فترة تلك العطلة القصيرة في أحد فنادقها، ويكاد لا يحصل على حجز إن تأخر قليلًا، ويقول هذا الزميل إنه دائمًا يجد عشرات من الأسر العُمانية متواجدة ضمن الوفود التي تملأ أرجاء تلك المدينة، بحيث إنك تعجز عن الحصول على طاولة للغداء أو العشاء على كثرة المطاعم الموجودة في تلك المدينة الترفيهية.

ندعو وزارة التراث والسياحة إلى إعادة تقييم المشاريع المُستقطبة للسياحة المحلية، والتفكير الجاد بجعل السياحة الأسرية واحدة من أهدافها التي تعمل على تحقيقها في المرحلة المقبلة، فعُمان لا تستاهل أن تخلو تماًما من هكذا بؤر جاذبة للسياحة، خصوصًا لجدواها الاقتصادية، كما إن الطفل العُماني يستحق أن يجد له ترفيهًا في بلده يُضاهي ما تُقدِّمه له دول الإقليم من متعة، إن لم يفُقْها.

تعليق عبر الفيس بوك