"نهاية إسرائيل.. من المسار إلى الكارثة"

 

ميرفت السباعي **

 

يرسم المؤلف الإسرائيلي برادلي بيرستون في كتابه المعنون "نهاية إسرائيل: إرسال من المسار إلى الكارثة" الصادر في أكتوبر 2023، صورة نقدية لفترة ولاية بنيامين نتنياهو كرئيس لوزراء إسرائيل، ويضعها في إطار فترة تميزت بالتفكيك المنهجي من الداخل. ويشير الكاتب إلى أن نتنياهو ركز بشكل كبير على إيران لصرف النظر عن   مناوراته الداخلية. وتمتد الانتقادات إلى تعامله مع مختلف الشؤون الداخلية، بما في ذلك إهمال الخدمات العامة الأساسية مثل الرعاية الصحية والتعليم وشبكات الأمان الاجتماعي. وصوّر الكاتب هذا الإهمال على أنه جزء من استراتيجية أوسع لاسترضاء أنصاره من اليهود المتشددين، وغالباً ما يكون ذلك على حساب السلامة العامة والرفاهية.

واتهم الكاتب نتنياهو بتعزيز ثقافة الخوف والسيطرة على وسائل الإعلام، والتلاعب والتأثير على الرأي لإحكام قبضته على السلطة، واصفاً الرد الإسرائيلي على هجوم طوفان الأقصى في قطاع غزة بأنه رد قاسٍ وغير متناسب معتبراً أن نتنياهو يفتقر إلى الشفافية.

يقول الكاتب إن النهج الذي يتبعه نتنياهو في التعامل مع الديمقراطية في إسرائيل يشبه تكتيكاته في غزة: إصدار تحذيرات موجزة قبل توجيه ضربات مدمرة.

ويناقش الكاتب كيف تمكن نتنياهو من الحفاظ على السلطة بدعم أقلية فقط من الناخبين من خلال رفع مستوى الحلفاء المتطرفين ومنحهم الحصانة، وبالتالي ضمان ولائهم له.

كما أن نتنياهو متهم بتقويض السلطة الفلسطينية والتدخل في قمع النشاط الفلسطيني  السلمي في الضفة الغربية بينما يعمل في الوقت نفسه على تعزيز نظام حركة حماس من خلال تكتيكات ماكرة. ويصف الكاتب سياساته الداخلية بأنها غير مكترثة وتترك العديد من الاسرائيليين عرضة للخطر في الوقت الذي أهملت فيه سياسات نتنياهو تجهيز الجبهة الداخلية للدفاع المدني.

ويختتم الفصل بتأمل شخصي حول تأثير سياسات نتنياهو على المجتمع الإسرائيلي وإدانة كل من حركة حماس ونتنياهو. وهو يعبّر عن الأمل في مستقبل يتضاءل فيه نفوذ نتنياهو، مما يعكس انزعاج المؤلف من ضحايا الصراع، وخاصة الأطفال، والذي يعتقد المؤلف أنه كان بإمكان نتنياهو تجنبّه.

قدم الكاتب في الجزء الأول نقداً لاستراتيجيات نتنياهو السياسية وتأثيرها على الهياكل المجتمعية والديمقراطية في إسرائيل.

الجزء الثاني: "نهاية إسرائيل: رسائل من الطريق إلى الكارثة"

يتعمق الكاتب في الأخطاء والعواقب المترتبة على السياسات الإسرائيلية، مع التركيز بشكل خاص على حصار غزة. ويلخص هذا القسم ما ترتب من تداعيات جراء حصار قطاع غزة، الذي كان يهدف إلى تقويض حركة حماس والحد من الهجمات الصاروخية. ولكنه أدى الى نتائج عكسية رسخت لسيطرة حماس  وأدت إلى مزيد من الشعور بالعداء من قبل الفلسطينيين ونفور المجتمع الدولي.

السياق التاريخي والسياسي

يبدأ الكاتب الفصل الثاني بالتأمل في الأحلام الفاشلة لشخصيات بارزة مثل الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، ورئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إيهود باراك، وأصحاب النفوذ الدوليين الذين كانوا يطمحون إلى إعادة تشكيل مشهد السلام في الشرق الأوسط، ولكنهم واجهوا في نهاية المطاف خيبة الأمل.

يؤكد الكاتب على الطبيعة الدورية للأمل والدمار في المنطقة، ويزعم أن المعتقدات الأصولية الفلسطينية والإسرائيلية على  حد سواء قد أدت إلى إطالة دائرة العنف وسوء الفهم.

حصار غزة

ينتقد الكاتب الحصار المفروض على غزة منذ عقد من الزمان باعتباره أحد "أسوأ الأخطاء" التي ارتكبتها إسرائيل، بحجة أنها فشلت في تحقيق أهدافها المعلنة مع تفاقم الأزمة الإنسانية في القطاع، مسلطاً الضوء على نتائج محددة للحصار، مثل تكثيف الاستياء الفلسطيني، وتعزيز حكم حماس ووضعها المالي، وتقويض موقف الفصائل الفلسطينية الأكثر اعتدالاً مثل حركة فتح.

كما تعرض الحصار لانتقادات بسبب الإضرار بسمعة إسرائيل الدولية ومكانتها الأخلاقية، خاصة في ضوء التقارير وردود الفعل الدولية مثل تلك الصادرة عن المسؤولين الأميركيين وتداعيات تقرير المقرر الأممي غولدستون.

النقد الأخلاقي والإنساني

يدين المؤلف التأثير الواسع والشديد للحصار على الحياة اليومية لسكان غزة، بما في ذلك القيود المفروضة على السلع الأساسية والإمدادات الطبية، والتي اعتبرها المجتمع الدولي بمثابة أعمال عقاب جماعي، حيث انتقد بشدة القيادة الإسرائيلية بسبب سياساتها المستمرة التي يبدو أنها تعطي الأولوية للأهداف السياسية على الاهتمامات الإنسانية وجهود بناء السلام.

التفكير في المسؤولية الجماعية

وينتهي الفصل بتأمل حول وفيات الأطفال في الصراعات، مع التركيز على المسؤولية المشتركة عن العنف والمعاناة المستمرين.

يدعو المؤلف إلى إعادة تقييم أخلاقي وعملي لاستراتيجيات إسرائيل في التعامل مع غزة، ويدعو إلى سياسات تتماشى بشكل أوثق مع التعاليم الأخلاقية اليهودية للعدالة والرحمة.

الجزء الثالث: "إذا جاء المسيح ستسبيه إسرائيل"

يلقي الجزء  الثالث من الكتاب نظرة ساخرة على الكيفية التي يتخيل بها المؤلف رد فعل إسرائيل إذا ظهر المسيح اليوم. يمثل هذا القسم نقدًا للسياسات الإسرائيلية الحالية واستكشافًا مجازيًا للمواقف المجتمعية حيث يتصور بأنه سيتم التعامل مع المسيح المنتظر معاملة قاسية وأنه سيتعرض للاستجواب والاحتجاز، مما يرمز إلى كيفية تعامل إسرائيل الحديثة مع من تعتبرهم غرباء أو يمثلون تهديداً.

وتعكس هذه المعاملة مواضيع أوسع تتمثل في الإقصاء والتشكيك تجاه ما هو غير مألوف أو غير تقليدي مما يعكس سياسات الهجرة واللجوء الإسرائيلية الواقعية.

اللامبالاة البيروقراطية والفساد

يصف المؤلف سيناريو كافكاوي حيث يتم خلط وجود المسيح بين كيانات بيروقراطية مختلفة، ينكر كل منها مسؤوليته أو معرفته بوضعه. ويعكس هذا انتقادات لعدم الكفاءة البيروقراطية والفساد داخل الحكومة الإسرائيلية.

وسائل الإعلام ورد الفعل العام

تلعب وسائل الإعلام دوراً مشكوكاً فيه، حيث تقوم في البداية بقمع المعلومات قبل أن تتسرب دولياً. وهذا يعكس المخاوف بشأن حرية الصحافة والتلاعب بالمعلومات في إسرائيل.

يقول الكاتب إن ردود الفعل العامة والحاخامية مختلطة، حيث وصف البعض المسيح بأنه تهديد إصلاحي، مما يظهر الانقسامات العميقة داخل المجتمع الإسرائيلي حول الهويات الدينية والسياسية.

الاستقطاب والتطرف

يصور الفصل الرابع المجتمع الإسرائيلي كمجتمع مستقطب حيث تهيمن وجهات النظر المتطرفة، مما يوضح كيف يمكن للعناصر المتطرفة داخل إسرائيل أن "تصلب" مجازيًا شخصية مسيحانية لتحدي الوضع الراهن.

وينتقد المؤلف ترسيخ المواقف المتطرفة المقاومة للسلام والتعايش، مستخدمًا معاملة المسيح كرمز لكيفية تهميش صانعي السلام أو الإصلاحيين في كثير من الأحيان.

السخرية كنقد

يستخدم بيرستون عناصر ساخرة لانتقاد عيوب المجتمع الإسرائيلي، مثل كراهية الأجانب، والقومية والتلاعب بالمشاعر الدينية لتحقيق مكاسب سياسية.

إن محنة المسيح بمثابة انعكاس للتحديات الأخلاقية  والإنسانية التي تواجه إسرائيل، والتشكيك في مدى توافق السياسات الحالية مع القيم اليهودية الأساسية للعدالة والرحمة.

في الجزء الخامس من كتاب برادلي بيرستون "نهاية إسرائيل: رسائل من الطريق إلى الكارثة" يتناول الكاتب القضايا المستمرة والراسخة المحيطة بالصراع الإسرائيلي الفلسطيني، ويسلط الضوء على الفرص الضائعة والطبيعة الدورية للعنف ومحاولات صنع السلام الفاشلة.

فرص السلام الضائعة

إن تعليق آرييل شارون في عام 2003 حول عدم استدامة الاحتلال يسلّط الضوء على لحظة من التغيير المحتمل، مع الاعتراف بالواقع القاسي المتمثل في الحفاظ على السيطرة على الأراضي الفلسطينية المحتلة وتداعيات ذلك على كل من الإسرائيليين والفلسطينيين.

الصراع المستمر والمشاعر العامة

ينتقل الكاتب إلى ردود الفعل العامة والتأملات حول الصراع المستمر، مصورًا الإحباطات العميقة والحزن الذي عبّر عنه المراقبون الدوليون والسكان المحليون على حدٍ سواء. وهو يرى أن دائرة العنف وجهود السلام تظهر كخلفية لخيبة أمل واسعة النطاق تجاه القيادة على كلا الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني.

مفهوم اللاعنف والعمل السياسي

توضح أمثلة الأعمال اللاعنفية، مثل إنشاء قرية باب الشمس، مقاربات بديلة للمقاومة والاحتجاج ضد السياسات الإسرائيلية في الضفة الغربية. تسلّط هذه الإجراءات الضوء على قوة الاحتجاج اللاعنفي وردود الفعل الشديدة التي تثيرها.

تأثير القرارات السياسية على الرأي العام والقيادة

تُظهر المناقشات حول قادة فلسطينيين مثل الأسير مروان البرغوثي والتحولات المحتملة في السياسة في ظل سيناريوهات القيادة المختلفة تعقيدات السياسة الفلسطينية وتأثيرها على آفاق السلام.

التفكير في التحديات المجتمعية والأخلاقية

يعكس هذا الجزء بعمق التحديات المجتمعية والأخلاقية التي تواجه كلا المجتمعين، مع التركيز بشكل خاص على تأثير قرارات الحرب والقيادة على الروح المعنوية العامة والنفسية الجماعية.

التأملات الثقافية والتأثير الإعلامي

ويتطرق هذا الجزء أيضًا إلى التأثيرات الثقافية والإعلامية على الصراع، مثل رد الفعل على فيلم "الفالس مع البشير" الذي يستكشف تجارب الجنود الإسرائيليين وفقدان الذاكرة الجماعي حول فظائع الحرب.

يتناول الكاتب موضوعات الفرص الضائعة للمصالحة، والطبيعة الدائمة للصراع، والطرق المختلفة التي يسعى بها الأفراد والجماعات لمعالجة أو التعامل مع العنف المستمر والجمود السياسي.

الجزء السادس: "الصور المتحركة"

يناقش الجزء السادس من  الكتاب الانقسامات الأيديولوجية المتزايدة داخل إسرائيل والشتات اليهودي، مع التركيز بشكل خاص على الاستقطاب تحت قيادة نتنياهو. ويستكشف هذا القسم أيضًا كيفية انعكاس هذه الانقسامات وتأثرها بالصور الإعلامية والخطاب العام.

تعميق الانقسامات

يسلّط هذا الفصل الضوء على الخلاف المتزايد بين مؤيدي نتنياهو وسياساته اليمينية والمنتقدين الليبراليين اليساريين داخل المجتمع اليهودي، سواء في إسرائيل أو على المستوى الدولي. وهذا الانقسام لا يتسع على المستوى الداخلي فحسب، بل يؤثر أيضًا على صورة إسرائيل ودعمها عالميًا، وخاصة في الولايات المتحدة.

التصوير الإعلامي والخطاب العام

المناقشات في وسائل الإعلام، مثل الانتقادات اللاذعة الموجودة في مقال "غير اليهود" المنشور في مجلة تابلت، تؤدي إلى تفاقم هذه الانقسامات من خلال وصف الأصوات اليهودية المعارضة بالخونة أو غير اليهود، وذلك باستخدام المقارنات التاريخية لتعميق الشعور بالخيانة داخل المجتمع.

التأثير على المجتمع الإسرائيلي والعلاقات الدولية

يقول الكاتب إن المعارك الأيديولوجية ليست داخلية فقط؛ ولها تأثيرات ملموسة على علاقات إسرائيل الخارجية ومكانتها الدولية، خاصة مع الولايات المتحدة. إذ تساهم المناقشات والسياسات اليهودية الداخلية التي تشجّع الفصل أو الحد من حرية التعبير في تصور إسرائيل على أنها تبتعد عن القيم الديمقراطية.

الأبعاد الثقافية والعاطفية

ويتعمق الكاتب في عرض التداعيات العاطفية والثقافية لهذه الصراعات الأيديولوجية، ويناقش كيفية تأثيرها على الهويات اليهودية الشخصية والجماعية. تتناول المناقشة كيفية تعامل الأفراد مع علاقتهم مع إسرائيل والصهيونية وسط خيبة أمل متزايدة.

تأملات في الصهيونية والهوية اليهودية

يطرح الكاتب في هذا الفصل أسئلة عميقة حول "جوهر كونك يهوديًا في العالم الحديث"، ودور إسرائيل كعنصر توحيد أو تقسيم بين اليهود على مستوى العالم، والتعريفات المتطورة للصهيونية والقومية اليهودية.

يؤكد الكاتب على التحديات العميقة والمعقدة التي تواجه إسرائيل والمجتمع اليهودي في صراعهما مع الانقسامات الداخلية والآثار الأوسع لهذه الصراعات على المسرح العالمي. يلعب تصوير الصراعات الأيديولوجية في وسائل الإعلام والخطاب العام دورًا مهمًا في تشكيل التصورات الداخلية والخارجية للدولة وشعبها.

يتناول برادلي بيرستون في الجزء السابع من كتابه، القضايا العميقة والمؤلمة للفصل العنصري والاحتلال والنكبة، ويتأمل في المسؤوليات الشخصية والجماعية والتحديات الأخلاقية التي تواجهها إسرائيل.

يبدأ المؤلف باعتذار عميق للفلسطينيين عن أعمال العنف والظلم التي ارتكبتها اسرائيل بحقهم مشيرًا على وجه التحديد إلى القتل الوحشي لمحمد أبو خضي الذي تعرض للخطف والقتل والحرق على يد عصابة مستوطنين إرهابية عام 2014. والاعتداء على طارق خضير البالغ من العمر 15 عاماً (أبن عم الشهيد محمد) الذي تعرض للاعتقال على يد وحدة خاصة من أمام منزل عائلته في حي شعفاط وتعرض للضرب المبرح ولم ينقل إلى المستشفى لتلقي العلاج إلا بعد مرور يوم كامل.

 

نقد السياسات الإسرائيلية

ينتقد الكاتب مختلف السياسات والإجراءات الإسرائيلية التي تساهم في نشوء نظام يشبه الفصل العنصري. وتشمل هذه السياسات القوانين التمييزية، والمعاملة غير المتساوية، وأعمال العنف التي يرتكبها المستوطنون وقوات الأمن الإسرائيلية ضد الفلسطينيين.

ويناقش المؤلف التداعيات الدولية لهذه السياسات، لا سيما كيف تضر بمكانة إسرائيل عالمياً وتؤثر على علاقتها مع حلفائها، وفي مقدمتهم الولايات المتحدة.

 

 

تأملات في الصهيونية والقيم اليهودية

يتأمل بيرستون الجوانب التاريخية والأخلاقية للصهيونية والقيم اليهودية، ويتساءل عن مدى توافقها مع السياسات الإسرائيلية الحالية تجاه الفلسطينيين. وهو يأسف للتحول الذي طرأ على هذه القيم تحت قيادة شخصيات مثل نتنياهو.

ويدعو الكاتب الإسرائيليين إلى الاستلهام من النشطاء اليهود المناهضين للفصل العنصري في جنوب أفريقيا، والحث على النضال السلمي ضد الظلم والعودة إلى الأرضية الأخلاقية العالية.

 

المسؤولية الشخصية والجماعية

يتعمق الكاتب في هذا الجزء في التعبير عن مشاعره الشخصية تجاه وضع الاحتلال المستمر وتأملاته حول الامتثال المجتمعي الأوسع الذي يسمح باستمرار هذه الظروف.

هذا الجزء من الكتاب هو عبارة عن نظرة قاتمة واستبطانية على أحلك جوانب الصراع الإسرائيلي الفلسطيني حيث يدعو المؤلف إلى الاعتراف بالمسؤولية والعمل على التغيير على أساس القيم الأساسية للعدالة والمساواة.

يستكشف بيرستون في الجزء الثامن من كتابه العلاقة المشحونة بشكل متزايد بين إسرائيل واليهود الأميركيين، مع التركيز على الانفصال الثقافي والسياسي الذي تراكم  على مر السنين.

الاغتراب الثقافي والسياسي

يفكر المؤلف في الاغتراب الذي يشعر به اليهود الأميركيون بسبب القرارات السياسية الإسرائيلية، وخاصة فيما يتعلق بقضايا مثل السيطرة على التحولات والصلاة في الحائط الغربي. وغالباً ما تتماشى هذه القرارات مع وجهات النظر اليهودية الأرثوذكسية، مما يؤدي إلى تهميش الطوائف اليهودية الأكثر ليبرالية السائدة في الولايات المتحدة.

تأثير السياسة الإسرائيلية على اليهود الأميركيين

يناقش الكاتب كيف أن السياسات الإسرائيلية، وخاصة تلك التي تدعو إلى أجندات إقصائية أو قومية، تدق إسفينًا بين إسرائيل والقيم الليبرالية التي يتبناها العديد من اليهود الأميركيين. ويسلط الضوء على كيفية تعارض هذه السياسات مع فهم اليهود الأميركيين للقيم اليهودية مثل الشمولية والعدالة الاجتماعية.

ويأسف بيرستون لفقدان الشعور بالمصير المشترك والاحترام المتبادل بين إسرائيل واليهود الأميركيين ويتذكر الوقت الذي كانت فيه العلاقة أكثر انسجاماً وكيف أدت الإجراءات السياسية في إسرائيل إلى شعور بخيبة الأمل بين اليهود الأميركيين.

ردود المجتمع الإسرائيلي

ينتقد الكاتب الفئة داخل المجتمع والحكومة الإسرائيليين التي تعبّر عن العداء الصريح تجاه اليهود الأميركيين، وخاصة أولئك الذين لديهم آراء ليبرالية. ويستشهد بتعليقات المسؤولين الإسرائيليين التي ترفض المخاوف اليهودية الأميركية بشأن التعددية الدينية والديمقراطية كأمثلة على هذا العداء.

وعلى الرغم من هذا العداء لهم من قبل إسرائيليين متشددين، يدعو المؤلف اليهود الأميركيين إلى عدم التخلي عن ارتباطهم بإسرائيل، بل إلى الدفاع عن قيمهم ودعم المنظمات التي تتماشى مع رؤيتهم لإسرائيل العادلة والديمقراطية، بحسب تعبيره.

التفكير في الأعلام والهوية

يستخدم بيرستون صور الأعلام الوطنية لمناقشة الهوية والانتماء، مشيرًا إلى كيف يمكن اختيار الرموز لأغراض قومية وتصبح مصدرًا للانقسام بدلاً من الوحدة.

يقدم هذا الجزء من الكتاب فحصًا نقديًا للقطيعة بين السياسات الإسرائيلية والقيم الليبرالية للعديد من اليهود الأميركيين، مما يشير إلى أن هذه الفجوة قد تؤدي إلى تحول دائم في العلاقة ما لم تتم معالجتها.

يتناول الجزء العاشر من  الكتاب التعقيدات العاطفية والتاريخية المحيطة بالصراع الإسرائيلي الفلسطيني، مع التركيز على رمزية الانكسار والشوق للشفاء والتفاهم.

ينتقد الكاتب القيادة الإسرائيلية بسبب تعزيزها الانقسام وإطالة أمد الصراع، معربًا عن الرغبة في وجود قادة يخاطبون الأفضل في مواطنيهم بدلاً من استغلال المخاوف والأحكام المسبقة

يقوم الكاتب بنقد الصراع المستمر بين الإسرائيليين والفلسطينيين، مغلفًا النقد باستعارات الانكسار والظلام، ولكنه يتمسك أيضًا بخيط من الأمل أنه من خلال التفاهم والإنسانية المشتركة، لا يزال من الممكن العثور على طريق للسلام.

الجزء الحادي عشر: "جرائم الحرب"

يتعمق الجزء الحادي عشر من الكتاب المعنون "نهاية إسرائيل: رسائل من الطريق إلى الكارثة" في الموضوع المؤلم المتمثل في جرائم الحرب المرتبطة بالصراع الإسرائيلي الفلسطيني، مع التركيز على القصص الشخصية والتأثيرات المجتمعية الأوسع.

يبدأ الكاتب بسرد رواية شخصية في "ماذا يعني لك الموت لإسرائيل؟" حيث يناقش المؤلف كيف أن ابنته، التي كانت قلقة في الأصل بشأن الامتحان المدرسي، أصبحت قلقة بشأن تهديد الرؤوس الحربية بسبب تصاعد التوترات الإقليمية. يؤكد هذا العنصر على التكلفة الإنسانية لخطابات وأفعال الصراع، مع تسليط الضوء على تأثيرها على المدنيين، وخاصة الأطفال.

تعقيد الاستجابات للعنف

ينتقد المؤلف ردود أفعال المجموعات المختلفة على أعمال العنف، ويشكك في الموقف الأخلاقي للتقدميين الذين قد يتغاضون عن أعمال العنف ضد المدنيين الإسرائيليين أو يبررونها. ويتجلى هذا النقد من خلال الأحداث التي أعربت فيها شخصيات وجماعات عامة في الولايات المتحدة علناً عن مشاعر عدائية مثل شعار "الموت لإسرائيل" مما أثار مخاوف بشأن الآثار المترتبة على مثل هذا الخطاب.

ويدين المؤلف التطرف والعنف، وينتقد القادة الإسرائيليين والفلسطينيين على حد سواء لعدم قيامهم بما يكفي لحماية المدنيين ومنع التطرف. ويدعو المؤلف إلى رؤية متوازنة تعترف بإنسانية جميع الأطراف .

 

 

 

يشار إلى أن كتاب "نهاية إسرائيل" قد نشر في 15 أكتوبر 2023، أي بعد أسبوع من هجوم طوفان الأقصى في 7 أكتوبر، ما أعطاه معنى جديدًا أكثر خطورة بكثير لعنوانه.

 كان برادلي بيرستون قد وضع قبل شهر النقاط على الحروف في كتابه الذي يستند إلى سنوات من أعمدته الصحافية في صحيفة هآرتس التي تتحدث حول الانقسام القاتل المحتمل داخل إسرائيل حول خطط الإصلاحات القضائية لحكومة نتنياهو.

 

قال بيرستون بعد نشر الكتاب: "كان من الواضح على الفور أن كتابًا كهذا سيكون في أحسن الأحوال، غير ذي صلة، وفي أسوأ الأحوال، مهينًا، خاصة فيما يتعلق بالعنوان. لذلك قررت إعادة الأمر برمته، مع التركيز على الكيفية التي جعلت بها فترات [رئيس الوزراء بنيامين] نتنياهو إسرائيل عرضة لهجوم مثل 7 أكتوبر. وكان علي أن أحضر الكثير من الأعمدة السابقة المختلفة التي تناولت ذلك - و تمكنت من الاحتفاظ ببعض المقالات التي كانت موجودة في الكتاب الأصلي، ولكن انتهى الأمر بالمحتوى والاتجاه إلى أن يكونا مختلفين تمامًا."

استغرقت العملية شهرين فقط، وتم نشر الكتاب المنقح في 10 ديسمبر.

كان بيرستون، البالغ من العمر 72 عاماً، واحدًا من أكثر الأصوات وضوحًا واجتهادًا من اليسار الإسرائيلي الناطق باللغة الإنجليزية - وهو صهيوني متحمس انتقل في عام 1976 إلى إسرائيل من موطنه الأصلي كاليفورنيا في عندما كان في العشرين من عمره.

عمل أولاً، كمراسل لصحيفة جيروزاليم بوست في ثمانينيات القرن العشرين (حيث عمل كمراسل في قطاع غزة أثناء تأسيس حماس والانتفاضة الفلسطينية الأولى في أواخر الثمانينيات)، ثم مع وكالة رويترز في التسعينيات، وبدءًا من عام 2000 كمذيع صحافي. وكان المحرر المؤسس لطبعة صحيفة هآرتس الإنجليزية على الإنترنت، والتي تضمنت عموده "مكان خاص في الجحيم"، والذي يستند إليه الكتاب.

طرح بيرستون بلطف ولكن بشكل مقنع قضية حل الدولتين الذي يضمن أمن إسرائيل ويوفر للفلسطينيين تطلعاتهم الوطنية. واليوم، بعد تقاعده، فإن شغفه بجعل إسرائيل أفضل لم يتضاءل قيد أنملة.

يقول: "الأمر المثير للاهتمام بالنسبة لي هو أن بعض القضايا التي كتبت عنها منذ سنوات عديدة لم تتغير بشكل كبير. على سبيل المثال، الجدل حول من يمكنه قيادة الشعب الفلسطيني بطريقة يمكن أن تقبلها بعض الحكومات الإسرائيلية بشكل معقول. هناك عمود في الكتاب كتب عام 2010، والعنوان الرئيسي هو "أطلقوا سراح البرغوثي الآن" [في إشارة إلى مروان البرغوثي، القيادي الفلسطيني الأسير الذي يوصف بأنه زعيم مستقبلي محتمل ويقضي حاليًا عقوبة السجن مدى الحياة بتهمة القتل]، وكنت أرى في صحيفة هآرتس اليوم، وهم يتحدثون عن عدم وجود العديد من القادة الذين يمكنهم قيادة الفلسطينيين، ولكن أحدهم هو مروان البرغوثي. وكنت أفكر أن العديد من هذه القضايا كانت حاضرة منذ وقت طويل جدًا وكانت تتفاقم للتو".

يعزو بيرستون ذلك إلى سياسات نتنياهو. وقال إن نتنياهو أكثر عزماً على إبقاء الأمور على حالها الذي سيستمر إلى أجل غير مسمى.

أضاف: "من الخطأ أو من التبسيط الاعتقاد بأن نتنياهو لديه نوع من التصميم الشامل الكبير … لكن أحد المواضيع المتكررة في الكتاب هو استغلال نتنياهو لفكرة أنه عندما تكون هناك حرب أو إرهاب، لا يمكنك صنع السلام. ومن ثم، عندما يكون هناك سلام وهدوء نسبي، فلا يوجد سبب لصنع السلام. إذ قال: ليس هناك حاجة ملحة للسلام". والنتيجة هي أن أيديولوجية نتنياهو هي: "القيام بأقل قدر ممكن ولأطول فترة ممكنة في تغيير الوضع الراهن.

ويرى الكاتب أن من غير المرجح أن يتم تحميل نتنياهو المسؤولية المباشرة عن أحداث 7 أكتوبر، "وهو أسوأ شيء حدث في إسرائيل بالتأكيد خلال 50 عامًا، وربما خلال 75 عامًا."

وفقاً لبيرستون، فإنه خلال العام الماضي منذ تشكيل ائتلافه مع أمثال إيتامار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش، حاصر نتنياهو نفسه في عدد من المواقف التي ربما لم يكن هو نفسه يفضلها أو بدأها.

وأضاف: "لكن واقع ائتلافه، إلى جانب تمنياته بإمكانية تهدئة حماس أو شرائها وبالتالي احتوائها، ورغبته في تهميش القضية الفلسطينية تمامًا، خلقت وضعًا مستحيلًا".

ويعتبر بيرستون أن نتنياهو قد أهدر فرص التحرك نحو حل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، حتى عندما كان يحظى بالدعم في حكومته للقيام بذلك. يقول: "كانت هناك أوقات، خاصة خلال سنوات الرئيس الأميركي باراك أوباما، كان بإمكان نتنياهو فيها الانضمام إلى مجموعة من القادة مثل بن غوريون، وبيغن، وشارون، وقادة الشرق الأوسط مثل السادات، الذين تخلوا جميعاً عن أيديولوجيتهم المتشددة الأصلية وتحركوا نحو التسوية. لكن، بالطبع، تشير تلك الأمثلة إلى أنه يجب عليك أن تشارك بكل شيء - إلى حد أنه لكي تكون زعيمًا إسرائيليًا مستعدًا لاغتنام الفرص من أجل السلام، عليك أن تأتي إلى الطاولة وأنت تعلم أنه سيكون هناك أشخاص يهاجمونك حرفيًا، لكنه ولم يفعل ذلك.

أوضح الكاتب أنه في عام 2012، كان لديه 94 مقعدًا في ائتلافه، وكان بإمكانه فعل أي شيء يريده وكان بإمكانه التحرك في أي اتجاه. كان هذا هو الاختبار الكلاسيكي لفكرة أنه إذا كان هناك هدوء نسبي، فلن يتعين عليك القيام بأي شيء. يمكنك الاستمرار في القيام بأقل قدر ممكن لأطول فترة ممكنة.

وقد أثر هذا الركود بشكل مباشر على أحداث 7 أكتوبر، حيث افترض بيرستون أن نتنياهو كان يعلم أن هناك عاصفة كاملة كانت تختمر.

وأضاف: "لقد تم تحذيره على وجه التحديد، وازدادت التحذيرات سوءًا مع مرور العام. بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول، حاول نتنياهو الكذب قائلاً: "لم يتم تحذيري، ولم تخبرني الاستخبارات العسكرية". لكن الحقيقة هي أنه كانت هناك تصريحات عامة صدرت طوال العام، بعضها من قبل جنرالات متقاعدين حديثاً يحذرون من ذلك.. هبوب العاصفة...

قال بيرستون إن عنوان كتابه لا يشير حرفيًا إلى النهاية الحقيقية لإسرائيل وتشتيت اليهود إلى بابل، بل، مثل أغنية REM الشهيرة، إنها نهاية إسرائيل "كما نعرفها".

أضاف: "ستكون هناك - على الأقل آمل - دولة بمجرد انتهاء الحرب. لكن عنوان الكتاب كان مهماً بالنسبة لي لأنه يحمل أيضاً معنى آخر – ما هو الهدف النهائي لوجود دولة يهودية؟ هناك الكثير من عناصر إسرائيل التي تحتاج إلى الاستعادة بطرق لا تعد ولا تحصى – من الناحية الأمنية ومن ناحية الوحدة، يبدو لي أن الأمور قد تضررت بشدة".

أوضح بيرستون: “لقد بذل نتنياهو وحلفاؤه سيئو الحظ كل ما في وسعهم لإثارة الانقسام – وهذا ليس بالأمر الجيد أثناء الحرب، وليس بالأمر الجيد عندما لا تكون هناك حرب... ما تبقى مما هو عظيم في إسرائيل هو الروابط المذهلة بين الناس والأصدقاء والعائلات. لكن كل شيء آخر شعرت به عندما وصلت إلى هنا لأول مرة وكان معجزة ورائعة حقًا قد تعرض للهجوم والتآكل. وسيكون هذا صحيحًا إذا بقي بيبي (نتنياهو) هنا لمدة 10 سنوات أخرى أو إذا رحل غدًا".

 

ومع ذلك، فإن بيرستون، الذي كان جزءًا من المجموعة التي أسست كيبوتس جيزر، بين تل أبيب والقدس، وخدم لسنوات عديدة في جيش الاحتلال الإسرائيلي كمسعف قتالي، لا يزال صهيونيًا متشددًا كما كان عندما كان حديثًا على متن السفينة التي نقلته إلى فلسطين المحتلة.

يقول: "لقد أعطاني هذا البلد مبلغًا هائلاً، وهذا شيء سأكون ممتنًا له دائمًا. لقد منحني أيضًا عائلتي (بما في ذلك الأطفال والأحفاد)، والتي تمثل بالنسبة لي مصدر السعادة".

** كاتبة ومترجمة لبنانية

تعليق عبر الفيس بوك