"منتدى التعاون الصيني العربي".. 19 آلية لإثراء الشراكة الاستراتيجية

 

الرؤية- خاص

يُعد تأسيس منتدى التعاون بين الصين والدول العربية قرارًا استراتيجيًا اتخذته الصين والدول العربية انطلاقًا من التطور الطويل الأمد للعلاقات الصينية العربية.

وفي يوم 30 يناير من عام 2004، أعلنت الصين وجامعة الدول العربية بشكل مشترك عن تأسيس منتدى التعاون الصيني العربي، وأصدرتا "بيانًا مشتركًا بشأن تأسيس منتدى التعاون بين الصين والدول العربية". وفي يوم 14 سبتمبر من عام 2004، انعقدت الدورة الأولى للاجتماع الوزاري للمنتدى في مقر جامعة الدول العربية، الأمر الذي رمز إلى تفعيل المنتدى بشكل رسمي، ويكون هدفه تعزيز الحوار والتعاون بين الصين والدول العربية وتدعيم السلام والتنمية.

وبعد التطور والبناء على مدى السنوات العشرين المنصرمة، لقد تم إنشاء في إطار المنتدى 19 آلية تغطي مجالات واسعة النطاق مثل السياسة والاقتصاد والتجارة والطاقة والثقافة والعلوم والتكنولوجيا والصحة والإعلام والتواصل الشعبي. وتشمل الاجتماع الوزاري واجتماع كبار المسؤولين، والحوار السياسي الاستراتيجي على مستوى كبار المسؤولين، وندوة العلاقات الصينية العربية، والحوار بين الحضارتين الصينية والعربية، والمنتدى الصيني العربي للإصلاح والتنمية، ومؤتمر رجال الأعمال الصينيين والعرب، وندوة الاستثمار ومؤتمر التعاون الصيني العربي في مجال الطاقة، ومهرجان الفنون العربية / الصينية، وندوة التعاون الصيني العربي في مجال الإعلام، ومؤتمر الصداقة الصينية العربية، وملتقى المدن الصينية العربية، ومنتدى التعاون الصيني العربي في مجال الملاحة عبر الأقمار الاصطناعية (بيدو)، ومنتدى المرأة الصينية والعربية ومنتدى التعاون الصيني العربي في مجال الصحة، وملتقى التعاون الصيني العربي في مجال الإذاعة والتلفزيون، ومؤتمر التعاون الصيني العربي لنقل التكنولوجيا والإبداع، واجتماع الخبراء الصينيين والعرب في مجال المكتبات والمعلومات، ومنتدى تنمية الشباب الصيني العربي والرابطة الصينية العربية للمؤسسات الفكرية.

وحتى عام 2024، أصدر المنتدى 85 وثيقة ختامية من الأنواع المختلفة، وأصبح أداة فعالة لإثراء مقومات علاقات الشراكة الاستراتيجية الصينية العربية والدفع بالتعاون العملي بين الصين والدول العربية، ومنصة مهمة للحوار على قدم المساواة وتدعيم التعاون العملي بين الجانبين الصيني والعربي، وقدم مساهمات بارزة في تعزيز العلاقات الصينية العربية.

ومن المقرر أن تنعقد الدورة العاشرة للاجتماع الوزاري لمنتدى التعاون الصيني العربي قريبًا، بالتزامن مع استعداد الجانب الصيني للعمل مع الجانب العربي على مواصلة تكريس روح الصداقة الصينية العربية، واغتنام فرصة انعقاد هذه الدورة للاجتماع الوزاري، للاستمرار في إثراء وتعميق معادلة التعاون الصيني العربي الشاملة الأبعاد والمتعددة المستويات والواسعة المجالات، وتعزيز بناء المنتدى باستمرار، وبناء المجتمع الصيني العربي للمستقبل المشترك على مستوى أعلى، بما يسهم في تعزيز التضامن والتعاون بين الدول النامية وتقديم المساهمة الصينية والعربية المطلوبة لبناء مجتمع المستقبل المشترك للبشرية.

دور مهم للدبلوماسية في بناء المنتدى

مثلت السنوات العشرين المنصرمة منذ تأسيس المنتدى، الفترة الأكثر نشاطًا من حيث التبادلات الرفيعة المستوى بين الجانبين الصيني والعربي، حيث يهتم قادة الجانبين الصيني والعربي اهتمامًا بالغًا بتطوير المنتدى وبنائه، ويرسمون الخطوط العريضة ويحددون الاتجاه لسبل الارتقاء بمستوى العلاقات الصينية العربية والتعاون الجماعي بين الصين والدول العربية.

وفي عام 2014، حضر الرئيس الصيني شي جين بينغ الجلسة الافتتاحية للدورة السادسة للاجتماع الوزاري للمنتدى في بكين، حيث طرح لأول مرة بناء المجتمع الصيني العربي للمصلحة المشتركة والمستقبل المشترك، وطرح تشكيل معادلة التعاون "3+2+1" المتمثلة في اتخاذ مجال الطاقة كمحور رئيسي، ومجالي البنية التحتية وتسهيل التجارة والاستثمار كجناحين، وثلاثة مجالات ذات تقنية متقدمة وحديثة تشمل الطاقة النووية والفضاء والأقمار الاصطناعية والطاقة الجديدة كنقاط اختراق.

وفي عام 2016، زار الرئيس شي جين بينغ مقر جامعة الدول العربية، وألقى فيه خطابًا مُهمًا؛ حيث سلّط بشكل شامل ومنهجي الضوء على سياسة الصين تجاه الشرق الأوسط في المرحلة الجديدة، ورسم الخطوط العريضة لتطور العلاقات الصينية العربية، وطرح خطة الأعمال الأربعة بشأن تشارك الصين والدول العربية في بناء مبادرة "الحزام والطريق"، ألا وهي إعلاء راية السلام والحوار ومباشرة أعمال تعزيز الاستقرار، وتدعيم التعديلات الهيكلية ومباشرة الأعمال للتعاون المبدع، واتخاذ إجراءات لتحقيق الالتحاق في مجال الطاقة الإنتاجية من أجل الإسراع بوتيرة العملية الصناعية في الشرق الأوسط، والدعوة إلى التواصل والاستفادة المتبادلة بين الحضارات واتخاذ إجراءات لتعزيز الصداقة.

وفي عام 2018، حضر الرئيس شي الجلسة الافتتاحية للدورة الثامنة لمنتدى التعاون الصيني العربي المنعقدة في بكين، حيث أكد على ضرورة الإمساك بالترابط والتواصل كـ"القاطرة"، والعمل على دفع التعاون في مجالي النفط والغاز والطاقة المنخفضة الكربون كـ"العجلتين"، والعمل على تطوير التعاون في مجالي المالية والتكنولوجيا المتقدمة والحديثة "كالجناحين".

وفي ديسمبر من عام 2022، انعقدت القمة الصينية العربية الأولى في العاصمة السعودية الرياض بنجاح، بحضور الرئيس شي جين بينغ وقادة الدول العربية، حيث اتفقوا بالإجماع على العمل بكل الجهود على بناء المجتمع الصيني العربي للمستقبل المشترك نحو العصر الجديد. وتبنت القمة ثلاث وثائق ختامية وهي "إعلان الرياض- القمة الصينية العربية الأولى"، و"الخطوط العريضة لخطة التعاون الشامل بين الصين والدول العربية"، و"وثيقة تعميق الشراكة الاستراتيجية الصينية العربية من أجل السلام والتنمية". واستخلص الرئيس شي في كلمته روح الصداقة الصينية العربية المتمثلة في "التضامن والتآزر والمساواة والمنفعة المتبادلة والشمول والاستفادة المتبادلة"، وطرح "الأعمال الثمانية المشتركة" للتعاون العملي التي تغطي مجالات عديدة مثل تدعيم التنمية والأمن الغذائي والصحة والتنمية الخضراء والابتكار وأمن الطاقة والحوار بين الحضارات وتأهيل الشباب والأمن والاستقرار.

وبعد القمة، عمل الجانبان الصيني والعربي على تنفيذ مخرجات الدبلوماسية على مستوى القمة، وحققا إنجازات مهمة باستمرار. فقد ضخّت القمة الصينية العربية الأولى قوة دافعة كبيرة لتطور العلاقات الصينية العربية وبناء المنتدى في المرحلة الجديدة.

توطيد الثقة المتبادلة بين الصين والدول العربية

وعلى مدى 20 عامًا، حققت العلاقات الصينية العربية "الوثب الثلاثي"، أي من "علاقات الشراكة" إلى "علاقات التعاون الاستراتيجي" وإلى "علاقات الشراكة الاستراتيجية". في الدورة الأولى للاجتماع الوزاري للمنتدى عام 2004، اتفقت الصين وجامعة الدول العربية على إقامة علاقات الشراكة القائمة على المساواة والتعاون الشامل؛ في الدورة الرابعة للاجتماع الوزاري للمنتدى عام 2010، أعلن الجانبان عن إقامة علاقات التعاون الاستراتيجي الصينية العربية القائمة على التعاون الشامل والتنمية المشتركة؛ في الدورة الثامنة للاجتماع الوزاري للمنتدى عام 2018، تم الارتقاء بالعلاقات بين الجانبين إلى علاقات الشراكة الاستراتيجية الصينية العربية القائمة على التعاون الشامل والتنمية المشتركة لمستقبل أفضل. لغاية اليوم، تمت إقامة علاقات الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين الصين وأربع دول عربية، هي مصر والجزائر والسعودية والإمارات، وتمت إقامة علاقات الشراكة الاستراتيجية بين الصين وعشر دول عربية، هي قطر والعراق والأردن والسودان والمغرب وعمان وجيبوتي والكويت وفلسطين وسوريا، إضافة إلى جامعة الدول العربية. كما انضمت 13 دولة عربية إلى "مجموعة الأصدقاء لمبادرة التنمية العالمية"، وأصبحت 3 دول عربية "أعضاء جُددًا" لمجموعة البريكس، وأصبحت ست دول عربية شريكة الحوار في منظمة شانغهاي للتعاون.

وتتبادل الصين والدول العربية الدعم الثابت للحفاظ على المصالح الجوهرية للجانب الآخر، ويدعو كلاهما إلى احترام السيادة والاستقلال وسلامة الأراضي، وعدم الاعتداء وعدم التدخل في الشؤون الداخلية والمساواة والمنفعة المتبادلة والتعايش السلمي، ويرفض التدخل الخارجي، ويرفض الهيمنة وسياسة القوة بكل أشكالها، ويدعو إلى احترام ودعم جميع الدول لاختيار طرق تنموية ووفقًا لظروفها الوطنية بشكل مستقل. تبنى مجلس جامعة الدول العربية على مستوى وزراء الخارجية القرارات الصديقة للصين 44 مرة متتالية لغاية اليوم، وأكد فيها على أن الدول العربية تلتزم بمبدأ "الصين الواحدة"، وتدعم مبادرة "الحزام والطريق"، وتحرص على تعزيز التعاون مع الصين في جميع المجالات، وتدفع بناء منتدى التعاون الصيني العربي بشكل متواصل.

وظلت الصين والدول العربية تحافظ بثبات على المنظومة الدولية التي تكون الأمم المتحدة مركزًا لها، والنظام الدولي القائم على القانون الدولي، والقواعد الأساسية للعلاقات الدولية التي تقوم على مقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة؛ وتعمل سويًا على دعم تعددية الأطراف وتعزيز التعاون المتعدد الأطراف ورفض الأحادية وسياسة القوة؛ وتعمل سويًا على الدعوة إلى دمقرطة العلاقات الدولية، ودعم الدول النامية لزيادة تمثيلها وأصواتها في الحوكمة العالمية، وصيانة مصالح الدول النامية، وتدعيم القضية العادلة للتنمية السلمية للبشرية. تعد جامعة الدول العربية أول منظمة إقليمية في العالم وقّعت مع الصين على وثيقة التعاون بشأن بناء "الحزام والطريق" والبيان المشترك بشأن تطبيق مبادرة الحضارة العالمية وأصدرت معها وثيقة التعاون لمكافحة الجائحة ومبادرة التعاون بشأن أمن البيانات.

المنتدى قوة دافعة للتعاون العملي الصيني العربي

يؤدي المنتدى منذ إنشائه قبل أكثر من 20 عامًا، دوره كمنصة بشكل وافٍ، ويعمل على تعزيز التواصل والتعاون بين الجانبين الصيني والعربي في شتى المجالات مثل الاقتصاد والتجارة والطاقة والابتكار الأخضر والصحة.

وخططت القمة الصينية العربية الأولى ودفعت على نحو شامل التعاون العملي بين الصين والدول العربية في جميع المجالات. على مدى أكثر من سنة، يدفع الجانبان الصيني والعربي بنشاط بتنفيذ مخرجات القمة حول التعاون العملي، وذلك عبر القنوات الثنائية والمتعددة الأطراف مع الاستفادة الكاملة من المنتدى. لغاية الآن ومن بين 238 إجراء تعاون تطرقت إليه "الخطوط العريضة لخطة التعاون الشامل بين الصين والدول العريبة" وغيرها من مخرجات القمة، إضافة إلى "الأعمال الثمانية المشتركة" للتعاون العملي الصيني العربي التي طرحها الرئيس شي جين بينغ، تم تنفيذ 73 إجراء بشكل تام وإحراز تقدم مرحلي مهم لـ125 إجراء. أما الأربعون إجراء الباقية متوسطة وطويلة الأمد، فيبذل الجانبان جهودا لدفعها باستمرار.

لقد أصبح التعاون في بناء "الحزام والطريق" توافقًا مهمًا للتعاون العملي الصيني العربي في إطار المنتدى. وقّعت الصين مع 22 دولة عربية مجتمعةً وجامعة الدول العربية على وثيقة التعاون بشأن بناء "الحزام والطريق"؛ الأمر الذي حقق "تغطية شاملة". قد تم تنفيذ أكثر من 200 مشروع ضخم بالإجمال في إطار التعاون الصيني العربي لبناء "الحزام والطريق"، حيث استفاد حوالي ملياري نسمة من الجانبين من نتائج التعاون.

وأصبحت الصين أكبر شريك تجاري للدول العربية لسنوات عديدة متتالية. ارتفع حجم التبادل التجاري بين الصين والدول العربية من 36.7 مليار دولار أميركي في عام 2004 إلى 398.1 مليار دولار أميركي في عام 2023، أي بزيادة 10 أضعاف. منذ زمن طويل، تشكّل واردات الصين من النفط الخام من الدول العربية نصف مجموع وارداتها من العالم، حيث سجلت 260 مليون طن في عام 2023. كما أجرى الجانبان التعاون في مجال الغاز والنفط بمجرياته الكاملة؛ حيث قاما بالتعاون بإنشاء مصفاة ينبع في السعودية، ومشروع المجمع المتكامل للتكرير والبتروكيماويات في مدينة بانجين بمقاطعة لياونينغ الصينية، ومشروع فوجيان المشترك والمتكامل للتكرير وإنتاج الإيثيلين، ومشروع الحقول البرية في أبوظبي للإمارات وغيرها من المشاريع الكثيرة. قام الجانبان بتنفيذ عدد كبير من مشاريع التعاون في مجال الطاقة الجديدة مثل مشروع مدينة البحر الأحمر الجديدة لتخزين الطاقة في السعودية ومحطة حصيان لتوليد الطاقة في دبي ومجمع بنبان لتوليد الطاقة الشمسية في مصر، لدعم الجانبين في التحول الطاقوي والتنمية المتنوعة. كما تتقدم بخطوات متزنة كل من مشاريع منطقة تيدا السويس للتعاون الاقتصادي والتجاري بين الصين ومصر، ومنطقة جازان للتجمعات الصناعية بين الصين والسعودية، والحديقة النموذجية للتعاون الصيني الإماراتي في الطاقة الإنتاجية، والمدينة الصناعية الصينية العمانية في منطقة الدقم، حيث تشارك الشركات الصينية نظيراتها العربية في تحقيق الكسب.

وأنجزت الصين والدول العربية حزمة من المشاريع النموذجية والمعالم الوطنية والمشاريع المعيشية في إطار التعاون الصيني العربي لبناء "الحزام والطريق". يصف المصريون "أطول برج في إفريقيا" بطول 385.8 مترًا الذي تبنيه الشركة الصينية في منطقة الأعمال المركزية بالعاصمة الإدارية الجديدة المصرية بـ"هرم جديد".

ويعد الطريق السيار شرق-غرب للجزائر (1216 كيلومترًا) شريان المواصلات الذي يربط شرق الجزائر بغربها، وهو أسهم في تأهيل ما يقرب من عشرة آلاف عامل محلي في قطاع البناء والتشييد. وطُبعت صور البنايات النموذجية في الأوراق النقدية المحلية كرموز وطنية مثل استاد لوسيل بقطر باعتباره الملعب النهائي لكأس العالم لكرة القدم عام 2022، وجامع الجزائر باعتباره أكبر جامع في إفريقيا وثالث أكبر مسجد في العالم، وجسر محمد السادس في المغرب باعتباره أكبر جسر معلق في إفريقيا، والمقر الجديد للبنك المركزي الكويتي. وسيصبح مشروع المعهد الوطني العالي للموسيقى في لبنان الذي تشيّده الصين كهبة معلمًا ثقافيًا وفنيًا للبنان ونموذجًا مُهمًا للصداقة الصينية اللبنانية بعد إنجازه. وأصبح خط سكة حديد أديس أبابا- جيبوتي أول خط سكة حديد مكهرب حديث عابر للحدود في إفريقيا.

ويعد مشروع الدور 2 لإنتاج الكهرباء في البحرين من أكبر ما تشغّله البحرين من مشاريع توليد الكهرباء التي تعمل بالتوربينات الغازية.

وسيساهم مشروع جسر ملتقى طرق مدريد في نواكشوط الذي تنفذه الصين كهبة في تحسين الظروف المرورية للعاصمة الموريتانية بعد إنجازه، وسيمثل علامة جديدة للصداقة الصينية الموريتانية. وأصبح معلب مالوزيني الذي بنته الصين كهبة أحد المعالم لجزر القمر. وتلبي "المشاريع الصغيرة والجميلة" مثل مشروع مستلزمات النظافة ووسائل النقل في إطار المنحة الصينية لليمن ومشروع الطرق الرابطة في مدينة رام الله في إطار المنحة الصينية لفلسطين الاحتياجات المحلية الملحة.

إضافة إلى ذلك، قدمت الصين بنشاط المساعدات الإنسانية للدول المتضررة من الزلازل والفيضانات مثل سوريا والمغرب وليبيا، وساهمت في إعادة الإعمار بعد الكوارث في هذه الدول.

ويتعمق التعاون بين الجانبين في مجالات ناشئة مثل الجيل الخامس لتكنولوجيا الاتصالات والفضاء والأقمار الصناعية والبيانات الصخمة والذكاء الاصطناعي والطاقة الجديدة باستمرار. وتم إنشاء على التتالي المراكز الصينية العربية للنقل التكنولوجي وللطاقة النظيفة ولنظام بيدو للأقمار الصناعية وللدراسات الدولية في الجفاف والتصحر وتدهور الأراضي، مما شكل شبكة للتعاون في النقل التكنولوجي تربط آلاف مؤسسات الأبحاث العلمية والشركات المبتكرة من الجانبين الصيني والعربي. يعتبر مركز التميز الصيني العربي بيدو/GNSS الذي أنشئ في تونس أول مركز خارج الصين لنظام بيدو للملاحة عبر الأقمار الصناعية، ويعد القمر الصناعي ألكوم سات-1 الجزائري أول قمر صناعي للاتصالات أطلقته الصين لصالح دول الشرق الأوسط والدول العربية، ويمثل ميناء صحار الذكي 5G في سلطنة عمان أول ميناء ذكي في منطقة الشرق الأوسط. وتم بناء ما يقرب من 1000 محطة قاعدية لـ5G في الكويت، الأمر الذي جعل الكويت أول دولة في منطقة الشرق الأوسط تغطي شبكة 5G كامل أراضيها. وتوفر عديد من سواتل فينغيون للأرصاد الجوية خدمة الرصد للدول العربية من خلال الاستشعار عن بعد على مدار الساعة وفي جميع الأحوال الجوية، ومنها القمر الصناعي "فينغيون-2" للأرصاد الجوية الذي يلقب بـ"ساتل الحزام والطريق" نظرًا لأنه أول قمر صناعي يرصد الأحوال الجوية للمحيط الهندي ويوفر الدعم من البيانات الجوية لمعظم الدول العربية. حتى الآن، قد سجلت ثلاث دول عربية كأعضاء لآلية دعم الطوارئ للمستخدمين الدوليين لسواتل فينغيون للأرصاد الجوية، وأصبحت 10 دول عربية مستخدمين دوليين لبيانات سواتل فينغيون للأرصاد الجوية.

 

التعاون المالي

وتعمل الصين والدول العربية على استكشاف طرق جديدة للتعاون المالي، مما حقق اختراقات جديدة ومستمرة للتسهيلات التجارية والاستثمارية. تعد رابطة البنوك الصينية والعربية التي تم إنشاؤها بمبادرة بنك التنمية الصيني، أول آلية متعددة الأطراف للتعاون بين المؤسسات المالية الصينية والعربية، ولغاية نهاية نوفمبر عام 2023، قد وفّر بنك التنمية الصيني دعما لـ99 مشروعًا في الدول العربية من خلال إصدار قروض بقيمة 17.189 مليار دولار أميركي. أجرى بنك الاستيراد والتصدير الصيني مع البنك الوطني السعودي التعاون التجريبي لأول مرة بشأن القروض باليوان الصيني بقيمة مليار يوان صيني.

وسجّلت الصين والإمارات سابقة في تسوية التجارة للنفط والغاز باليوان الصيني. وقع بنك الشعب الصيني اتفاقيات ثنائية لمبادلة العملات المحلية مع كل من البنك المركزي السعودي والبنك المركزي المصري والمصرف المركزي الإماراتي.

وأصدرت مصر بالنجاح سندات الباندا بقيمة 3.5 مليار يوان صيني. أنشأ البنك الصناعي والتجاري الصيني ومصرف قطر المركزي مركز المقاصة وتسوية المعاملات باليوان الصيني، قد تجاوز مبلغ التسوية الإجمالي لغاية الآن 400 مليار يوان صيني. وافق العراق على تسوية التجارة مع الصين باليوان الصيني مباشرة. لقد أصبحت 17 دولة عربية عضوا في بنك آسيا للاستثمار في البنية التحتية. ومن بين صناديق الثروة السيادية العشر الأولى في العالم، فتح جهاز أبوظبي للاستثمار في الإمارات وشركة مبادلة للاستثمار في الإمارات والهيئة العامة للاستثمارات في الكويت وصندوق الاستثمارات العامة في السعودية مكاتب أو بعثت ممثليها في الصين.

المنتدى منصة للتفاعل بين الحضارتين الصينية والعربية

ويعد الشمول والاستفادة المتبادلة إحدى الركائز الثلاث لروح الصداقة والتعاون بين الصين والدول العربية. تدعو كل من الصين والدول العربية باعتبارهما حضارتين عريقتين إلى تكريس مفهوم الحضارة المتمثل في المساواة والاستفادة المتبادلة والحوار والتسامح منذ زمن طويل، مما نصّب قدوة للتواصل والاستفادة المتبادلة بين الحضارات المختلفة.

وطرح الرئيس الصيني شي جين بينغ مبادرة الحضارة العالمية في عام 2023، التي تدعو إلى "تجاوز الفوارق والصراعات والتفوقات الحضارية عبر التواصل والتنافع والتعايش بين الحضارات". في هذا السياق، وقعت وزارة الثقافة والسياحة الصينية والأمانة العامة لجامعة الدول العربية البيان المشترك بشأن تنفيذ مبادرة الحضارة العالمية على هامش الدورة الأولى لمنتدى ليانغتشو المنعقدة في ديسمبر عام 2023، مما جعل جامعة الدول العربية أول منظمة إقليمية في العالم أصدرت مع الصين الوثيقة بشأن تنفيذ مبادرة الحضارة العالمية. ووقعت وزارة الخارجية الصينية مع الأمانة العامة لجامعة الدول العربية وثيقة التعاون بشأن تأسيس الرابطة الصينية العربية للمؤسسات الفكرية في يناير عام 2024، مما جعل جامعة الدول العربية أول منظمة إقليمية في العالم وقعت مع الصين وثيقة التعاون بشأن تأسيس رابطة المؤسسات الفكرية.

آليات التواصل الثقافي

ومن بين آليات التعاون الـ19 في إطار المنتدى، هناك 11 آلية تتعلق بالتواصل الشعبي والثقافي. لقد أصبح المركز الصيني العربي للإصلاح والتنمية منصة مهمة لتبادل الخبرات بشأن الإصلاح والانفتاح والحوكمة والإدارة بين الصين والدول العربية منذ تأسيسه قبل 7 سنوات، وتمت إقامة 16 دورة تدريبية خاصة بدولة محددة ومتعددة الأطراف لغاية الآن بمشاركة قرابة 500 مسؤول حكومي وأكاديمي من المؤسسات الفكرية والإعلامية، وإقامة 4 دورات للمنتدى الصيني العربي للإصلاح والتنمية ودورتين للندوة الافتراضية بين الخبراء الصينيين والعرب حول الإصلاح والتنمية، وتم قبول 65 طالبًا وافدًا من الدول العربية في إطار "مشروع إعداد المترجمين من وإلى اللغة الصينية للمواطنين العرب"، الأمر الذي وفر دعمًا فكريًا قويًا للجانبين.

وتتنوع مقومات التواصل والتعاون الشعبي والثقافي بين الصين والدول العربية باستمرار، مما شكل مشهدًا متنوعًا ومتفاعلًا ورائعًا للتواصل الشعبي والثقافي. وردّ الرئيس شي جين بينغ أكثر من مرة على رسائل ممثلي أصدقاء الصين في الدول العربية، مما حدد الاتجاه للتواصل الشعبي والثقافي بين الصين والدول العربية. في ديسمبر عام 2022، شجع الرئيس شي الشباب السعوديين على تعلم اللغة الصينية على نحو جيد وتقديم مساهمات جديدة لتعزيز الصداقة الصينية السعودية والصداقة الصينية العربية في رده على رسالة ممثلي دارسي اللغة الصينية في السعودية. كما شجع الرئيس شي في رده على رسالة ممثلي الفنانين المشهورين العرب الذين كانوا يشاركون في الرحلة الإبداعية في الصين تحت عنوان "طريق الحرير: ملتقى الفنانين"، شجّع الفنانين على إبداع المزيد من الأعمال الفنية الرائعة لتجسيد الصداقة الصينية العربية وتسجيل صفحات جديدة للتواصل الحضاري بين الصين والدول العربية في العصر الجديد بشكل مشترك.

وشارك الشباب والمراهقون من مصر والصومال وغيرهما من الدول في "الحوار مع رواد الفضاء في محطة تيانقونغ" لاستكشاف أسرار الفضاء سويًا. قد تم نشر أكثر من 50 كتابًا صينيًا وعربيًا في إطار "مشروع تبادل الترجمة والنشر للمؤلفات الصينية والعربية". وتم عرض أكثر من 20 برنامجًا مرئيًا ومسموعًا صينيًا مدبلجًا؛ بما فيها "الهجرة إلى السعادة" و"وسام الجمهورية" في وسائل الإعلام لأكثر من 20 دولة عربية، وبلغ عدد النقرات الإجمالي للمسلسلات الصينية 500 مليون نقرة.

وتشهد الدول العربية "موجة اللغة الصينية". ولغاية نهاية عام 2023، تم إدراج اللغة الصينية في المناهج الدراسية الوطنية بشكل رسمي في 6 دول عربية وهي الإمارات والسعودية وفلسطين ومصر وتونس وجيبوتي، وقامت الصين بإنشاء 21 فرعًا لمعهد كونفوشيوس وفصلي كونفوشيوس بالتعاون مع 13 دولة عربية، وأقامت علاقات التوأمة مع 47 مدينة في 13 دولة عربية.

البناء المؤسسي للمنتدى يشهد تطورًا مطردًا ومبتكرًا

الاجتماع الوزاري يسهم بفعالية دورية على المستوى الأعلى في إطار المنتدى؛ حيث جرى عقد 9 دورات له حتى اليوم. عقدت الدورة التاسعة للاجتماع الوزاري للمنتدى افتراضيا يوم 6 يوليو عام 2020. ستعقد الدورة العاشرة للاجتماع الوزاري للمنتدى في بكين يوم 30 مايو عام 2024.

وعُقد 18 دورة لاجتماع كبار المسؤولين، و7 دورات للحوار السياسي الاستراتيجي على مستوى كبار المسؤولين. ويُعقد اجتماع كبار المسؤولين والحوار السياسي الاستراتيجي على مستوى كبار المسؤولين في نفس الفترة منذ عام 2015. عقدت الدورة الثامنة عشرة لاجتماع كبار المسؤولين والدورة السابعة للحوار السياسي الاستراتيجي على مستوى كبار المسؤولين في تشنغدو يوم 9 مايو عام 2023.

كما عُقدت 10 دورات لندوة العلاقات الصينية العربية والحوار بين الحضارتين الصينية والعربية. وعقدت الدورة العاشرة لندوة العلاقات الصينية العربية والحوار بين الحضارتين الصينية والعربية في العاصمة الإماراتية أبوظبي خلال يومي 24 و25 أكتوبر عام 2023.

وعُقدت 4 دورات للمنتدى الصيني العربي للإصلاح والتنمية. عقدت الدورة الرابعة للمنتدى الصيني العربي للإصلاح والتنمية في شانغهاي يوم 26 سبتمبر عام 2023.

وعُقدت 10 دورات لمؤتمر رجال الأعمال الصينيين والعرب، و8 دورات لندوة الاستثمارات. يُعقد مؤتمر رجال الأعمال الصينيين والعرب وندوة الاستثمارات في الفترة نفسها منذ عام 2009. عقدت الدورة العاشرة لمؤتمر رجال الأعمال الصينيين والعرب والدورة الثامنة لندوة الاستثمارات في العاصمة السعودية الرياض خلال يومي 11 و12 يونيو عام 2023.

وعُقدت 7 دورات لمؤتمر التعاون الصيني العربي في مجال الطاقة. عقدت الدورة السابعة لمؤتمر التعاون الصيني العربي في مجال الطاقة في هايكو الصينية خلال يومي 19 و21 سبتمبر من عام 2023.

مهرجان الفنون

وعُقدت 5 دورات لمهرجان الفنون العربية في الصين، و3 دورات لمهرجان الفنون الصينية في الدول العربية. وعُقدت الدورة الخامسة لمهرجان الفنون العربية في مدينة جينغدتشن بمقاطعة جيانغشي خلال يومي 19 و20 ديسمبر من عام 2022. وعقدت الدورة الثالثة لمهرجان الفنون الصينية في صفاقس التونسية يوم 3 أغسطس من عام 2016.

كما تم عقد 4 دورات لندوة التعاون الصيني العربي في مجال الإعلام. عقدت الدورة الرابعة لندوة التعاون الصيني العربي في مجال الإعلام افتراضيًا يوم 24 نوفمبر عام 2020. وتم عقد 5 دورات لمؤتمر الصداقة الصينية العربية. عقدت الدورة الخامسة لمؤتمر الصداقة الصينية العربية في بكين خلال يومي 6 و7 نوفمبر من  2017. وتم عقد 3 دورات لملتقى المدن الصينية والعربية. عقدت الدورة الثالثة لملتقى المدن الصينية والعربية افتراضيًا في بكين في يوم 30 نوفمبر من عام 2022.

نظام بيدو

وتم عقد 4 دورات لملتقى التعاون الصيني العربي لنظام بيدو. عقدت الدورة الرابعة لملتقى التعاون الصيني العربي لنظام بيدو في الإسكندرية بمصر يوم 25 أكتوبر من عام 2023. وأقيمت 4 دورات لمنتدى المرأة الصينية والعربية. في يوم 21 يوليو من عام 2022، أقيمت الدورة الرابعة لمنتدى المرأة الصينية والعربية في بكين. وأقيمت دورتان لمنتدى التعاون الصيني العربي في مجال الصحة. في الفترة ما بين يومي 16 و18 أغسطس من عام 2019، أقيمت الدورة الثانية لمنتدى التعاون الصيني العربي في مجال الصحة في بكين. وأقيمت 6 دورات لملتقى التعاون الصيني العربي في مجال الإذاعة والتلفزيون. في يوم 10 ديسمبر من عام 2023، أقيمت الدورة الـسادسة لملتقى التعاون الصيني العربي في مجال الإذاعة والتلفزيون في مدينة هانغتشو الصينية.

وأقيمت 5 دورات لاجتماع الخبراء الصينيين والعرب في مجال المكتبات والمعلومات. في الفترة ما بين يومي 5 و6 ديسمبر من عام 2023، أقيمت الدورة الخامسة لاجتماع الخبراء الصينيين والعرب في مجال المكتبات والمعلومات في مدينة الرياض السعودية.وأقيمت 5 دورات لمؤتمر التعاون الصيني العربي لنقل التكنولوجيا والإبداع. في يوم 21 سبتمبر من عام 2023، أقيمت الدورة الخامسة لمؤتمر التعاون الصيني العربي لنقل التكنولوجيا والإبداع في مدينة يينتشوان الصينية. كما أقيمت دورة واحدة لمنتدى تنمية الشباب الصيني العربي. في يوم 30 نوفمبر من عام 2023، أقيمت الدورة الأولى لمنتدى تنمية الشباب الصيني العربي في مدينة هايكو الصينية.

الرابطة الصينية العربية للمؤسسات الفكرية

وتعد الرابطة الصينية العربية للمؤسسات الفكرية أحدث آلية أُنشئت تحت إطار المنتدى. ففي 14 يناير من عام 2024، وقع عضو المكتب السياسي للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني وزير الخارجية وانغ يي وأمين عام جامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط وثيقة التعاون بشأن إنشاء الرابطة الصينية العربية للمؤسسات الفكرية في القاهرة. وسيُعقد الاجتماع الأول للرابطة الصينية العربية للمؤسسات الفكرية في شهر يونيو من عام 2024 في مدينة شانغهاي الصينية.

تعليق عبر الفيس بوك