مأزق العدو في غزة (2- 2)

 

محمد بن سالم البطاشي

 

 

نواصل في الجزء الثاني من المقال، تلخيص أبرز نقاط المأزق الذي تلبس الاحتلال الإسرائيلي وقادته:

9- إدانة كيان الاحتلال في منابر دولية هامة مثل الجمعية العامة للأمم المتحدة ومحكمة العدل الدولية ومجلس حقوق الإنسان ومنظمات المجتمع المدني ووقوف ممثلي الكيان عاجزين عن رد سيل الاتهامات والانتقادات لأفعالهم الهمجية والتي فاقت كل خيال.

10- انكشاف جرائم إسرائيل أمام القاصي والداني وانهيار الصورة النمطية التي حرصت إسرائيل على تثبيتها في عقول الجمهور الغربي، وبات واضحًا حجم هذا التحول الكبير في الرأي العام العالمي بحيث أصبح يقض مضاجع الساسة الغربيين المؤيدين للصهيونية وربيبتها إسرائيل، ويهدد كراسيهم في أية انتخابات قادمة والانتخابات المحلية التركية الأخيرة خير مثال لما سيحدث للأحزاب والشخصيات الموالية لإسرائيل.

11- اتساع نطاق المقاطعة داخل المجتمع الغربي للبضائع الصهيونية والشركات والمؤسسات الغربية التي تدعم إسرائيل وجيشها (إيرلندا مثالا).

12- تصاعد وتيرة المقاومة في كل من اليمن، لبنان والعراق، حيث يتصدر اليمن السعيد المشهد بهجماته البطولية على السفن الإسرائيلية والأمريكية والبريطانية التي تحمل البضائع للعدو وضد تحالف ما يُسمى بحامي الازدهار التي تحاول دولة يائسة تأمين قوافل الإمداد اللوجستي للعدو، وكذلك ضربهم المتكرر والموجع لمدينة أم الرشراش وتعطيل مينائها.

13- حملة المقاطعة الشعبية الناجحة في العديد من الدول العربية لمنتجات الشركات والمؤسسات الداعمة للعدوان أياً كانت جنسيتها.

14- ذهاب نتنياهو وحكومته إلى شخصنة الحرب واعتبار استمرارها هو الضمانة الوحيدة لبقائهم في الحكم، دون مُراعاة للصالح العام، دفع بالكثير من الساسة إلى الانضمام إلى الشارع المشتعل المصمم على إسقاط نتنياهو وحكومته وانتخاب حكومة تستطيع التفاوض على إنهاء الحرب وعودة الأسرى.

هذا غيض من فيض المأزق الذي وجدت فيه حكومة العدو نفسها. وعلى الجانب المقابل نجد أن مرور الوقت يعمل لصالح المقاومة ويُمكن للمراقب رصد ذلك من خلال: تزايد أعداد القتلى وذوي العاهات المستديمة في صفوف العدو، حيث ترهقه عمليات الرعاية الطبية وإعادة التأهيل. وعجز العدو عن السيطرة على الأحياء والمدن التي يتوغل فيها ويضطر إلى نقل وسحب جنوده من حي لآخر لمُواجهة النقص الحاد في صفوفه. واستمرار إطلاق الصواريخ على عمق الكيان وغلاف غزة، الأمر الذي أصاب قادة العدو العسكريين والسياسيين بالحيرة والذهول وأضاف لهم عارا آخر.

كما تتزايد حالات الانتحار والحالات النفسية بشكل حاد وغير مسبوق في صفوف مجندي الجيش الذين يدخلون القتال وكأنهم يجرون إلى الموت جرا. علاوة على التكتيات والأساليب المبتكرة التي تتبعها المقاومة والتي أربكت جيش العدو وتركته عاجزا عن مجاراتها فضلاً عن التغلب عليها، وكذلك جرأة المجاهدين في مواجهة آليات وجنود العدو ومهاجمتهم له من المسافة صفر بكل ثقة واقتدار، وجبن وانهزامية جنود العدو في مواجهة المجاهدين المدربين تدريبًا عالياً والمتميزين بعقيدة راسخة وإيمان كالجبال بعدالة قضيتهم وحتمية انتصار الحق على الباطل. فضلًا عن الصمود الأسطوري للمواطنين في غزة في مواجهة جرائم الاحتلال التي لم يشهد لها التاريخ مثيلًا.

وأيضًا السيطرة الميدانية للمقاومة وخوضها معارك شرسة مع العدو وإيقاعها الخسائر المتتالية في صفوفه، وتماسك القيادة والسيطرة على المجاهدين من كل الفصائل من قبل قيادة المقاومة والذي حيَّر العدو.

من كل ما سبق، يتبيّن بوضوح أن العدو يعيش مأزقًا حقيقيًا ليس باستطاعته الخروج منه في ظل هذه الحكومة الفاشية الفاشلة، التي أصبحت مشلولة تمامًا بفعل الخلافات المستحكمة بين أعضائها؛ سواء في الحكومة الموسعة أو في مجلس الحرب، وما التأجيل المتتالي لاجتماعات مجلس الحرب إلّا إحدى تجليات هذه الأزمة ودليل فشلها المتفاقم يومًا بعد يوم.