د. خالد بن عبد الوهاب البلوشي
منذ نشأته في عام 1974 كميناء تجاري في ولاية مطرح العريقة، ساهم ميناء السلطان قابوس، في خلق طفرة تجارية واقتصادية من خلال استقباله للعديد من السفن التجارية والسياحية وأخرى متنوعة لعدة عقود متتالية، وفي عام 2011 صدرت توجيهات سامية من لدن المغفور له بإذن الله تعالى السلطان قابوس بن سعيد- طيب الله ثراه- بتحويل ميناء السلطان قابوس إلى ميناء سياحي ونقل النشاط الاقتصادي والتجاري إلى ميناء صحار.
ومنذ ذاك الحين تعاقبت المتغيرات على ميناء السلطان قابوس من خلال أفكار وإدارات وشراكات ولكن لم تتوقف حركة السفن السياحية إلى الميناء واستقبل مئات السفن والتي كانت تتوقف في الميناء لزيارة سلطنة عمان خاصة ولايتيّ مسقط ومطرح أيقونة ولايات السلطنة كونهما الأقرب إلى الميناء.
وتوالت على إدارة هذا المرفأ الجميل العديد من الشركات، وللأسف لم تتوفق هذه الإدارات في إضافة أي شيء ذي فائدة تُذكر للميناء إلّا النذر اليسير، والمُطّلِع والمُشاهِد لوضع هذا الميناء يتبيّن له أنه يفتقر إلى أي خدمة ذات قيمة سياحية تستفيد منها السفن والسياح الزائرين؛ حيث ترى بعينيك مدى تدني الخدمات وبدائياتها التي يتم تقديمها للسفن التي ترسو فيه. ناهيك عن بعد المسافة من مرسى السفينة إلى البوابات والتي تُحوِّل المسافة وقت الصيف إلى أتون من النار، وهي الطريق التي تقود السائح إلى خارج الميناء؛ حيث تُقابلك عشوائية تعامل أصحاب سيارات الأجرة، والذين وحدهم في معاناة لعدم توفر مظلات لائقة ومكان مرتب ومؤهل لهم، كما يُلاحظ أيضاً مغالاة أسعار سيارات الأجرة أحيانًا مما يسبب بعض المضايقات للسائح. ويجب أن نلاحظ أن أول ما يقابله السائح عند هبوطه من السفينة هو سيارات الأجرة والتي تعكس أهم انطباع عن سلطنة عمان. وهنا نود أن ننبه إلى أن أعداد سيّاح السفن تصل إلى مئات الآلاف سنويًا، وهو رقم ليس بالهين.
ونشير في هذا السياق إلى الدراسة الأولى لتطوير الواجهة البحرية لولاية مطرح وميناء السلطان قابوس، والتي قُدِّرَت بحوالي 500 مليون ريال عماني؛ أي ما يعادل 1.3 مليار دولار، على أن يتم تنفيذها خلال 8 إلى 10 سنوات بداية من عام 2016، مع وعود بخلق فرص عمل تزيد على 20 ألف فرصة؛ الأمر الذي أشاع بارقة أمل لسكان وأبناء وشباب ولاية مطرح والولايات المجاورة لها على أن ينتهي المشروع بحلول عام 2027.
غير أن المشروع تعطّل وتم نقله إلى شركة داماك الإماراتية عام 2017 بعقد قارب 2 مليار دولار أي ما يعادل 750 مليون ريال عماني، ولاحقًا وبعد فترة زمنية ليست بالبعيدة تم إنشاء شركة مطرح للتطوير السياحي كبديل عن شركة داماك، التي تخارجت من المشروع، وجرى نقل أصول الشراكة إلى شركة مطرح للتطوير السياحي، على أن تتولى شركة عمران التطوير العقاري للمشروع. ولكن ومن ذلك الحين- أي قرابة 4 سنوات- والميناء في وضع لا يُحسَد عليه، وظل "محلك سر"، وهي وضعية لا تتناسب مع مكانة وتاريخية هذا المرفأ الاستراتيجي، لافتقاره لأدنى المقومات السياحية والخدمية التي يمكن أن ترتقي به إلى مستوى ميناء سياحي على غرار الموانئ السياحية في المنطقة والعالم.
لذا نتساءل ونبحث عن إجابات شافية لأسباب تأخُّر تنفيذ مشروع الواجهة البحرية وتطوير ميناء السلطان قابوس السياحي، علي الرغم من وجود دراسات جدوى سابقة حول ذات الموضوع؛ كون هذا المشروع- حسب ما نُشر حينذاك- أنه يعد أحد مصادر تنويع الدخل، وكلنا على ثقة أن هذا المرفأ واحد من أكثر المرافئ حيوية على بحر عُمان. فهل سيجري التطوير أم يبقى الحال على ما هو عليه؟