الأمان الزلزالي للأبنية والمنشآت في سلطنة عُمان

 

د. حافظ الصادق *

 

تشير الدراسات والأبحاث حول النشاط الزلزالي في سلطنة عُمان إلى أن زلزالية سلطنة عُمان يمكن تقسيمها إلى منطقتين رئيسيتين. المنطقة 1(zone 1)) وهي منطقة ذات شدة لزلزالية متوسطة وتشمل عدة مدناً مثل مسقط وصحار وخصب والمنطقة 2 (zone 2) وهي منطقة ذات شدة زلزالية منخفضة نسبيًا وتشمل عدة مدن مثل نزوى وصور وصلالة.

وبناء على هذه الدراسات التي يقوم بها مركز الرصد الزلزالي في جامعة السلطان قابوس فقد صدر الكود الزلزالي العُماني في مايو عام 2013 وقد عمم على جهات حكومية وخاصة ليتم العمل بموجبه في كافة مجالات القطاعات الهندسية. يعطي الكود الهندسي المذكور القواعد والإرشادات المتعلقة بتصميم أبنية جديدة مقاومة للزلازل؛ حيث يتم أخذ القوى الزلزالية بالحسبان عند التصميم الإنشائي لهذه الأبنية.

هذا بالنسبة للأبنية الجديدة، لكن ماذا عن المنشآت والأبنية القائمة والتي صممت وبنيت دون مراعاة الأحمال والشروط الزلزالية في التصميم. من حيث المبدأ فإن هذه الأبنية والمنشآت تعتبر غير مقاومة للزلازل وتقع في المنطقة الزلزالية الأولى وهي الأشد خطورة. على سبيل المثال، تعتبر المدراس هامة جدا، حيث يرتادها ما يزيد عن مليون طفل وإذا حصل الزلزال فإن هذه المدارس سوف تتعرض إلى درجات مختلفة من الأضرار ويمكن أن تصل لدرجة الانهيار الكامل وإذا تصادف حصول الزلزال خلال تواجد الطلاب في مداسهم فإن الوضع سيكون أقرب إلى الكارثة الإنسانية من حيث عدد الوفيات والإصابات بين الطلاب وأساتذتهم.

إن دراسة الأمان الزلزالي لهذه الأبنية والمنشآت يعتبر أمرا ذا أهمية بالغة للوقوف على حجم الأضرار التي يمكن أن تقع في حال لا قدر الله حصول زلزال في هذه المناطق كما هو متوقع. يمكن البدأ بإجراء تقييم الأمان الزلزالي للأبنية الهامة أولا مثل الأبنية الحكومية بما فيها الوزارات وأبنية التعليم والمستشفيات ودور العبادة. إذا تبين أن هذه الأبنية غير مقاومة للزلازل فإن الخطوة الهامة التي يجب اتخاذها هي إجراء عملية تدعيم وتقوية لهذه المباني.

إن الكثير من الدول المعرضة للخطر الزلزالي شرعت منذ وقت تطويل بتقييم الخطر الزلزالي على المباني والمنشآت والبنية التحتية وتتخذ الإجراءات والتدابير الهندسية اللازمة لجعل هذه المنشآت آمنة؛ وذلك بحسب الأولويات والإمكانيات المتوفرة. نعني بالأمان هنا أن هذه الأبنية سوف تتعرض لأضرار لكن لن تنهار بفعل الزلازل المتوقعة لأن الانهيار يعني فقدان الأرواح فضلا عن العامل الاقتصادي أما الوصول إلى الأمان الكامل لهذه الأبنية فهو غير اقتصادي وغير مبرر. بالنسبة للمشافي وبعض المنشآت الحكومية فيجب العمل على رفع أمان هذه المنشآت بحيث يمكن أن تبقى قابلة للاستثمار مباشرة بعد الزلزال لأهمية دورها في مرحلة ما بعد حدوث الزلزال. في الواقع ستشكل كثير من المباني الحكومية مراكز لإدارة الكارثة حال حصول الزلزال، كما إن المشافي سوف تصل إلى طاقة استيعابها القصوى نظرًا لكثرة عدد الجرحى والمصابين بفعل الكارثة الزلزالية لا قدر الله. إن أبنية القطاع الخاص لابد من الاهتمام بها أيضا ويمكن للبنوك أن تلعب دورا هاما في تمويل تدعيم المنشآت الخاصة بقروض ميسرة. إننا هنا ندق ناقوس الخطر ونعتقد أن الجهات المعنية من وزارة الإسكان والبلديات وجمعية المهندسين العُمانيين يمكنها المبادرة والبدء بالخطوات العملية بهذا الشأن.

  1. Oman Seismic Design Code for Buildings (2013), Earthquake Monitoring Center, Sultan Qaboos University, Sultanate of Oman.

 

** رئيس قسم الهندسة المدنية والبيئية

كلية الهندسة - الجامعة الوطنية للعلوم والتكنولوجيا

تعليق عبر الفيس بوك