تقسيم المقسَّم وتجزئة المجزَّأ

 

 

د. أحمد بن علي العمري

لقد أمضت المملكة المتحدة -البلاد التي لا تغرب عنها الشمس- سنوات بل وعقودًا وقرونًا وهي تقسِّم العالم على هواها، وحسب مصالحها الخاصة، لتأتي بعدها الولايات المتحدة الأمريكية لتُكمِل ذات المشوار وبالتنسيق في أغلب الأحيان مع المملكة المتحدة، ومن خلفهم أوروبا.. قسَّموا وجزَّأوا إفريقيا وحتى بعض البلدان الأوروبية وآسيا وأمريكا اللاتينية، وحدَّدوا أستراليا وكندا، ولكنَّ النطاق الكبير والملعب الواسع كان في العالم العربي والإسلامي؛ فجعلوا الحدود متداخلة ومتشابكة ومعقدة، ليختلف من يأتي بعدهم وهم سكان الأرض، ويتحاربوا، وذلك حتى يعتمدوا عليهم بعد انسحابهم في كل شيء، خاصة شراء الأسلحة والذخائر ليقتلوا بها بعضهم البعض، ويبقوا هم يتفرجون ويتابعون عن بعد... وهذا الذي حصل!

ولم يكتفوا بهذا، بل زرعوا إسرائيل في قلب الأمة العربية والإسلامية في أرض أولى القبلتين وثالث الحرمين؛ من خلال وعد بلفور المشؤوم، وهو الذي جعل الصراع يستمر إلى يومنا هذا.

وفي السابع من أكتوبر، عندما حدث طوفان الأقصى، هبُّوا ببوارجهم وطائراتهم وأسلحتهم بل وبجنودهم وكل إمكانياتهم لمساعدة اسرائيل والوقوف معها، وهم يعلمون علم اليقين أنها المعتدية والمحتلة والغاصبة ظلما وبهتانا، رامين بعرض الحائط كل ادعاءاتهم عن الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان، هذا إضافة للحروب المدمرة التي خاضوها في شتى أصقاع العالم من قنابل هيروشيما ونجازاكي، إلى فيتنام وحرب الفوكلاند في الأرجنتين، إلى تدمير أفغانستان والعراق ولبيبا والسودان واليمن وسوريا.

يقول المثل: "على الباغي تدور الدوائر"، والدنيا دوارة والدوام لله رب العالمين.. إسرائيل التي يدعون أنَّ جيشها لا يُقهر لم تقدر على عدد من المقاومين الأبطال في غزة، وأمريكا وبريطانيا لم يقدروا على أنصار الله في اليمن.. يا سبحان الله، أين القوة والعظمة والهيبة والإمكانيات والمقدرات؟ لقد أثبتت هذه الأحداث أن الإرادة أقوى من كل ذلك.. وهنا أتذكر قول الشاعر:

إذا الشعب يوما أراد الحياة

فلابد أن يستجيب القدر

ولايفوتني هنا أن أفتخر وأعتز بموقف مولاي حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- الثابت الراسخ على الحق والمبادئ والقيم، وموقف بلادي حكومة وشعبا الذي لا يتزخزح ولا يحيد.. حفظ الله عمان وسلطانها وشعبها.