دور بارز لـ"هيئة تنمية المؤسسات" في تمويل ودعم رواد الأعمال

إدارة التمويل.. كلمة السر لنمو المشروعات الصغيرة والمتوسطة والتغلب على التحديات المالية

 

الرؤية- سارة العبرية

تساهم هيئة تنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بشكل كبير في تعزيز دور المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في الاقتصاد الوطني، من خلال الدعم الذي تقدمه لأصحاب هذه المؤسسات سواء كان الدعم ماليا أو من خلال تأهيل رواد الأعمال وإرشادهم لتحقيق النجاح والنمو للمشاريع التي يشرفون عليها.

وعلى مستوى التمويل، فقد أجرت الهيئة تعديلات عامة على الإجراءات المنظمة لمنح تمويلات للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة والحرفيين، والتي تضمنت إلغاء الحد الأقصى لمبلغ القرض؛ حيث أصبح تحديد قيمة القرض يعتمد على خصائص كل برنامج تمويلي، كما تم إلغاء البند الذي يحد من تمويل المستفيد بنسبة لا تزيد عن 50% من مبلغ التمويل الأصلي، بالإضافة إلى إلغاء الرسوم الإدارية للقروض التي لا تتجاوز 20 ألف ريال عماني.

وأتاحت اللائحة بتعديلاتها الجديدة مرونة واسعة لفترات صرف القرض وذلك حسب احتياجات المشروع وطبيعته مع إمكانية تمويل مشاريع حصلت على تمويل سابق بقيمة قروض مرنة وفق البرامج التمويلية.

وتعتبر إدارة التمويل والأمور المالية في المشاريع الصغيرة أو المتوسطة (SMEs)  أمرًا مهما للنجاح والاستمرارية في الأعمال التجارية، ويشمل ذلك التخطيط والتنظيم والرقابة على الأموال المتاحة واستخدامها بكفاءة، إذ تبدأ العملية بإعداد خطة عمل شاملة تضمن خطة مالية تفصيلية تحدد التكاليف الأولية، ومصادر التمويل، وتوقعات الإيرادات والنفقات.

وأحد الجوانب الحاسمة في إدارة المالية هو تحديد الاحتياجات المالية بدقة، والتي تشمل تكاليف البدء، ورأس المال العامل، والاستثمارات في الأصول الثابتة، ويتطلب هذا التحليل العميق لكل جانب من جوانب العمل وتقدير النفقات والإيرادات بواقعية، وبعد تحديد الاحتياجات المالية، يأتي دور استكشاف مصادر التمويل المتاحة، والتي قد تشمل القروض البنكية، التمويل الجماعي، الاستثمارات الملاك، أو حتى الاستثمارات الرأسمالية المخاطرة. وتعتبر إدارة التدفقات النقدية حجر الزاوية في الإدارة المالية للمشاريع الصغيرة والمتوسطة؛ أي يجب على الشركات مراقبة التدفقات النقدية بعناية لتجنب نقص السيولة، الذي يمكن أن يعرقل العمليات ويحد من قدرة الشركة على النمو، ويتطلب هذا من المديرين تحديد فترات تجميع الإيرادات وتوقيت النفقات بدقة، بالإضافة إلى الاحتفاظ بمخزون نقدي احتياطي لمواجهة الطوارئ والفرص غير المتوقعة.

أما التخطيط الضريبي فيمثل جزءًا حيويًا من الإدارة المالية، ويجب على الشركات فهم التزاماتها الضريبية والتخطيط لها بشكل فعّال لتحسين العبء الضريبي، وهذا يتطلب التعاون مع مستشارين ضريبيين وماليين لاستكشاف الفرص الضريبية وتجنب المخاطر والعقوبات المحتملة.

ولقد حققت سلطنة عمان قفزة في مؤشر ريادة الأعمال بحلولها في المركز الحادي عشر من بين 49 دولة مشاركة في تقرير المرصد العالمي لريادة الأعمال للعام 2023 / 2024، متقدمة 27 درجة عن ترتيبها في عام 2022 / 2023.

وخلال العامين الماضيين، أطلقت هيئة تنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وبالتعاون مع بنك التنمية العماني 7 برامج تمويلية لتقديم التمويل المالي لرواد الأعمال للانطلاق وتوسعة مشاريعهم محليا وخارجيا، وتحفيز رواد الأعمال والباحثين عن عمل لاستكشاف الفرص في بيئة ريادة الأعمال بكل أريحية لممارسة أعمالهم.

وبلغ إجمالي عدد طلبات التمويل التي وافقت هيئة تنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة على تمويلها من المحفظة الإقراضية للهيئة حتى نهاية ديسمبر من العام الماضي 260 طلبا، بقيمة إجمالية بلغت 24,830,510 ريالات.

وتسعى الهيئة لاحتضان المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في مختلف محافظات سلطنة عُمان بالتعاون مع المؤسسات المعنية في القطاع الحكومي والخاص، حيث أطلقت منذ تدشينها 15 حاضنة أعمال عامة وتخصصية.

وتُشير الإحصائيات إلى أن نسبة البقاء على قيد الحياة للمشاريع الجديدة تكون متفاوتة بشكل كبير؛ حيث تفشل حوالي 20% من الشركات الجديدة في أول عام لها، بينما يتمكّن حوالي 50% من هذه الشركات من الاستمرار لمدة خمس سنوات أو أكثر، ومن ثم يقل العدد إلى حوالي 30% للشركات التي تستمر لأكثر من عشر سنوات، وهذه الأرقام تلقي الضوء على أهمية الإدارة المالية الفعالة مع ضرورة وضع استراتيجيات مالية قوية منذ البداية.

وبحسب بيانات هيئة تنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، فإن إجمالي عدد المؤسسات الصغيرة التي ارتفع تصنيفها إلى مؤسسات متوسطة خلال عام 2023 بلغت 167 مؤسسة، بينما بلغ عدد المؤسسات المتوسطة التي نمت إلى مؤسسات كبيرة 31 مؤسسة.

وتقدر الحاجة إلى رأس المال العامل للمشاريع الصغيرة والمتوسطة بما بين 30,000 إلى 100,000 دولار سنويًا لتغطية التكاليف التشغيلية والحفاظ على السيولة المالية، وهذا يُظهر مدى أهمية تأمين التمويل الكافي في المراحل المُبكرة.

أما بالنسبة لمصادر التمويل، فتكشف الدراسات أن حوالي 75% من التمويل الأولي للمشاريع الصغيرة يأتي من المدخرات الشخصية، قروض الأسرة والأصدقاء، والقروض البنكية، في حين يتم الحصول على الباقي من خلال مستثمرين مُلاّك أو شركات رأس المال المخاطر، ويُعد التنوع في مصادر التمويل أمرًا حيويًا لتقليل المخاطر المالية وضمان استمرارية العمل.

كما تُظهر الإحصائيات أهمية التخطيط الضريبي؛ حيث يمكن للمشاريع الصغيرة والمتوسطة أن توفر ما بين 10% إلى 30% من التكاليف التشغيلية من خلال استغلال الإعفاءات والتخفيضات الضريبية المتاحة بشكل فعال، وهذا يُسلط الضوء على أهمية الإدارة الضريبية الذكية والتخطيط المالي السليم.

وتُبين البيانات أن حوالي 60% من الشركات التي تواجه مشاكل في السيولة تعاني بسبب إدارة التدفقات النقدية غير الفعالة، وليس بالضرورة بسبب نقص الإيرادات، وهذا يُؤكد على أهمية مراقبة التدفقات النقدية بعناية وتطبيق استراتيجيات فعالة لإدارة النقد.

تعليق عبر الفيس بوك